على كرهنا للكيان الصهيوني المغتصب وما يقترفه من جرائم في حق الشعب الفلسطيني؛ إلا أننا مضطرون في لحظات مريرة من تفاقم جرائم النظام الدموي السوري التي تجاوزت كل حماقات المتهورين من الجبابرة على مر التاريخ؛ مضطرون أن نقول لإسرائيل ولأول مرة ونرجو أن تكون آخر مرة: شكرا! أرأيتم كم هو الألم جارح ونازف حين يشكر الإنسان عدوه! بشار وإسرائيل كلاهما عدو! إذاً ليضرب الأعداء بعضهم بعضا! كلهم مجرمون! إذاً ليأكل المجرمون بعضهم بعضا! ولكن؛ هل طرأ من جديد لينقلب الحليف النصيري المؤتمن على صديقه الإسرائيلي الودود؟! هل تبدلت الولاءات؟! هل انقلب المفرط في الجولان وحامي حمى إسرائيل على مدى أربعة وأربعين عاما إلى عروبي قومي مقاوم صامد؟! الحق لا لم يتبدل شيء، ولم ينقلب النظام البعثي النصيري ممانعا قوميا صاحب قضية! الحق الذي لا غبار عليه: أن إسرائيل أيقنت كل اليقين أن الحليف النصيري المؤتمن على الجبهة وعلى الحدود وعلى الجولان وعلى أكوام السلاح المتكدس خلال العقود الماضية القصير المدى منه والطويل، العادي منه والبيولوجي، الكيماوي منه والسام أصبح في مهب الريح مع تقارب سقوط النظام المتداعي الذي لم يعد يسيطر إلا على أقل من ثلاثين في المائة من أراضيه؛ بل امتد رمي الجيش الحر والفصائل الأخرى المقاتلة إلى محيط قصر النعامة، وبدأت حالات انشقاق وفرار كبار الضباط والعسكريين تتزايد، وفي الوقت نفسه ازداد تدفق السلاح بكل أنواعه من إيران والصين، وتكاثف دخول الفرق المقاتلة من فيلق القدس وحزب الدعوة وحزب الله إلى الأراضي السورية واستمات حلفاء النظام لإنقاذه من الانهيار الوشيك؛ لكن إصرار الثوار السوريين الأحرار على تحقيق الأهداف البعيدة للثورة التي لن تقل عن إسقاط النظام ومحاسبته على جرائمه الدموية وعلى ما اقترفه من تدمير للمدن السورية ومن تشريد وتهجير للشعب السوري حقق انتصارات متوالية وصمودا فذاً؛ لأنه لا حل سوى الصمود ومواصلة النضال حتى النصر. وقد شعرت إسرائيل بقرب نهاية بشار ونظامه وخشيت أن تقع ترسانة الأسلحة المدمرة التي استوردها من الصين وكوريا الشمالية والتي جلبها الإيرانيون حديثا من الصواريخ البعيدة المدى حاملة الرؤوس الكيماوية؛ أن تقع في أيدي الثوار، وهم فصائل متعددة وذوو اتجاهات دينية وأيدلوجية مختلفة، وفيهم معتدلون، وفيهم من لا يؤمن بوجود إسرائيل ويعتقد -كما نعتقد- أن إزاحتها من الأرض العربية المحتلة حق مشروع ومطلب ديني وقومي، وإذا سقط النظام ووضع الفصيل المنتمي إلى جبهة النصرة -مثلاً- يده على تلك الأسلحة المدمرة؛ فإن الهدف الأقرب بعد نظام بشار الهالك هو إسرائيل! لم تبدل إسرائيل ثقتها في نظام بشار ولا في حزب الله، ولا في إيران؛ لكن تأكدت تماما أن إيران وحزب الله والنظام النصيري كلهم لم يستطيعوا الصمود أمام بطولات الثوار السوريين الأحرار؛ فلا فرار إذن من تدمير المخزون الهائل من الصواريخ وقواعدها التي يمكن أن تهدد أمن إسرائيل؛ لسقوط حامي حمى أمن إسرائيل المؤتمن عليه أربعة وأربعين عاما! والآن.. أين أنت أيها القومي الصامد الممانع العتيد؟! ها هي أرض سوريا تنتهكها الطائرات الإسرائيلية وتسبح في سمائها جولة إثر جولة وتصفعك في عقر دارك وطائراتك وصواريخك ودباباتك التي دكت ودمرت المدن السورية وقتلت مئات الآلاف من الشعب السوري مخدرة نائمة فاقدة الحراك؟! أين أنتِ أيتها النعامة الممانعة المتمترسة بالأقبية والمخابئ السرية؟! أسَدٌ عَلَيَّ وَفي الحُروبِ نَعامَةٌ رَبْداءُ تجفلُ مِن صَفيرِ الصافِرِ! [email protected] mALowein@