التَّكريم في مفهومه الأدبي والاجتماعي.. سلوك حضاري وقيم فضيلة وشيم نبيلة.. تكرِّس منهجه الاخلاقي.. المجتمعات الواعية والشُّعوب الراقية التي ثمن جهود رموزها الكبار وروادها العمالقة، وتدرك قيمة منجزاتهم الخالدة وخدماتهم الجليلة، وتضحياتهم البارزة وإسهاماتهم الوطنيَّة الملموسة، بمنحهم نياشين الوفاء وأوسمة التقدير والعرفان.. وهذه السجايا لا شكَّ هي جزءٌ لا يتجزأ من ثوابت وقيم مكارم الأخلاق. ) فقبل أيَّام سجَّلت الأسرة الرياضيَّة بمكَّة المُكرَّمة برئاسة الرياضي المخضرم الأستاذ (عبد الوهاب صبان)- وكعادتها -في تكريم رموز المجتمع المكي الرياضي والاجتماعي والثقافي والأدبي.. هدفًا نبيلاً في شباك القيم الوفائية.. في يوم تكريم الرمز الكبير الدكتور (صالح بن ناصر)، في العاصمة المقدسة، وعندما يكرم رجل بقامة ومكانة وحجم (ابن ناصر) الذي خدم وطنه نصف قرن من الزَّمن في المجالات الرياضيَّة والشبابية والإعلامية.. فهو تكريم مستحق لشخصيَّة ريادية عاصرت بلاط ألرياضة والشباب منذ ولادتها من رحم الوزارة المخضرم (وزارة العمل والشؤون الاجتماعيَّة) أوائل حقبة الثمانينيات الهجرية من القرن الفائت، وتحديدًا بعد انتقال النَّشاط الرياضي ومكوِّناته من وزارة المعارف إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعيَّة... وعايشت أبرز الأحداث الرياضيَّة والتغيِّرات التنظيميَّة والتحولات التاريخيَّة التي شهدتها الرئاسة العامَّة لرعاية الشباب.خلال العقود الخمسة الماضية..كسبت ثقة القيادات الرياضيَّة بإنجازاتها الخالدة وبصماتها الواضحة في مشوارها الوظيفي.. فبعد أن دلف بوابة الوظيفة في عامه 24 وتحديدًا عام 1382ه، في وزارة العمل والشؤون الاجتماعيَّة.. توزعت خبراته الإدارية بين أربع إدارات في هذه الوزارة المخضرمة وهي إدارة التعاون، وإدارة الخدمة الاجتماعيَّة وإدارة التَّخْطِيط والتنظيم.. وإدارة رعاية الشباب، الذي اختاره معالي الوزير آنذاك (عبد الرحمن أبا الخيل) خلفًا للدكتور عبد الله العبادي الذي ابتعث لتحضير الماجستير والدكتوراة عام 1384ه وبالتالي فهو يُعدُّ من المؤسسين الذين وضعوا أسس التنظيم الإداري والمالي وأعادوا صياغة بعض الجوانب الفنيَّة في بداية العمل الرياضي والشبابي قبل أن ينتقل لوزارة الإعلام في النصف الثاني من عقد التسعينيات الهجرية وكيلاً مساعدًا للإذاعة والتلفزيون، ثمَّ وكيلاً مساعدًا للشؤون الإعلاميَّة ليعود لعشقه الأول (رعاية الشباب) وكيلاً للرئيس العام لرعاية الشباب بطلب من رائد النهضة الحديثة الأمير الراحل فيصل بن فهد-رحمه الله- الذي اختاره كركن ثالث في خريطة المؤسسة الرياضيَّة والشبابية.. وذلك تجسيدًا لقيمه الإدارية ووعيه التنظيمي، وخبراته المتراكمة وفكره المستنير.. خلاصتها وبشهادة التاريخ والجغرافيا.. نجاحات إداريَّة وثابة تسابق الزَّمن وإرهاصاته.. فمن إسهامات هذه القامة العملاقة التحاالمملكة العربيَّة السعوديَّة بالركب الأولمبي دوليًّا وبالتالي أصبحت في فترته عضوًا في اللَّجْنة الأولمبية الدوليَّة عام 1384ه كما كان وراء فكرة الاستعانة بالحكم الأجنبي دعمًا للحركة الرياضيَّة قي تلك الحقبة الفارطة واستقدم الأندية البرازيلية لتلعب مع الأندية السعوديَّة بغية زيادة فرص الاحتكاك بالكرة البرازيلية.. كما ترأس أول بعثة سعودية حققت أولى الانتصارات الذهبية للكرة السعوديَّة (كأس آسيا عام 1984م)، ومع كل نجاح رياضي شبابي يكون قاسمه المشترك الخبيرالإداري (صالح بن ناصر) الذي كان يتكئ على مخزون معرفي وعمق ثقافي ووعي فكري، كان يعشق العمل الصَّعب وتحدِّياته برؤية مستنيرة وطاقة خلاقة جبارة، حتَّى في آخر سنواته الوظيفية يعمل دون ملل أو كلل رغم ظروفه الصحية، لكنَّه كان يعمل بروح الشباب وفكر متقد.. قبل أن يتوَّقف قطار عطائه عند محطة المغادرة وتوديع كرسي المسؤولية والقيادة.. تاركًا في سجلاته العملية ومسيرته الوظيفية التي امتدَّت نصف قرن من الزمن.. رصيدًا بارزًا من المنجزات الوطنيَّة والنجاحات الخالدة.. فاستحق ابن المجتمع المكي النموذجي (صالح بن ناصر) هذا التَّكريم العرفاني من أهل الأصالة والشهامة والقيم الوفائية. Twitter@kaldous1