إن من يحب وطنه لا يمكن له أن يفكر ولو للحظة واحدة مهما كان الثمن أن يخون وطنه أو يبيعه، أو يضع يده في يد العدو، إلا في حالة واحدة، أن يكون الخائن لوطنه قد رضي أن يبيع وطنه الذي يوفر له الأمن والرخاء، وارتضى أن يكون (دمية) في يد الأعداء يلهون به كيفما يشاؤون، (وذنباً) من أذنابهم يسخرونه لمصلحة أجندتهم ثم يرمونه بعد أن تتحق أهدافهم «رمية الكلاب». وهذه النهاية الحتمية لكل خونة الوطن في كل زمان ومكان. ولعل بعضنا قرأ قصة نابليون ورفضه مصافحة أحد الخونة لوطنه، والمتعاون مع جيشه، حينما قدم الرجل ليستلم حصته من المال وكان نابليون يسلمها بنفسه، وقد مد يده ليسلم على القائد الفرنسي الذي قال له «خذ حفنة المال مكافأة لك، أما يدي فلا تصافح من يخون بلده»! أتعلمون لماذا فعل القائد الفرنسي ذلك؟ لأن الوطن هو (الشرف والعرض والعهد والماضي والمستقبل وكل شيء)، ومن يتنازل عن هذه المبادئ، ويسيل لعابه لحفنة من الدراهم، أو ينجرف خلف شعارات الأعداء خدمة لأهدافهم، ويبيع انتماءه لبلده ودينه ومجتمعه بأبخس الأثمان، فهذا لا يستحق العيش فوق ثراه، ولا يشرف الوطن به. ورحم الله ابن الرومي حين قال (ولي وطن آليت ألا أبيعه.. وألا أرى غيري له الدهر مالكا). ولعل خبر القبض على خلية تجسسية مؤخراً (يكون رسالة لأعداء الوطن في الداخل والخارج) بأن حماة الوطن من جنود ومواطنين في خندق واحد صاحون لهم، وأعينهم ساهرة لحفظ مقدرات الوطن ومكتسباته وحدوده، وأن من تحدثه نفسه بالعبث بأمن الوطن وإثارة البلبلة وزعزعة الاطمئنان الذي ينعم به سكانه في جميع جهاته، لن تتحقق أهدافه، وسُيفضح أمره، وتُكشف مخططات من يقف خلفه، كائناً من كان، دولاً كانت، أم جهات أم مجموعات. وهذا ما ينبغي على أبناء الوطن القيام به في هذا الوقت الراهن الذي تحف فيه بمنطقتنا أحداث ومخططات، أن يضعوا أيديهم في أيدي بعضهم، ويقفوا مع (قيادتهم) صفاً واحداً، وأن يستذكروا ويذكّروا الجيل الحاضر، كيف كانت أوضاع الوطن قبل أن يتوحد على يد المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود حينما كان يسوده الخوف والجوع والتشرذم، وألا يستمعوا لدعوات وشعارات يرفعها ناعقون هنا وهناك هم في الحقيقة أعداء للوطن، وألا ينخدعوا بدعوات يغلفها أصحابها بأسماء براقة تحت مسميات (الناشطين الحقوقيين، ودعاة الإصلاح) وهم أبعد ما يكونون عن (الحق والإصلاح). فثقتنا كبيرة في قيادتنا التي تسعى لبناء الوطن ونهضته، وإصلاح شؤونه، وكلنا ثقة برجال الأمن وحماته في أن يؤدوا دورهم الأمني. وندعو الله مخلصين، أن يخيب أهداف أعداء الوطن في الداخل والخارج، فقولوا معي آمين.