لطالما حل وصف البحر في علم البيان، والمعاني، والبديع بصور مُتنوّعة ومتضادة فهي (ملفتة) حيناً، و(مؤثرة) حيناً و(آسرة) حيناً آخر.. تبعاً لموقعها من الشعر أو النثر.. مما جعل لامتداد معنى البحر شموليته في الجمال، والفن التشكيلي، والطربي الأصيل، ولا يكاد يخلو وصف من صيغ - بلاغية - لمعنى من معاني البحر.. ففي الثقافة يشار لأحدهم بأن ثقافته كالبحر في غزارتها، وفي التعامل يقال إن أحدهم بحر من الغموض - بصرف النظر عن القبول به أو النفور منه - إلى آخر ما سوى ذلك. وإذا ما اختصرنا وجهاً من أوجه الجمال الذي وثقه الشعر فهو (جدةالمدينة الحالمة) التي قال عنها مهندس الكلمة الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن: (اسقي كل البحر من طلِّك عذوبة.. وانثري ضيّك عليه.. في السماء مر.. وشذى عطرك في ثوبه.. وماسك الشمس بأيديه.. وش عليه يلعب ف شعرك هبوبه.. ويغسل أقدامك في مدّه.. ويكتم أسرارك في جزره.. ويلقى في رملك لخدّه.. لا تعب رمل ومخدّه.. وكل ما جاء الطاري في عرس وخطوبه.. وقلنا مين هي العروس.. قالوا: جدة!!). ولمدينة جدة سحرها الخاص الذي لا يقف عند حب هذه - المدينة الحالمة - المفعمة بالجمال والهدوء والرقي بزيارة من فينة لأخرى.. فقد يمتد تأثيره للمكوث في هذه المدينة الحالمة - طول العمر - وهذا ما جسده الشاعر الأمير عبد الله الفيصل - رحمه الله - بقوله: تَخيَّرت جدة منزلٍ لي من الأوطان على شانكم، يا ريف قلبي ومرباعه زرعنا بذور الحب في ملتقى الخلجان على ساحل (ابحر) يوم الأيام جمَّاعه ويقول الأمير خالد الفيصل في إحدى روائع الفنان محمد عبده: عشّاق (يالساحل الغربي) فلّيت في بحرك شراعي يا موج هوِّن على قلبي داعيه من شطّكم داعي اللي لها مبسمٍ عذبي رعبوب وعيونها وساعي مملوحةٍ زادها ربِّي لفتة ظبي يوم يرتاعي لو ما تهيّت على دربي لقتني بدربها ساعي حنّيتها من حمل ذبني لي متّ وعيونها تراعي لهذا لا ألوم أخي وصديقي الغالي الشاعر الرائع (طلال حمزة) حينما صدح - ذات صيف - بقصيدته جدة غير..! [email protected]