اتفاقيات الاستخدام مما يمر على أي مستخدم إنترنت، سواءً أردتَ تنزيل برنامج أو الاشتراك في موقع تواصل اجتماعي أو شراء خدمة أو تسجيل حساب بريد إلكتروني، فلا شك أنه مرت عليك اتفاقيات الاستخدام التي تُفيد المستخدم بما له وما عليه وبشروط استخدامه للموقع أو البرنامج، لكن هل دائماً نقرأ هذه الاتفاقيات؟ لا أظن أي شخص يقرأها! ربما لأنها طويلة، أو مملة، أو أنها مليئة بالكلام القانوني والتقني الذي لا يفهمه الشخص العادي، ولهذا فهذه الاتفاقيات لا تلبث إلا ثانية في العادة قبل أن يضغط المستخدم على زر «موافق» دون أن يقرأ منها شيئاً، والحقيقة أن هذا معقول، خصوصاً مع كثرة الاتفاقيات المختلفة التي تمر على معظم الناس، وهذه الاتفاقيات جاءت موضع دراسة، ذلك أن باحثاً من جامعة كارنغي ميلون في ولاية بنسلفينيا انتبه للكمِّ الكبير من هذه الاتفاقيات وقرر أن يبحث فيها، ووجد شيئاً مدهشاً: قراءة كل اتفاقيات الاستخدام يأخذ وقتاً طويلاً. ليس هذا هو المدهش بل هذا بديهي، ولكن ما يثير العجب أنه قاس الوقت المطلوب لإتمام قراءة كل هذا، ووجد أن قراءة الاتفاقيات التي تمر على الشخص في سنة واحدة يحتاج 76 يوم عمل، بمقدار 8 ساعات في اليوم. يعني هذا أنك تحتاج أن تأخذ إجازة من العمل أو الدراسة وتجلس تقرأ هذه الاتفاقيات ثُلث يومك بلا دقيقة توقف، لشهرين ونصف الشهر، وهذا فقط لإتمام ما يمر عليك من اتفاقيات في سنة واحدة فقط. هذا يعادل 25 يوماً من القراءة المتواصلة 24 ساعة بلا راحة! هذه هي النتيجة التي توصل إلبها الباحث بعد أن درس اتفاقيات الاستخدام التي يستخدمها أكثر 75 موقع انترنت ووجد أن متوسط عدد الكلمات في كل اتفاقية هو 2514 كلمة، أي أكثر من 5 أضعاف عدد كلمات هذه المقالة. ولم يكن هذا عامل القياس الوحيد، بل أخذوا في الحسبان الاستيعاب، فالاتفاقيات هذه مليئة بالكلام القانوني والفني الذي يعيق الاستيعاب السريع، وعلى الشخص أن يعيد قراءته أكثر من مرة ليفهم المقصود، وهذا تأكّد لديهم لما أعطوا أكثر من مائتي متطوع نماذجاً من تلك الاتفاقيات وراقبوا كيفية قراءتهم. لكن عدم قراءة هذه الاتفاقيات مشكلة. نعم، لا شك أن قراءتها كلها بلا استثناء شاق، لكن إهمال قراءتها كلها يمكن أن يجعلك تندم، لبعض الأسباب، أحدها أن بعض الشركات تضع شروطاً مجحفة، فتسمح لك باستخدام منتجاتها– مثلاً برنامج تصفح إنترنت – لكن بشرط أن تأخذ معلومات عنك، مثل عناوين المواقع التي تزورها وعدد زياراتك لها، وهذا شيء غير مرغوب، وإذا لم يقرأ الاتفاقية فقد يوافق على هذا ولا يشعر. غير أن أحد أهم الأسباب التي تدعو الشخص أن يقرأها سبب لا يخطر على بال، وهو شيء حصل عام 2005م. شركة صغيرة صنعت برنامجاً وطرحته في السوق، وأخذ الناس يشترون ويُحمّلون هذا البرنامج من دون قراءة الاتفاقية، ونعرف أنهم لم يقرؤوها لأن الاتفاقية حَوَت بنداً يمنح الشخص الذي يقرأها مبلغ ألف دولار أمريكي! بعد 5 أشهر و3000 تحميل أخيراً استقبلت الشركة اتصالاً من زبون قرأ الاتفاقية ووجد فيها ذاك الشرط، وأعطوه المبلغ المذكور والذي لم يكن له أي متطلَّب إلا أن يقرأ الشخص الاتفاقية ويصل إلى تلك الفقرة فيكلّم الشركة ويعطونه المال بلا مقابل! هل أقنعْتُك الآن أن تقرأ اتفاقيات الاستخدام؟ Twitter: @i_alammar