ليس من حق أي دولة من دول العالم الإسلامي أن تمتعض من التخفيض المؤقت لعدد الحجاج لهذا العام، فقرار التخفيض هو قرار استثنائي مؤقت - كما قال وزير الحج السعودي الدكتور بندر حجار - وهو مرتبط بمشروعات التوسعة التي يشهدها الحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة، وبعدها ستعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً بل أفضل - إن شاء الله - بحكم زيادة المساحة التي سيتم إدخالها إلى المتاح حالياً. وإذا كان القرار قد خفَّض عدد الحجاج من الخارج بنسبة 20 في المائة فإنه خفض عدد حجاج الداخل بنسبة 50 في المائة. وبمعنى آخر، فإن القرار لم يستثنِ دولة من الدول وكان نصيب السعودية من التخفيض أكبر من الدول الأخرى. وقد تابعت اللقاء الذي أجرته القناة الأولى مع وزير الحج الدكتور الحجار الذي أوضح أن المطاف في الحرم المكي الشريف كان يستوعب قبل التوسعة 48 ألف طائف في الساعة، لكنه انخفض الآن أثناء العمل في مشروع التوسعة إلى 22 ألف طائف في الساعة وسترتفع طاقته الاستيعابية إلى 105 الاف طائف في الساعة عند انتهاء العمل بالمشروع. وهذا مثال واحد فقط على ما يشهده الحرم المكي والمشاعر المقدسة من أعمال إنشائية تحتم تخفيض عدد الحجاج. من الواضح، إذن، وبمقتضى أي حساب بسيط للمساحات الشرعية المتاحة للحجاج أن إبقاء عدد الحجاج على ما كان عليه سابقاً سيؤدي إلى اختناقات ومشكلات وربما كوارث - لا سمح الله - سيكون الحجاج أول المتضررين منها، وهو شيء لا يمكن على الإطلاق أن تسمح به المملكة التي شرفها الله بخدمة الحجيج ورعايتهم وتقديم أفضل الظروف الممكنة لجعل حجهم سهلاً ميسراً. ومن تجارب الماضي تعلمنا أن بعض البلدان الإسلامية لا يعجبها تحديد عدد الحجاج وفق الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة وترغب دائماً في زيادة العدد المخصص لحجاجها، لكنها أول من يسارع إلى الاحتجاج والامتعاض عندما تقع بعض الحوادث للحجاج حتى لو كانت تلك الحوادث بسبب عدم التزام الحجاج أنفسهم بالتعليمات وقواعد السلامة. ربما أن حكومات تلك الدول تفعل ذلك بدوافع سياسية محضة للاستهلاك الداخلي، كما يُقال، ورضوخاً لضغوط شعبية وحزبية تُمارَس ضدها. لكن، بالنسبة للمملكة، فإن الحج وسلامة الحجيج أكبر من جميع هذه الاعتبارات السياسية الداخلية التي تواجهها تلك الحكومات. وبصراحة، فإن على تلك الحكومات أن تحل مشكلاتها الداخلية بنفسها ولا تزج بموضوع كبير كالحج في أتون الجدل السياسي المستعر بين الأحزاب والمجموعات السياسية على الساحة الداخلية هناك. يكفي أن المملكة تنفق مليارات الريالات بسخاء لا نظير له من أجل توسعة المشاعر المقدسة، وأن مشروع توسعة الحرم سيضيف أربعمائة ألف متر مربع إلى المساحة الحالية للحرم المكي الشريف ليستوعب 2،2 مليون مصل، كما أن المسعى الذي يستوعب 44 ألف ساع في الساعة بمسارية سوف يستوعب بعد إنجاز المشروع أكثر من مائة وثلاثين ألف ساع في الساعة في جميع الطوابق والأسطح. وهذه التوسعات كافية - إن شاء الله - لاستيعاب أي زيادات معقولة في عدد الحجاج والمعتمرين. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض