مشروع الإدارة الاتحادية التي أصرُّ على تسميتها إدارة (التغيير والشجعان) في استعادة الهيبة المفقودة للنادي الكبير، ليس مشروعاً واحداً، كما يبدو وإنما هو عدة مشاريع متداخلة في بعضها تقود في النهاية إلى تحقيق الشعار الذي رفعته الإدارة في حملتها في انتخابات الجمعية العمومية للوصول إلى الأهداف التي وضعتها للارتقاء والعودة بالنادي إلى الموقع الذي ترسمه والمكانة التي يستحقها وتنتظرها الجماهير الاتحادية الواعية، ويأتي ذلك على كل المستويات الأدائية والتنافسية لفرق النادي وفريق كرة القدم على وجه الخصوص باعتباره واجهة و(سهماً قيادياً) للكرة والرياضة السعودية، وعلى محورين داخلي وخارجي. في المحور الداخلي جاءت مسيرة العمل الجادة والحقيقية لإعادة (صياغة) الفريق وبنائه عناصرياً وأدائياً، مع القرار التاريخي الذي أخذت به الإدارة في تفعيل خطوة (التشبيب) جدياً وعملياً، وبدأت ملامح المسيرة وجودة القرار وفاعليته في أول ثلاث مباريات، ثم كان التأكيد بصحة دخول طريق الألف ميل (النتيجة الفتاكة) في ربع نهائي بطولة الملك والتي راح ضحيتها فريق الهلال بقده وقديده، ولا شك في أن إكمال المسيرة في هذا المحور يحتاج إلى خطوات أخرى إضافية مهمة ومنتظره خلال الفترة القادمة وبرنامج عمل يتفق عليه الجميع، يتمثّل في حاجة الفريق إلى جهازين إداري حازم وقوى وعملي، وفني قادر ومتمكن وجريء وخبير حتى تكتمل العملية برمتها.. في المحور الخارجي،كانت خطوة الإدارة عملية ببيان الرفض للممارسات المسيئة التي تعرض لها رئيس النادي وبعض أعضاء مجلس الإدارة في منصة استاد الملك فهد أثناء مباراة الإياب أمام الهلال والموقف الذي حدث من إدارة الملعب، وهو موقف (متكرر) سبق وأن حدث لمرتين على الأقل ومع إدارتين سابقتين في المكان والاستاد نفسه، تم التعامل معهما سابقاً بالصمت والتمرير، وهو ما لا يتناسب ومكانة النادي وواقعه وما يمثله ككيان رياضي كبير، فالاتحاد في الرياضة السعودية (سهم قيادي)، ولذلك فهو معني بأن يُؤسس وأن يفرض واقعاً رياضياً مميزاً لا تميُّز فيه ولا تجاوز، وإنما تشيع العدالة والإنصاف والاحترام، وهو ما يظهره البيان الذي صدر وأراد أن يؤكد (رفض تصغير كيان نادي الاتحاد ممثلاً في رئيسه ومكانته وما يمثله بشخصيته الاعتبارية لأكبر وأول الأندية السعودية)، ودعم ذلك توضيحات البيان لما تعرض له النادي من إساءة وظلم وتحقير وتعريض وفوقية من خلال الألفاظ العنصرية التي (هتفت) بها قلة من الجماهير الهلالية، وهو ما لم يكن يحدث من قبل بعض الإدارات الاتحادية السابقة التي كانت تتعامل مع مثل هذه (التجاوزات) بالتغاضي والتمرير وعبارة: (لا تدقق)!! ما حصل يُسجل ولا شك للإدارة الاتحادية ويدوّن ضمن خطوات مشروع استعادة الهيبة داخلياً وخارجياً، ويبقى إكمال المسيرة في هذا المحور يحتاج هو الآخر إلى خطوات أخرى إضافية قادمة أهمها (الاستقلالية) في الأعمال التي لها علاقة بأندية أخرى، وأن يكون للنادي دوما رؤيته وخصوصيته، وأن يبقى قيادياً متبوعاً وليس تابعاً. كلام مشفر ) التعصب من المشكلات والأفعال التي تعاني منها الكرة السعودية، ويبدو أننا في الطريق إلى أن نترحم عليه وآثاره مع ظهور آفات أخرى أكثر خطورة وضرراً وضرباً للرياضة وتأثيراً عليها سلبياً، وأقصد العنصرية المقيتة. ) العنصرية هي أفعال أو أقوال تقلل من شأن إنسان لعرق أو دين أو لون أو جنس وفيها ظلم وازدراء وتحقير لفئة في المجتمع دون سبب أو وجه حق، وهى ضرب على وتر حساس في أعماق الروح، والعنصرية (جريمة) مكتملة الشروط. ) الخلط بين جريمة العنصرية بالهتافات الجماعية وآفات المدرجات الأخرى مثل الشتم أو الإساءة بأي أشكالها، والربط بينها ومحاولة المساواة بينها، إلى درجة الاستماتة في التبرير للعنصرية هو ما أدى إلى انتقال مدرجاتنا من (العنصرية الخفية) إلى العنصرية المعلنة. ) وهي مسألة خطيرة ولا شك على صعيد المجتمع وخطورتها أكبر على صعيد الرياضة إذ تتجاوز المدرجات والأندية إلى المنتخبات الوطنية ما لم يتم تداركها، وهناك (سابقة معروفة وقعت في أحد معسكرات المنتخب الوطني قبل كأس العالم بسبب جزئية من هذه الآفة الخطيرة). ) أخيراً، أقول: في كل مرة خرجت فيها هتافات أو آفات أو إساءة، كتبت وبنفس الحدة التي تحدثت فيها بعد الهتافات العنصرية الأخيرة لبعض جماهير الهلال، والأرشيف موجود، والذين يقولون أين كنت؟.. (ليس ذنبي أنهم إما لا يتابعون أو أن ذاكرتهم ضعيفة). ) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.. (الحجرات:13)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: في (حديث مرفوع) «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، أَلا وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، أَلا لا فَضْلَ لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى، أَلا قَدْ بَلَّغْتُ؟» قَالُوا: نَعَمْ.. قَالَ: «ِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ». ) وفي الحديث الشريف: (إن الله قد أذهب عنكم عُبِيَّة الجاهلية وفخرها بالآباء.. أنتم بنو آدم وآدم من تراب).. رواه أبو داود وحسنه الألباني.