هاتفني مسؤول في إحدى الإدارات الخدمية هذا نصه... لقد عُينت في هذه الإدارة منذ فترة وجيزة وتبين لي خلال التقصي والتغلغل في دهاليزها أن الفساد ينخر مفاصلها، إن لجهة تسيب بعض الموظفين أو التقصير في تقديم الخدمات وبعد التحقق المستفيض لتحديد مكامن الخلل تبين أن هناك أكثر من موظف يستوجب استبعادهم وآليات لابد من توفيرها، فضلاً عن دعم مالي... وعلى ضوئه رفعت بتلك المستحقات (الضرورية) لرئيسي المباشر ولم أتلق رداً شافياً لعدم توفيرها عدا نقل موظف واحد..كررت المخاطبة خطياً وهاتفياً وذهبت شخصياً دون جدوى.. قاطعته ألم تخطر مديرك بأن عدم تحقق تلك المعطيات سوف يعود بالضرر على الصالح العام؟ أجاب بلى لكن لم أجد سوى المماطلة، عموماً ضميري مرتاح فالخطابات المرفوعة موثقة وأخليت مسؤوليتي... عاجلته من قال لك إن المسؤولية لن تطالك في حال تسببت إدارتك بأخطاء وربما أخطاراً تلحق بآخرين بسبب تقاعسكم لجهة واجبات العمل ومقتضياته فطفق قائلاً:- المسؤولية تقع على مديري المعني فهو لم يلب طلبات الإدارة.. فقلت له:- المسؤولية عليك أكبر فأنت المسؤول المباشر وأنت الذي تعرف جسامة عدم توفير المستلزمات والدعم واستطرت.. حتى لو أخليت مسؤوليتك من الناحية القانونية فعلى الصعيد الإنساني والوطني فأنت مذنب فقال:- ما العمل؟ فقلت:- إن كنت صادقاً ومتوجساً من تداعيات عدم تأمين ما ذهبت إليه فعليك إرفاق خطاب نقلك لجهة أخرى مشفوعاً بخطابات متطلبات الإدارة فبادر قائلاً:- (لكن).. قالها متلكئاً ومتلعثماً. فانتهى الحوار.. لكن لم ينته مع القراء وتحديداً من يقبعون على سدة المسؤولية نقول لهم المطالبة لا تكفي فلا بد من المساومة عليها بالمنصب إذا لزم الأمر فإن تحققت فهو إنجاز يحسب للمسؤول وإن لم تتحقق فالابتعاد وترك المنصب أفضل وأكثر نزاهة.. من هنا تتجلى راحة الضمير بمفهومها الحقيقي أما أن يكتفي المسؤول بوصفه طالبا وخاطبا فيزعم تالياً بأنه مرتاح الضمير نقول له أنت واهم لقد ضحكت على نفسك، وربما (تواريت) خلف وجاهة المنصب وبريقه! لكنك لن تتوارى أو توهم الآخرين وأولهم ضميرك إن كنت تملك ضميراً.