أجمع مختصون ومحللون ماليون في حديثهم ل«الجزيرة» على أهمية القرارات الأخيرة لهيئة السوق المالية المتعلقة بتحديد نسب التذبذب ب(10 %) من سعر الاكتتاب، وإلغاء نسب التذبذب المفتوحة وكذلك إعادة هيكلة أسعار الإغلاق للأسهم بشكل يومي، بحيث تتم العملية بتحديد متوسط الإغلاق لربع الساعة الأخير من كل جلسة تداول، مشيرين إلى أن مفهوم الاكتتابات الحديثة ينبغي له أن يقوم على أسس وقواعد استثمارية وليست مضاربية، مبينين أنه لن يكون لهذا القرار أثر سلبي على سوق الاكتتابات، فيما أوضحوا أن قرار هيكلة أسعار الإغلاق بشكل يومي سينعكس إيجابا على أداء السوق استنادا إلى المتغيرات الحقيقة التي تبنى عليها قرارات المتداولين. وأكدوا ضرورة وجود إطار عمل مؤسسي من شأنه أن يضبط حركة الأسهم عموما. وقال الاقتصادي فضل البوعينين إن قرار تحديد نسبة التذبذب في يوم الإدراج الأول من القرارات الجيدة التي تعالج مشكلة المضاربة اللاعقلانية التي تتسبب في رفع بعض الأسهم بنسبة تتجاوز 1000 % ثم تهوي بها إلى القاع مكبدة صغار المضاربين خسائر فادحة في يوم واحد. عدم قدرة السوق على ضبط المضاربة في نطاقاتها المقبولة أدى إلى تدخل الجهات المسؤولة لعقلنة المضاربة بإلغاء نسبة التذبذب المفتوحة، الذي أرى فيه حماية مهمة للسوق والمتداولين، وبخاصة صغار المتداولين الذين لا يحسنون قياس مخاطر المضاربة. وأضاف: لا أعتقد أن هناك تأثيرا سلبيا على سوق الاكتتابات، على أساس أن الاكتتاب في الشركات الحديثة يفترض أن تبنى على أسس استثمارية لا مضاربية، بحيث يكون التركيز على الشركة ومستقبلها الإنتاجي والربحي، وأعتقد أن القرار سيسهم في احتفاظ المكتتبين بأسهمهم وتحقيق هدف الاستثمار الذي من أجله تُصر الحكومة على طرح نسبة من أسهم الشركات للمواطنين. والإقبال الشديد على الاكتتاب في شركة الجزيرة تكافل خير دليل على عدم تأثير القرار على سوق الاكتتابات الأولية، ولا علاقة للقرار بنوعية الشركات المطروحة، فهو يهتم بالتذبذب في يوم الإدراج الأول، ولا يختص بدراسة الشركة أو تقييمها، وهو أمر مختلف وربما نحتاج إلى معايير أكثر صرامة يتم تطبيقها على الشركات المزمع طرحها في السوق لحماية السوق من الشركات الضعيفة. وفيما يتعلق بقرار إعادة هيكلة أسعار الإغلاق للأسهم بشكل يومي، بحيث تتم العملية بتحديد متوسط الإغلاق للربع ساعة الأخيرة من كل جلسة تداول قال البوعينين: إن الغرض الأساسي هو عكس صورة حقيقية عن تداولات السهم، تكون أقرب إلى الواقع منها إلى التزوير المتعمد الذي يعتمد على صناعة السهم لرسم سعر الإغلاق الوهمي، وبما يؤثر على التحليل الفني وانطباعات المتداولين الذين يبنون دراساتهم المضاربية والاستثمارية في الغالب على سعر الإغلاق، لافتا إلى أن جدوى القرار ستنعكس على أداء السوق الذي سيعتمد على المتغيرات الحقيقية فيه، لا المتغيرات الوهمية التي دأبت على الإضرار به وبالمتداولين، ورسم متوسط السعر لربع الساعة الأخير، لن يكون مستحيلا إلا أنه بات صعبا ومكلفا من الناحية المالية خاصة في الأسهم التي تتمتع بسيولة عالية في السوق، مبديا اعتقاده بأن السوق ستكون أكثر نقاء بعد تطبيق القرار. بدوره قال الكاتب والمحلل المالي محمد العنقري: السوق يغلب عليه تداول الأفراد ولا يوجد اثر كبير للمؤسسات المالية فإن إدراج الأسهم الجديدة بفتح النسب لها بأول يوم انقلب إلى فخ للخسائر وارتفاعات كبيرة لا معنى لها وتعطيل للتداولات فتعد الطريقة الجديدة أفضل عموما ولم يظهر اثر كبير للأحجام عن الاكتتاب، فحاليا الاكتتاب على الجزيرة للتأمين حقق نفس معدلات الاكتتابات السابقة عددا وحجما ولكن بكل تأكيد قد تتأثر الاكتتابات مستقبلا لكن ليس بعدم تغطيتها بل بعدد المكتتبين بصفة عامة ولذلك ستستمر الاكتتابات بوضعها السابق من حيث التغطية والحلول الأفضل هي بفتح النسب للسوق بكل تأكيد على أي اسهم عامة، ولكن ذلك يحتاج إلى إطار عمل مؤسسي متنوع حتى تنضبط حركة الأسهم. أما بخصوص قرار هيكلة أسعار الإغلاق بشكل يومي أكد انه قرار مطلوب في ظل تلاعبات تحدث بأسعار الإقفال، فمثلا ممكن ان يكون سعر سهم ما قبل الإقفال هابطا وممكن ان يكون تعديله مرتفعا بصفقة تزيد قيمتها على 15 ألف ريال، وهذا طبعا لا يعبر عن مجريات تداول السهم طيلة فترة التداول فيصبح الأسلوب الجديد أفضل وهو مطبق بالكثير من الأسواق، لأنه يعطي انطباعا صادقا اكثر لأخذه بما حدث من آخر ربع ساعة بكل جلسة تداول. فيما اعتبر الاقتصادي محمد العمران أن الفائدة من قرار تحديد نسب التذبذب تكمن في إيجاد مضاربات نظامية وعقلانية للشركات التي تطرح أسهمها في السوق المالية لأول مرة وبالتالي تسعى هيئة السوق المالية والسوق المالية (تداول) على وضع معايير تسهم في خلق تداولات نظامية وعادلة أمام الجميع، بعيدا عن العشوائية التي أصبحت مع الأسف الشديد سمة للشركات التي تطرح أسهمها للتداول أول أيامها، في حين لخص الفائدة من قرار إعادة هيكلة أسعار الإغلاق للأسهم بشكل يومي بأنها محاولة للحد من تحكم المضاربين في أسعار الإغلاق من خلال تطبيق معايير دولية في احتساب أسعار الإغلاق للأسهم المتداولة، مؤكدا أن فترة 15 دقيقة قليلة نسبياً والأفضل بالنسبة للسوق المالية السعودية هو زيادة الفترة إلى ساعة أو ساعتين أو ربما الجلسة كاملة قياساً على المستوى الحالي للوعي الاستثماري بين المتداولين ووجود مضاربين كبار لديهم القدرة على التحكم بأسعار الإغلاق، وبالتالي إعطاء صورة مضللة لصغار المتداولين وهذا بالتأكيد أمر غير مقبول. من جهته قال المحلل المالي هشام الوليعي إن قرار تحديد نسبة التذبذب لأسهم الشركات الجديدة المدرجة ب 10% بدلا من الوضع السابق التي كانت نسبة التذبذب مفتوحة يهدف إلى لتصحيح الأوضاع السابقة بتقييد ومنع المضاربات العنيفة التي كانت تحدث في طرح الشركات في اليوم الأول للإدراج التي لا تهدف إلا للربح السريع والاستفادة المبالغ فيها التي يتضرر منها صغار المستثمرين إجمالا, ولنا أن نرى «ما حدث في آخر إدراج شركتين سابقتين وتسجيل ارتفاعات سوقية لا تقترب مطلقا من القيمة العادلة لتلك الأسهم», لكن هل القرار ذو مردود إيجابي على أداء السوق إجمالا. فقال: أعتقد لو أن لدينا تفاصيل القرار سنجد أنه حدد نسبة التذبذب 10% من سعر الاكتتاب كما هو صادر من إعلان الهيئة, لما له من فائدة مرجوة لكن ليست بالعادلة, حيث إنه سيكون عامل طارد وغير محفز للمستثمرين بالاكتتاب بالأسهم الجديدة بحيث لن تكون النسبة المحددة مجدية ومربحة (لسهم بدون علاوة الإصدار) وذلك بعد خصم عمولة التداول, ولن يحفز الشركات التي تسعى لإدراج أسهمها للتداول بهذه الصيغة الجديدة على المضي في ذلك نظرا لتحديد سقف وقاع قد لا يعكس القيمة التي يرجى منها, ويكون بذلك مبالغ في تقييده ضمن نطاق ضيق, لذا أرى كمقترح أن يتم دراسة الموضوع من جميع الأبعاد والأخذ في الاعتبار مصلحة ضبط آلية الطرح وفائدة المستثمرين أولا والمرجوة من الاكتتاب بما يحقق القيم العادلة التي نسعى لها , وذلك بتحديد نسب تذبذب أعلى من النسبة المحددة للشركات بدون علاوة الإصدار أو بحساب نسبة التذبذب 10% بأسعار متوسط أوامر ما قبل الافتتاح. وحول قرار «تداول» دراسة تعديل احتساب سعر إغلاق أسهم الشركات المتداولة بطريقة «المعدل السعري» لآخر 15 دقيقة من التداول قال الوليعي: لا شك بأن له أثرا إيجابيا كبيرا على عدالة ونزاهة تقييم إقفال أسعار الأسهم يومياً من قبل جمهور المتداولين وجعلها ذات مدلول حقيقي وقيمة عادلة لما جرى في طول فترة التداول خلال الجلسة, إلى جانب التقليل إلى حد كبير من عملية التلاعب والتزوير من قبل أًصحاب الممارسات السلبية بهدف المضاربة بأسعار افتتاح اليوم الجديد التي يتضرر منها عادة المتداولون, ويحدث ذلك من خلال تغير مفاجئ في آخر الدقائق في سعر السهم بغرض رفع النسب العليا والدنيا لليوم التالي أو للاستفادة من إيهام المتداول بتوقع سعر أعلى باليوم الثاني للبيع لهم بأسعار عاليةمع الافتتاح أو العكس في إيهامهم بسعر أدنى لغرض الشراء من بسعر أقل باليوم الآخر.