ما إن انتهى حسن نصر الله وكيل الفقيه الإيراني من خطابه حتى استجاب المتحالفين معه في جبل محسن في طرابلس وأمطروا باب التبانة بوابل من القذائف الصاروخية مما جعل الطرف الآخر في باب التبانة يرد على هذا الاستفزاز الذي كانت حصيلته عشرة قتلى وعدداً من الجرحى بعضهم في حالة خطرة. خطاب نصر الله بما حمل من عبارات تحريضية وداعمة لنظام يقتل شعبه يعده الكثير من المتابعين للشأن اللبناني بأنه (الشفرة) التي كان ينتظرها ممن كانوا يسعون إلى نشر الفتنة في الشمال اللبناني ونقل الفوضى إلى لبنان تخفيفاً عن نظام حليف لحزب نصر الله ومن يمثلهم في المرجعيات الطائفية في إيران، فالخطاب السياسي والطائفي في إيران وفي سوريا والملتَزم به من كل الجماعات والأحزاب الطائفية والتيارات السياسية ذات الوجه الطائفي الواحد، يرتكز على وجوب الدفاع عن النظامين في طهرانودمشق باعتبارهما حسب زعمهم نظامين يقودان معسكر الممانعة والمقاومة، ولهذا يجب على كل من يؤمن بأسلوب المقاومة والممانعة أن يدافع عنهما، فعلى اللبنانيين أن يوافقوا على تدمير بلادهم وأن تدمر منشآتهم الحيوية ويقتلوا من أجل أن يبقى نظام ملالي طهران ويظل بشار الأسد حاكماً على سوريا حتى لو قتل نصف الشعب السوري. وعلى الفلسطينين أن يقبلوا بضياع قطاع غزة وتدمر مدنه وبفرض الحصار على أهله ويقدموا مئات الضحايا من أجل الدفاع عن حكام إيران وسوريا. هذا ما اعتدنا عليه من كل المرتبطين بما يسمى بمعسكر المقاومة والممانعة، فبحسب فهمهم أن مقاومتهم تنحصر بتحصين الحكام الطائفيين في إيران وسوريا، وأن تتكرس ممانعتهم في الوقوف بوجه أي تحرك ضد تغير هذين النظامين، أما الزعم بأن المقاومة والممانعة من أجل نصرة القضية الفلسطينية في حين أن أحد الأنظمة حافظاً على سكون جبهة الجولان مستكيناً لهدنة تواصلت أكثر من 40 عاماً فيما تُوظف جبهة أخرى وتُجعل (ترساً) لحماية نظامه وهو ما أنجزه وكلاؤهم في لبنان وغزة، مثلما فعل ويفعل الآن حسن نصر الله الذي قدم جنوب لبنان ضحية من أجل بقاء نظام دمشق وتخفيف الضغط عن نظام طهران. التضحية بجنوب لبنان يستنسخ الآن بصورة أخرى من خلال السعي للتضحية بشمال لبنان بدءاً من طرابلس للتخفيف عن نظام بشار الأسد الذي يتهاوى أمام ضربات الشعب السوري الذي لم يستكن رغم كل المجازر التي ترتكب ضد أبنائه والتي كان آخرها مذبحة الحولة. دمرت الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية ودمرت مدن الجنوب اللبنانية وقتل الآلاف من اللبنانين دفاعاً عن حكام إيران وسوريا، وما يجري في طرابلس وشمال لبنان مواصلة لهذا النهج الذي لا يمانع في تدمير كل لبنان من أجل بقاء بشار الأسد ونظامه، وأن يحصن ملالي طهران لمواصلة حرب الممانعة التي تحصد أرواح العرب والمسلمين من أجل استمرار حكم الطائفيين. [email protected]