رصدت «الجزيرة» الجولة الإفريقية التي قام بها وفد رابطة العالم الإسلامي برئاسة معالي أمينها الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي وشملت خمسة دول إفريقية بدأت من نيجيريا وانتهت في السودان مروراً بالغابون والكونغو برازافيل وتنزانيا الاتحادية، وما واكب هذه الجولة من فعاليات دعوية ولقاءات مع رؤساء تلك الدول وكبار المسؤولين فيها والعلماء والمشايخ والدعاة وزيارات للمؤسسات والهيئات الإسلامية والأكاديمية والعلمية والشرعية، والتعرف على حاجات المسلمين في هذه البلاد والصعوبات التي تواجه الدعوة، وتجسيد التواصل معها، والتأكيد على وحدة الصف ونبذ الفرقة، وجمع الكلمة والذود عن حياض الدعوة الإسلامية وكشف حقيقة الشبهات التي يروجها أعداء الإسلام عن الدين الإسلامي. نيجيريا البداية بدأت جولة وفد الرابطة بنيجيريا، حيث وصل إلى مدينة سكوتو واستقبله حاكم الولاية، وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن هذه الزيارة تعبر عن تعاون المسلمين وأن المملكة العربية السعودية هي رائدة التضامن والتعاون الإسلامي، وما زال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- متابعاً حريصاً على تحقيق التضامن الإسلامي، وقد جدد - أيده الله - مفاهيم هذا النهج في مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي الرابع الذي رعاه في شهر رمضان الماضي بمكة المكرمة، حيث وضع المؤتمر أسس التضامن ومفاهيمه موضع التنفيذ، معرباً عن رغبة الرابطة في استمرار العمل المشترك بين الرابطة ونيجيريا، كما تمت زيارة السلطان سعد أبوبكر الثالث سلطان ولاية سوكوتو، الذي أشاد بالعلاقات التي تربط بلاده بالمملكة العربية السعودية، متمنياً تحقيق الوحدة واستمرار العمل المشترك بين المسلمين، منوهاً بسياسة المملكة العربية السعودية وبجهودها في مجالات الوحدة الإسلامية. ومن جانبه بين الدكتور التركي حرص رابطة العالم الإسلامي على توحيد الصف الإسلامي، وأن ذلك يجب أن يكون على أساس من النهج الإسلامي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو النهج الذي كان عليه سلف الأمة وصناع حضارتها الرائدة، وإن الرابطة منظمة إسلامية شعبية عالمية تعمل على التعريف بمبادئ الدين الإسلامي وتوضيح سماحته وعدالته من خلال الحوار واللقاءات المشتركة، كما تعمل على تحقيق توجيهات خادم الحرمين الشريفين لتعزيز اللقاءات المشتركة للحوار بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات والثقافات الأخرى، وهو حريص على ذلك لأن الحوار نافذة واسعة للتعريف بالإسلام ولتحقيق التعاون بين مختلف الناس في المشترك الإنساني. الإسلام وأسس التعايش السلمي وفي معهد السلطان محمد ماسيدو لتعليم القرآن الكريم والدراسات العامة في سوكوتو افتتح نائب رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية السيد محمد نمادي سامبو المؤتمر العالمي «الإسلام والتعايش السلمي، إذ ألقى كلمة رحب فيها بعقد رابطة العالم الإسلامي للمؤتمر وبالجهود التي تبذلها بالتعاون مع المؤسسات الإسلامية لنشر مفاهيم التعايش السلمي في المجتمعات الإنسانية انطلاقاً من مبادئ الإسلام، منوهاً بالعلاقات الأخوية المتميزة بين بلاده والمملكة العربية السعودية، مع حرص نيجيريا الاتحادية على التعاون مع المملكة لتحقيق التضامن الإسلامي بين دولة الأمة الإسلامية وفق مبادئ الإسلام. بعدها ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي كلمة قال فيها: «إن الاختلاف بين الناس من الأمور التي أجرى الله عليها أحوال المجتمعات البشرية، وأقضته حكمته الإلهية: {وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم} (48) سورة المائدة. ومادام الاختلاف أمراً واقعياً لا سبيل إلى إنهائه، فإن الذي يمكن فعله بين الفئات المختلفة، هو عدم تحول هذا الاختلاف إلى عامل من عوامل الصراع، ومصدر لمشكلات مرهقة للفئات المختلفة، تنعكس بتداعياتها السلبية على الحياة بمختلف مجالاتها، وبالدرجة الأولى الاقتصادية والمعيشية، حين تفقد الثقة ويحل محلها التوتر والحذر، وتكثر التدابير الاحتياطية فتتعطل الطاقات ويحرم الناس من الأمن والاستقرار والعيش الكريم. وفي هذا العصر المليء بالتحديات التي أفرزتها الجوانب السلبية للتكنولوجيا، كالأسلحة الفتاكة، والتعديل الوراثي للمزروعات والدواجن، والتلوث البيئي من نفايات المصانع والإشعاع النووي، إضافة إلى ازدياد عدد السكان والتنافس على الموارد الطبيعية، أصبح التعايش السلمي بين الدول والشعوب من أهم القضايا التي تحتاج من القيادات الدينية والاجتماعية والسياسية إلى تعاون في خدمتها، وتوسيع آفاقها وتعزيز مساراتها. واستعرض المؤتمر ما قدمه مسلمو نيجيريا من جهد مشكور في التعريف بالإسلام والدعوة إليه، وأبدى اعتزازه بإسهاماتهم الحضارية، وتواصلهم مع شعوب غرب أفريقيا، ودعاهم إلى بذل المزيد من الجهود، والتواصل فيما بينهم، والتعاون والتنسيق في المستجدات المتلاحقة، واتخاذ مواقف متكاملة تحفظ عليهم دينهم، وتصون أخوتهم، وتستبقي ألفتهم، وتستكمل مسيرتهم في نشر رسالة الإسلام، والتعريف بمبادئها، وأسسها في تعزيز الأمن والعدالة والسلام. ودعا المؤتمر إلى ما يلي: تنسيق جهود علماء نيجيريا، وتوحيد كلمتهم، وذلك بإنشاء هيئة عليا للعلماء والدعاة؛ لتعزيز العمل الإسلامي المشترك، والتعاون مع الهيئة العالمية لعلماء المسلمين التابعة للرابطة، والحرص على الاعتدال في الخطاب الإسلامي، وأن يراعي الزمان والمكان، وأن يعنى بمشكلات المجتمع المعاصرة، ويتحسس حلولها الإسلامية، وفق برامج وطنية توافقية يسهم في إنجازها الجميع، مع تعاون الجامعات مع العلماء والدعاة في إقامة حوارات متواصلة بين المسلمين ومؤسساتهم لمعالجة ما يؤثر على علاقات المسلمين ببعضهم، وحل ما يقع بينهم من نزاع وخلاف، والحذر من منزلقات التعصب القبلي أو المذهبي، والاستعلاء على دعاوى العنصرية والعصبية المثيرة للفتن، والبعد عن المفاهيم التي تضعف وحدة المسلمين ومقتضيات أخوتهم، ودعم التعليم الديني وتطوير مناهجه، والتركيز على وسطية الإسلام واعتداله، والتحذير من الإفراط والتفريط، والاهتمام بإنشاء مدارس ومعاهد وجامعات إسلامية تسد احتياجات المسلمين التعليمية، وتزودهم بالدعاة والأئمة والمدرسين والمفتين، وتوفير المنح الدراسية في الجامعات الإسلامية لمسلمي نيجيريا، ودعوة رابطة الجامعات الإسلامية إلى التنسيق مع مؤسسات التعليم النيجيري، والإسهام في إعداد الأئمة والدعاة وتأهيل المدرسين، والعمل على ترشيد مناهج الدعوة الإسلامية، وربطها بمنهج الإسلام في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وحث مؤسسات الدعوة في نيجيريا على التعاون في ذلك مع معهد إعداد الأئمة والدعاة في الرابطة، ودراسة المشكلات التي يعاني منها الدعاة في نيجيريا، ودعم جهودهم، ومؤازرتهم، وتحسين أوضاعهم بما يعينهم على القيام بمسؤولياتهم، والاهتمام بالمرأة والطفل، والحد من الأخطار المحدقة بهما، والتواصل في ذلك مع الهيئة الإسلامية العالمية للأسرة والطفل في الرابطة وغيرها من المؤسسات الإسلامية المتخصصة، وتأسيس أوقاف للمساجد والمراكز الإسلامية لرعاية مناشطها، وتوزيع ترجمات معاني القرآن الكريم والكتب الإسلامية التي تشرح أحكام الإسلام باللغات المحلية، والتنسيق والتعاون فيما بين المنظمات الإسلامية النيجيرية لتحقيق أهداف المسلمين ومصالحهم، والترفع عن المصالح الضيقة، وعقد اجتماع تنسيقي وتشاوري، يشترك فيه رؤساء المنظمات والمؤسسات الإسلامية النيجيرية، وتصدر عنه خطة إستراتيجية لعمل إسلامي مشترك يحقق طموحات مسلمي نيجيريا وآالهم. ودعا المؤتمر الرابطة إلى تكليف مكتبها في أبوجا وأنوفيا بالتعاون مع المؤسسات الإسلامية النيجيرية، والإسهام في التخطيط ووضع البرامج الخاصة بالعمل المشترك، وتمثيل الرابطة في لقاءات التنسيق بين المؤسسات النيجيرية. الجولة الثانية الغابون واجتمع الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي برئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في الغابون الشيخ إسماعيل حسين أوسا، والأمين العام للمجلس الشيخ عبدالرزاق كابونغو، ومدير مكتب الرابطة بالغابون الشيخ محمد صالح حامد، ورئيس الأئمة والدعاة في ليبرفيل الشيخ عمر جيرنو كان، ورئيس مجلس التعليم الإسلامي في الغابون الشيخ محمد كويتا. وقد حضر هذا الاجتماع المستشار الخاص لرئيس الجمهورية للشؤون الإسلامية الشيخ علي أكبر أوننغا. وقد طالب المسؤولون في المجلس والعلماء والدعاة العاملين إعداد إستراتيجية جديدة للدعوة ونشر الثقافة الإسلامية التي تعتمد على مبادئ الوسطية الإسلامية التي من شأنها تحصين المسلمين ولاسيما فئة الشباب من الانحراف والغلو وحمايتهم من الجنوح نحو الإفراط أو التفريط والتعاون في أمور الدين. وحث المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على إعداد إستراتيجية العمل الدعوي في الغابون، يشاركهم في تنفيذها العلماء والدعاة ومكتب رابطة العالم الإسلامي في الغابون، على أن تركز على التعريف الصحيح بالإسلام وتأهيل الأئمة والدعاة في هذا الشأن. وبين الدكتور التركي أن الرابطة أنشأت عدداً من الهيئات الإسلامية المتخصصة في مجالات الدعوة والثقافة والتعليمية الإسلامية المتعددة، ومنها: الهيئة العالمية للعلماء المسلمين، والهيئة العالمية للتعريف بالإسلام، والهيئة العالمية للمسلمين الجدد، والهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته، والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم. المساجد ودورها في الإصلاح وافتتح الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي ندوة «المساجد ودورها في إصلاح المجتمع» التي نظمتها الرابطة بالتعاون مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في الغابون تحت رعاية الرئيس علي بوغو أوديمبا رئيس الغابون في ليبرفيل عاصمة الغابون. وقد وجه رئيس جمهورية الغابون كلمة للمشاركين في الندوة ألقاها نيابة عنه المستشار الخاص له السيد علي أكبر أوننغا، بيّن فيها أن اختيار موضوع «دور المساجد في إصلاح المجتمع» يقوي وينشط الحراك الاجتماعي للإصلاح العام، وقد اشتركت جميع الرسالات الإلهية في الأمر بإصلاح الناس وإصلاح المجتمع، ومنها يكون دور المساجد في الإصلاح والتنمية ونشر المفاهيم الإنسانية في التعايش والعدالة والأمن والسلام دوراً مهماً في تماسك المجتمع وتعاون فئاته على الخير والبر وتحقيق التماسك الذي تحتاج إليه الأطياف المتنوعة في كل مجتمع من مجتمعات الإنسانية، معرباً عن حرص بلاده على التآلف الاجتماعي الذي يسهم في إنجاز المهمات المشتركة التي يساهم فيها كل مواطن أن للمساجد دوراً في الإصلاح الاجتماعي وتنمية الوعي الثقافي الذي يوضح حقوق المواطن وواجباته، ودعا جميع فئات المجتمع لبذل مساعي الإصلاح في جميع مجالات الحياة، ودعا إلى تعاون المؤسسات الثقافية في هذا الشأن مرحباً بالجهود التي تبذلها رابطة العالم الإسلامي، وهي تتعاون مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية من خلال رؤى واضحة هدفها الإصلاح الحقيقي والتنمية الرشيدة. ونوه فخامته في كلمته بعلاقات بلاده مع المملكة العربية السعودية التي تواصل دعمها لبلدان إفريقيا، مشيراً إلى جهودها الإنسانية المنتشرة في جميع أنحاء القارة الإفريقية. كما ألقى الدكتور عبدالله التركي كلمة قدم فيها الشكر لفخامة الرئيس الغابوني على دعوته ورعايته لهذه الندوة، كما شكر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على تعاونه مع الرابطة، وقدم الشكر والتقدير لسفير خادم الحرمين الشريفين لدى الغابون عدنان بن عبدالرحمن المنديل على ما بذله من جهد مخلص لتسهيل الأمور لعقد هذه الندوة. ورفع معاليه الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على دعمه الرابطة ومناشطها، وعلى ما يقدمه للإسلام والمسلمين، مشيداً بمبادرته للحوار وتوجيهه بإنشاء مركز عالمي للحوار في مدينة فينا عاصمة النمسا والذي تم افتتاحه باسم مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار. وبحث المشاركون في الندوة أربعة موضوعات: تقوية رسالة المسجد، سبل تطوير العمل في المساجد، إعداد الخطيب والإمام، وتكامل رسالة المسجد والمؤسسات التعليمية. الكونغو برازافيل واستجابت الرابطة لدعوة وجهها عباس حيد الشريف المستشار الخاص لفخامة رئيس جمهورية الكونغو برازافيل لمعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي لزيارة بلاده والاطلاع على أحوال المسلمين وتفقد شؤونهم، وقامت الرابطة بالتعاون مع المجلس الأعلى الإسلامي ومكتب الرابطة في برازافيل على ترتيب الزيارة وتنظيم ملتقى إسلامي عام لعلماء وأئمة المسلمين في الكونغو برازافيل وما جاورها الكونغو كينشاسا وانغولا والكاميرون وبنين وذلك بعنوان: (الإسلام وتنمية المجتمع) في برازافيل. وفي كلمة للأمين العام الدكتور عبدالله التركي ل «وسائل الإعلام» أكد فيها: أن مهمة الوفد الزائر لبلدان إفريقيا الخمسة هي مهمة دعوية تثقيفية، وتعليمية، هدفها تحقيق التنسيق وتقوية أواصر التعاون مع المجالس والمؤسسات الإسلامية والثقافية في تلك البلدان في مجالات الدعوة، ونشر الثقافة الإسلامية، وتدريس اللغة العربية، ومتابعة شؤون المساجد، وتنشيط مهمتها في إصلاح مجتمعات المسلمين، وإن الرابطة تسعى في هذه الزيارات والمناشط إلى تحقيق الإسهام في حل المشكلات وعلاج التحديات التي تواجه المسلمين ومواطنيهم في البلدان التي يزورها الوفد، وتأمل الرابطة أن تتوصل في مؤتمراتها وندواتها إلى صيغ تعزز التعاون بين أطراف المجتمع الواحد، وتسهم في إشاعة الاستقرار والأمن والسلام فيه، وستعمل الرابطة على تنفيذ ما يصدر عن هذه المؤتمرات والندوات من توصيات، وهي ترحب بأي مشروع عملي جاد يعود بالفائدة على المسلمين في إفريقيا. وأضاف: «الرابطة تحرص على التواصل مع ممثلي المسلمين في بلدان أفريقيا وغيرها من بلدان العالم، وفي مقدمتهم العلماء والدعاة ومسؤولو المراكز والجمعيات الإسلامية، وهدفها من ذلك تحقيق التنسيق والتعاون في نشر المعرفة الإسلامية الصحيحة، وحل المشكلات الثقافية التي يواجهها المسلمون. وفي قاعة المؤتمرات الكبرى في وزارة الخارجية الكونغولية عقدت مراسم افتتاح الملتقى الإقليمي «الإسلام وتنمية المجتمع»، ألقى الدكتور عبدالله التركي كلمة قال فيها: إن التنمية البشرية والاجتماعية، مفهوم من المفاهيم النسبية التي تختلف في مضامينها ومعاييرها باختلاف الهوية الحضارية التي يستمد منها كل مجتمع قيمه ومبادئه ومعاييره في رسم أهداف حياته وأنماطها. ومن هذا المنطلق يقدم الإسلام رؤيته لمفهوم التنمية، تتصل برسالته وأهدافه في إصلاح الأفراد والمجتمعات، يعطي فيها قيمة كبيرة وأهمية أساسية للاعتبارات الأخلاقية والجوانب الإنسانية، ويجعل الاعتبار المادي تابعاً للاعتبار الأخلاقي ومحكوماً به، مع عدم التقليل من شأنه، فإن الحياة متوقفة على تلبية الحاجة المادية. كما ألقى رئيس المجلس الأعلى الإسلامي بالكونغو برازافيل جبريل عبدالله بوكايا كلمة قدم الشكر لمعاليه على اهتمامه في حل مشكلات المسلمين الذين يعتبرون في المجتمع الكونغو أقلية نامية تسعى إلى المشاركة في التنمية وإصلاح المجتمع وتحقيق التعايش والتعاون بين أطياف النسيج الاجتماعي في المكونات العرقية والثقافية والدينية المتعددة، متمنياً من رابطة العالم الإسلامي الاستمرار في عقد الملتقيات في بلاده. بعدها ألقى رئيس الجمعية الإسلامية بجمهورية الكونغو الديمقراطية عبدالله مانجالا كلمة المشاركين في الملتقى، إذ قدم الشكر والتقدير لرابطة العالم الإسلامي على جهودها في متابعة شؤون المسلمين في قارة إفريقيا وتقديم العون لها ودعم الجالية الإسلامية والتواصل مع العلماء والأئمة والدعاة. جمهورية تنزانيا الاتحادية وفي الجولة الرابعة زار الأمين العام للرابطة جمهورية تنزانيا الاتحادية، وكان في استقباله فخامة الرئيس السابق لتنزانيا علي حسن معيني وممثل وزارة الخارجية التنزانية وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى تنزانيا هاني بن عبدالله مؤمنة، ومستشار مؤسسة المشايخ وعلماء المسلمين بتنزانيا. وافتتحت الندوة العالمية (الثقافة الإسلامية في شرق أفريقيا) حيث ألقى الدكتور أحمد كاويسا سنغندوا رئيس الجامعة الإسلامية في أوغندا كلمة المشاركين، قال فيها: إن الإسلام قد وصل إلى أفريقيا قبل 14 قرناً، وكانت إفريقيا أول من استقبل الإسلام، مؤكداً أن إفريقيا هي القارة الوحيدة التي يمثل المسلمون فيها أغلبية سكانية، وأضاف بأن إفريقيا مهمة سياسياً، ولها تاريخ عريق، وحضارة لا تخفى. وقال سنغدوا: إننا نتطلع أن تكون مداولاتنا مثمرة، فنحن نعيش في عالم تسود فيه العولمة، وعالم مليء بالتناقضات حيث يزداد الأغنياء غنى ويزداد الفقراء فقراً مما نتج عنه الكثير من السلبيات، واستطرد بأن المسلمين يمثلون 10% من فقراء العالم، وأولادنا يحرمون من التعليم والصحة رغم ثراء بعض الدول، مشيراً إلى أن هذه الأوضاع تدعونا للاستفادة من المسلمين. واختتم كلمته: إن الإسلام خيار البشرية لخيرها وسلامها، وينبغي أن نفكر في أوضاع المسلمين، ونستطيع التغلب عليه إذا توحدنا ودرسنا مشكلاتنا، وعلى هذه الندوة تدارس أوضاع مسلمي إفريقيا وإنارة السبل لهم. وألقى بعده فخامة رئيس جمهورية تنزانيا الاتحادية السابق راعي مؤسسة علماء ومشايخ تنزانيا الاتحادية كلمة شكر فيها الحضور، وقال: إنني سبق أن خاطبت معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ودعوته لزيارتنا لمعرفة أحوال المسلمين عن قرب، وأشكره كثيراً أن لبى الدعوة وتجشم عناء السفر والتنقل، وإنني سعيد جداً في هذا اليوم وفي هذا المؤتمر الكريم. وبعد ذلك ألقى الأمين العام للرابطة الدكتور عبدالله التركي كلمة أوضح فيها أن تاريخ شرق أفريقيا مر بحقبة زمنية، كان للإسلام والمسلمين فيها إنجازات حضارية بارزة، وإسهام قوي في ازدهار الجوانب المدنية والعمرانية والاقتصادية، بطابعها الإسلامي، وإن الإسلام ما إن أشرق بنوره على هذه المنطقة، حتى بدأ أثره يتجلى في إيجاد أواصر التآلف والتعايش بين أعراقها وقبائلها، وحولها إلى منطقة تنعم بالأمن والاستقرار، وقوة فاعلة رفدت الحضارة الإسلامية بعطائها الكبير، فالتحديات التي تواجه مسلمي شرق أفريقيا اليوم، لاينبغي أن تثني عزمهم أو تقطع تطلعهم إلى الارتقاء من جديد إلى الشأو الذي بلغه أجدادهم، واستعادة تلك المكانة الحضارية الريادية. وهذا يحتاج إلى الوفاء ببعض المتطلبات، ومنها ربط حاضر مسلمي هذه المنطقة بماضيهم المشرق وتراثهم العريق، من خلال البرامج الإعلامية والمناهج التعليمية، وتعريفهم بالإنجازات العلمية الحضارية التي قامت بها الممالك الإسلامية التي نشأت فيها، وبجهود أعلام أسلافهم من الرواد والعلماء والدعاة والقادة، الذين أوصلوا الإسلام إلى هذه البلاد، ويمكن أن تسهم الجامعات ومراكز البحث، وأساتذة التاريخ والحضارة بجهد كبير في تحقيق هذا المشروع. وبحث المشاركون في الندوة موضوعاتها من خلال ثلاثة محاور، هي: مشكلات الهوية في شرق أفريقيا، وواقع الثقافة الإسلامية في شرق أفريقيا والتحديات، والغزو الثقافي. كما ناقشوا المشكلات التي تواجه المسلمين، والتحديات التي تواجه الثقافة الإسلامية، والتعليم الإسلامي، واللغة العربية، وسبل العلاج، بما يسهم في حماية الثقافة الإسلامية، ونشرها في بلدان شرق إفريقيا. وعبروا عن تقديرهم لجهود مسلمي شرق أفريقيا في استعادة مكانتهم الحضارية، ونشر ثقافة الإسلام من خلال مؤسساتهم، وإنشاء مؤسسات التعليم، ومراكز للدراسات والبحوث. السودان.. الجولة الخامسةثم كان ختام الجولة الخامسة لوفد رابطة العالم الإسلامي زيارة مهورية السودان، وكان في استقباله رئيس المجمع الفقهي الإسلامي الدكتور عصام أحمد البشير، والمشير عبدالرحمن سوار الذهب والقائم بالأعمال بسفارة خادم الحرمين الشريفين بالسودان سليمان بن علي آل بدير ومدير جامعة أم درمان الإسلامية حسن عباس وعدد من المسؤولين ثم انطلق الموكب إلى جامع الكافوري. وأبان الدكتور التركي أن الهدف الذي تتطلع إليه الرابطة هو تحقيق الآمال المعقودة على أبناء إفريقيا في تحقيق الاستقرار وبناء النهضة التنموية الشاملة والتخلص من آثار الجهل والأمية، معرباً عن أمله في أن تحقق الندوة الأهداف الإسلامية التي تتطلع إليها الرابطة فيما يتعلق بوضوح الرؤى لدى العاملين في حقل الإعلام الإسلامي، كما قام الأمين العام بزيارة لمجمع الفقه الإسلامي في الخرطوم. الإسلام وتحديات إفريقيا وفي قاعة المؤتمرات الدولية في الخرطوم افتتح النائب الأول لرئيس جمهورية السودان علي عثمان محمد طه ندوة «الإسلام وتحديات إفريقيا»، ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي كلمة شكر فيها حكومة السودان وقادتها ورجالها، بقيادة فخامة الرئيس على التعاون المتواصل مع الرابطة في برامجها ومناشطها المختلفة، كما قدم شكره لمدير جامعة أم درمان الإسل