اعتمدت إيران في خططها التخريبية والتوسعية على تكوين الميليشيا غير النظامية على أسس طائفية؛ والتحكم فيها عن بعد؛ من خلال قيادات وسيطة تُدين بالولاء التام للولي الفقيه؛ وتتمتع بالسيطرة والتأثير على المجتمع الذي تعمل من خلاله؛ فيعتبرها أتباع الحزب؛ القيادة العليا؛ وتصنفها إيران على أنها قيادة وسطى لميليشيا «الولي الفقيه» في الدولة المستهدفة. يتم صناعة تلك القيادات على أسس طائفية وتُدَعم بالأموال اللازمة للإنفاق بسخاء على أفراد ميليشياتها وتقديم المساعدات الاجتماعية في البيئة الحاضنة من أجل خلق الولاءات والحصول على الدعم والتأييد العلني؛ ومن ثم التبعية التامة. المال هو العنصر الأهم في تشكيل الميليشيا؛ مهما قيل عن الجوانب الأخرى؛ فانضمام كثير من الشباب إلى ميليشيا (حزب الله)كان لأسباب مالية صرفة؛ فالحزب كان يوفر الوظيفة والمسكن والرعاية الاجتماعية؛ وكان يتحكم في أموال (الخمس) التي تجمع من الأغنياء ويعاد توزيعها على الأتباع وأفراد الميليشيا؛ وشراء الذمم بدلاً من توزيعها على الفقراء والمحتاجين. جزء مهم من تمويل تلك الميليشيات كان يأتي من دول الخليج على شكل صدقات وزكوات يتم إيصالها لوكلاء «الولي الفقيه». نجح الحزب في السيطرة السياسية والمالية واستطاع أن يسيطر على بعض المصارف اللبنانية التي تحولت إلى أذرع مالية استثمارية تُعنى بغسل أمواله وتُأمِّن قنوات آمنة لتدفقاته المالية القذرة. نما «حزب الله» عسكرياً ومالياً في حضن الدولة اللبنانية؛ وتحت أنظار دول الخليج والدول العربية؛ وبموافقة مبطنة من استخبارات الدول الغربية التي تعمل وفق مخطط إستراتيجي لزعزعة أمن الخليج؛ والدول العربية والسماح لإيران بالتمدد والسيطرة على المنطقة. محاربة الغرب ل «حزب الله» و»الحرس الثوري» لا تعدو أن تكون محاربة صورية لا ترقى إلى تصفيتهم كما فعلت مع تنظيمات أخرى. ميليشيا (حزب الله)؛ والحرس الثوري الإيراني يُقاتلون الآن تحت راية الأسد؛ ويمارسون؛ بمباركة دولية؛ أكبر عملية تصفية بشرية على أسس طائفية مقيتة. تشهد سوريا اليوم غزواً صفوياً غير مسبوق مدعماً بميليشيا المرتزقة القادمين من إيران؛ والعراق ولبنان. وقفت أقارن بين الصمت الغربي؛ و الشعبوي والحزبي والطائفي المحيط بعمليات الإبادة الجماعية والقتل والترويع الذي تمارسه العصابات الصفوية؛ وبين الأصوات الدولية؛ والأصوات الشعبية العربية والخليجية؛ المنددة والمتباكية على دخول قوات «درع الجزيرة» لحماية مملكة البحرين من العبث الصفوي؛ ومرتزقة الحرس الثوري. تُرى أين اختفت تلك الأصوات؟ وهل يفهم من صمتها التأييد والقبول؟ وماذا لو انتقلت الفتنة إلى دول الخليج، فهل ستؤيد وتُنصَر من قبل أتباع إيران في المنطقة؟ كل ما يحدث في الدول العربية لا يعدو أن يكون من تداعيات الخُبث الصفوي الغربي الصهيوني؛ وحقدهم الدفين على الإسلام والمسلمين. تبادل أدوار المعارضة بين الدول الغربية أسهم في إعطاء الصفويين في سوريا مزيداً من الوقت للقتل والتدمير؛ وأحسب أن تدمير سوريا جزء من خطة إستراتيجية ستنتهي بالتقسيم الجغرافي؛ وتقسيم غنائم إعادة الإعمار على أبطال المسرحية الصفوية الغربية الدامية. قصر نظر بعض دول الخليج ساعد في إطالة أمد النظام في سوريا. عمليات وقف إراقة الدماء لا تحتاج إلى أبطال يدعون تحقيق المكاسب السياسية؛ أو أشخاص ينفذون أجندات خارجية؛ أو يبحثون عن نتائج مستقبلية تحقق لهم مكاسب شخصية؛ بل تحتاج إلى تضحيات لحماية شعب أعزل انتهكت حرماته وسفكت دماؤه وتم تهجيره قسراً إلى دول الجوار، فذاق مرارة اللجوء وقسوة العيش بعد أن تجرع سموم القتل والترويع والدمار. لن يحقق المجتمع الدولي أي تقدم يُذكر في الأزمة السورية؛ وما لم تبادر دول الخليج مجتمعة ومتكاتفة؛ والدول العربية الأخرى لوقف حمام الدم في سوريا؛ فستتفاجأ بتداعيات الأزمة تطرق أبوابها قريباً. إذا كان المال العنصر الأهم في تشكيل الميليشيات الصفوية؛ ودعمها وتسليحها؛ فالمال هو الداعم بعد الله للثوار السوريين؛ وهو القادر على تأمين الأسلحة النوعية التي يمكن أن تحقق لهم النصرة والتمكين. لوبي شركات الأسلحة الغربية قد يكون أكثر قوة ونفوذاً من الحكومات؛ التواصل الاستخباراتي مع شركات الأسلحة قد يسهم في الضغط على الحكومات الغربية من الداخل فيسهل إيصال الأسلحة النوعية إلى الثوار. سوق السلاح السوداء في روسيا تعج بالوسطاء والمتاجرين بالأسلحة المتطورة؛ وهم لن يترددوا في توفير السلاح مقابل المال المضاعف. المال؛ أيضاً؛ هو الحافظ؛ بعد الله؛ لكرامة اللاجئين السوريين في دول الجوار. المجتمع الدولي مسؤول عن أزمة اللاجئين السوريين الذين عجز عن حمايتهم في قراهم ومدنهم؛ وهي مسؤولية تتحملها أيضاً الدول الإسلامية بشكل عام والدول الخليجية الغنية بشكل خاص. نصرة الشعب السوري وحمايته مسؤولية تتجاوز الحسابات السياسية وا لدولية إلى الالتزامات الإسلامية والإنسانية التي أمرنا الله بها. [email protected]