يصاب الإنسان بالذهول حين يكتشف أن المدى الذي يمكن أن ينحدر إليه بعض المتطرفين في الفكر والمعتقد هو في الحقيقة بلا حدود..!! فمن الغريب أن يأتي من يحمل «فكرة» يعتقد أنها دينية، أياً كان الدين، ثم -باسم ذلك الدين- يقترف أبشع جريمة وهي الاعتداء على الأنفس بغير وجه حق. في التاريخ البشري كانت هناك جرائم ومجازر كثيرة تم ارتكابها باسم الله وباسم الدين.. وحتى في أوروبا التي قد نراها متحضرة الآن، كانت المذابح التي تقشعر لها الأبدان تحدث باسم الدين وبمباركة من أكبر المقامات الدينية. ولم يكن هذا يحدث فقط في تاريخهم القديم، لكنه حدث أيضاً في عصور متأخرة. إنه الهوس الديني الذي يقود إليه الجهل بأبسط مقومات الدين، فالأديان -وليس الخرافات- تقوم أساساً على تغليب جانب الرحمة بالإنسان لا قتله والاعتداء عليه. أما الإسلام، ديننا الحنيف الذي نرى أنه الحق، فهو بلا جدال دين الرحمة والعدل والتسامح والخير؛ فكيف يجرؤ بعض من ينتسبون إليه -وباسم الدين!!- على نسف كل هذه القيم، والعمل على تدمير المجتمع ونشر العنف والقتل والتفجير. كيف يجرؤ من ينتسب إلى هذا الدين على استخدام المساجد لتخزين المواد الكيميائية لصنع المتفجرات التي يراد بها قتل الناس بينما المساجد هي دور لعبادة الله وليست معامل ومختبرات كيميائية فضلاً عن أن تكون أوكاراً للتآمر ضد المجتمع والبلد! وأيُ بلد!؟ بلد الحرمين الشريفين..!!. لا أظن أن هناك مواطناً واحداً لم يتألم عند سماعه الأخبار عن نشاط الخلية الإرهابية التي تم الكشف عنها في مدينة الرياض وما كانت تزمع القيام به من أعمال إجرامية، وكذلك الخلية التي كانت تعمل في جدة لتحقيق نفس الأهداف الإجرامية. مؤلم أن يبيع هؤلاء الشباب عقولهم لغيرهم وأن ينخدعوا بهذه السهولة ثم يتحولون إلى معاول هدم لتدمير مجتمعهم؛ فهل يريدون أن تتحول البلد إلى أفغانستان أخرى أو إلى صومال أخرى!. إن العنف إذا ضرب بلداً من البلدان لن يتوقف عند حد، وسوف يلتهم الأخضر واليابس، وهذا ما تعلَّمه أهل أفغانستان وأهل الصومال، ومن قبلهم اللبنانيون عبر تجارب قاسية استمرت سنوات طويلة. لقد دمَّر العنف هذه البلدان، فعادت إلى الخلف عشرات السنين وتحولت إلى خراب وهاجر كل مَن يستطيع الهجرة مِن أهلها وانتشروا في بلدان العالم يصارعون أقسى الظروف والذل والهوان بعد أن كانوا أعزة في ديارهم. فهل هذا ما يريده المتطرفون لبلدهم ولمواطنيهم!؟. نحمد الله أن تم القبض على زعيم وأعضاء هذه الخلية الإرهابية، وندعو الله أن يحمي بلادنا من شرورهم، فلا شيء مثل نعمة الأمن، وعندما يغيب الأمن يكون المجتمع قد أصبح بالفعل على حافة الانهيار. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض