من المآسي المضحكة ما يردده نظام بشار ومعه حزب الله الإيراني في لبنان من مقاومة إسرائيل والتصدي للحرب العالمية التي تشنها القوى الكونية المجهولة ضدهم. ولعل أغرب وسائل المقاومة هذه ما أعلن عنه النظام الأسدي من أنه سيدفع أسلحة نوعية إلى حزب الشيخ حسن!! الذي سيرد بها على الغارة الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي السورية، هذه الوسائل والوسائط الجديدة في عالم المقاومة الخنفشارية، مما لا يفهمه إلا بشار ونظامه، وبالتأكيد الشيخ حسن، تُذكِّرنا بالمثل العربي السائر «يا خال أبي حك ظهري»، كناية عن العجز والفشل وضياع الحيلة والارتكاس في الهزيمة. لقد سقط حزب الله ومعه جميع قياداته التي برهنت عملياً على أنها جيب إيراني صغير، يأتمر بأمر حكومة طهران، ولم يعد خُطب أمينه العام تنطلي حتى على عجائز بنت جبيل، ولم يعد أمامه سوى الهروب إلى الأمام والإيغال في دماء الأبرياء من الشعب السوري؛ فقد أصبح حسن نصر الله منبوذاً لدى طائفته في لبنان قبل أي طرف آخر، ولولا الحماية الإيرانية المباشرة له لكان هو وأشباهه في مزبلة التاريخ بعد هذه الجرائم النكراء في حق الشعبين السوري واللبناني. لكن الشيخ حسن وراعيه الحصري نظام طهران يتمتعان بحس مرهف في عالم الخداع والجرائم، ولا عجب فهم أحفاد اليهود العبيديين الذين استجلبوا الصليبيين لغزو بلاد الشام واحتلال بيت المقدس، وهم ورثة النصير الطوسي وابن العلقمي الذين كاتبوا المغول لغزو الشرق الإسلامي وإسقاط عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك، والتاريخ كما يُقال يعيد نفسه!! ومقاصدهم وغاية ما يسعون إليه في الخفاء هو ما تعلنه إسرائيل على رؤوس الأشهاد من القضاء على العرب والمسلمين وتمزيقهم، ومنعهم من حكم أنفسهم أو بسط سلطانهم على بلادهم، وإيقاف حركة النمو والتنمية في مجتمعاتهم.. هذا هو الواقع المرير لنظام طهران وما يدور في فلكه من أحزاب وتنظيمات، لم تعد تخفى على أحد. أما المقاومة التي يزعمونها فليست سوى فلسفة الأقوياء عندما يصنعون أعداءهم بأنفسهم، فيشغلون المكان بمن يريدون؛ حتى لا يشغله غيرهم. هذه هي حقيقة حزب الله الإيراني في لبنان والنظام الطائفي النصيري في سوريا وحزب الدعوة والصدريين في العراق.. وليست هذه بأول رزايا الأمة بهؤلاء؛ فمنذ بدء هذا الفكر على يدي عبدالله بن سبأ اليهودي والمسلمون معهم في عناء وبلاء، لكن ما الجديد في الأمر حتى انخرطت إيران بهذا الشكل الفاضح والمشين في قتل السوريين واحتلال بلادهم؟ فأقول: إن الثورة السورية العامة عجَّلت بكشف هذا التحالف الخفي بين القوى الصهيونية العالمية، ممثلة في مجلس الأمن باستثناء الصين، وأدواتها القديمة الجديدة في الوقت نفسه، وهي الباطنية الملحدة التي يمثلها نظام طهران والمتحالفون معه. فلو سقط النظام السوري كان ذلك شارة البدء لسقوط نظام طهران، وإذا سقط الرأس سقطت الأذناب كما يقال، وهذا أمر لا تريده الصهيونية العالمية؛ فهي لا تريد الاستقرار للمنطقة، وتحرص على بقائها متوترة وسوقاً لأسلحتها، وتحرص على بقاء العداء بين أطرافها ومكوناتها الدينية والعرقية، وأن تقوم هي بدور الضامن للسلم والأمن! لذلك انخرط النظام في طهران ومعه أدوات الفتنة في المنطقة بكل ما أوتوا من قوة لدعم عصابات بشار استجابة للاستراتيجية الصهيونية العالمية المرسومة للمنطقة العربية، فاتفق الصهاينة بوجوههم وألسنتهم المتعددة مع خدم وعبيد الصهاينة على منع سقوط نظام بشار. فكان السوريون يُذبحون بالسكاكين والنساء تُغتصب والقتلى تجاوزوا ثلاثمائة ألف، كل ذلك يجري على أيدي هؤلاء الطائفيين وحليفهم السياسي (مجلس الأمن) يوفر لهم الغطاء الدولي والدبلوماسي، في مشهد لا يقوم له عذر لمعتذر!! عندما وصلت الأمور إلى هذه النقطة كان يجب أن يسقط الحياد العربي، وأن يتجاوز الدعم الورقي والكلامي، وكان يجب أن يرفض العرب النصائح والإملاءات الأمريكية والأوروبية؛ فلكل أمة معالم وحدود ومبادئ، إذا لم تغضب لها ولم تحمها فقد تودع منها، وقُلْ عليها السلام. إن الثورة السورية وما صاحبها من مواقف وتكتلات إقليمية ودولية يجب أن تكون سبباً حقيقياً في مراجعة حساباتنا نحن العرب والمسلمين؛ فقد سقطت أقنعة كثيرة عن وجوه كنا نظن أنها حقاً تؤمن بحرية الإنسان وكرامته وعيشه بأمن وسلام على أرضه، فإذا بتلك الوجوه ما هي إلا وجه واحد فقط، هو وجه «بطرس السايح»، الذي تحول إلى بغل تركبه الصهيونية العالمية وحلفاؤها لتحقيق مآربهم في الشرق الإسلامي. من المستهجن أن تعبِّر أمريكية وأوروبا عن قلقها من وجود جماعات تصفها بالمتطرفة، بينما أكثرية الشعب السوري تُذبح ويُنكل بها على يد أقلية، تملك السلاح الروسي والإيراني، وتدعمها قوات حزب الله وحزب الدعوة وفيلق القدس وبدر وميليشيات الصدر، وغيرهم، ولا أحد يعبِّر عن قلقه، حتى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وكأن الطائفية والتطرف دائماً تهمة توجَّه إلى الأكثرية، بينما الآخرون هم منها أبرياء!! ما هذا المنطق المتغابي المستخف بحقوق الشعوب؟! هذا المنطق الذي لا يصدر إلا عن دول وقيادات ملأ الحقد والكراهية نفوسهم وقلوبهم ضد أكثرية الشعب السوري الثائر على الظلم والاستبداد. ستنتصر الثورة السورية - بإذن الله - رغماً عن أنف روسياوإيران ومجلس الأمن، الذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن مجلس الماسونية الكونية. لقد اختار هؤلاء جميعاً الحرب على الشعب العربي السوري المظلوم، وهذا العدوان له تبعات يجب أن يتحملها العالم الإسلامي والعربي ونظمه السياسية ومؤسساته الدينية، وخصوصاً علماء الجزيرة العربية وبلاد مصر وشمال إفريقيا وباكستان وتركيا والجمهورية الإسلامية الروسية.. فكل هؤلاء عليهم واجب الدفاع عن إخوانهم المسلمين في سوريا الذين أصبحوا هدفاً لعدوان وحرب سافرة، تقودها روسياوإيران، وتحميها أمريكا وأوروبا سياسياً. يجب على العرب والمسلمين أن لا يسمحوا بسقوط سوريا وبلاد الشام في أيدي الصهيونية وحليفتها الباطنية مرة أخرى، إنها حرب أرادها أعداء الأمة قديماً وحديثاً، ووقف إلى جانبهم حليفهم الذي صنعهم وأخرجهم إلى الوجود كقوة، وعليهم أن يتحملوا تبعاتها، فعندما يُقتل الأطفال وتُغتصب النساء ويهلك الحرث والنسل فالخطوط الحمراء يجب أن يضعها أهل الإسلام، وليسوا بحاجة إلى وصاية من أحد. سيبقى الإسلام، وسيبقى العرب أمة عزيزة مجيدة مهما كشَّر الخونة والعملاء، ومهما تعاظمت أسباب نفوذهم، لكن سرعان ما يذوبون ويضمحلون عندما تقمعهم مقامع الحق، وهذا هو مصير القتلة والمتآمرين على الشعب السوري وثورته العظيمة، فإنهم سيختفون من الأرض، وستطولهم يد العدالة، وستلاحقهم اللعنات؛ لأنهم ملعونون في الأرض وفي السماء.