المتابع لمسيرة وأعمال الفنان زمان جاسم، يعلم أنه فنان ذو تجربة ناضجة، ومن الفنانين الذين لهم باع طويل في تاريخ الفن المعاصر ولديه تجارب متنوعة محلية ودولية، كما أن من يعرف تاريخه يعلم تماماً من أين جاء اتجاه أسلوبه الفني، وكيف وصل إلى ما هو عليه، فهو ممارس ينمو فنيا بخطوات مدروسة قد لا تكون بجرأة ألوانه وخطوطه أو حتى شخصيته، ومع ذلك فإن أعماله التي اكتسبت نمطية مريحة ومقنعة في التطور وصلت اليوم لمرحلة ناضجة لدرجة تجعلك تفخر بأن زمان جاسم فنان سعودي، تضمنت أعماله الأخيرة ضمن مجموعته التي ملأت الصالات الثلاث في قاعة الفن النقي تحت عنوان «أسرار» أكثر من 50 عملا فنيا تركز على مخرجاته الفنية وتؤكد على أسلوبه خلال عقد تقريبا وقد تراها عين المتلقي (غير المتمرس) متشابهة، بينما يمكن تقسيمها إلى 4 مجموعات رئيسية؛ المجموعة الأولى تقع ضمن الخط الذي يسير عليه منذ فترة في اللوحات ذات القاعدة البيضاء مع طبقات من الألوان التي توحي بشفافية عالية، وزمان متمكن من هذه التقنية مع تكوين تجريدي يعتمد على الخط واللون ويركز على نقل الإحساس عبر العمل أكثر من أي شيء آخر، ويمارس هذه التقنية على ورق، أو على قماش في مساحات أكبر في مجموعته الثانية، والتي تتيح المساحة فيها ونوع الخامة مزيدا من التعبير والجرأة، اتضح في المجموعة الثالثة من خلال اللون، الذي يكاد يغيب فيه الأبيض المعروف في خط زمان وأسلوبه في السنوات الخيرة، تلك الألوان الجريئة كالأصفر والأحمر والخضر، خارج عن نصه، وربما تكون حالة انفعالية وتجربة لا أعتقد أنه وفق فيها، ولكن كانت مهمة للخروج من دائرة النمطية التي كاد أن يحبس نفسه فيها، والمجموعة الأخيرة هي التجربة التي خرج منها بالفعل بجرأة عن تلك النمطية، وهي تجميع ما بين أعماله التي سبق وعرضها في مناسبات قريبة سابقة حين خرج عن السطح ذي البعدين ليضيف بعدا ثالثا بإعادة تشكيل القاعدة التي يعمل عليها أو سطح اللوحة، مستخدما التقنية ذاتها في أعمالها وألوانه ذات السطوح البيضاء بطبقات شفافة وعناصر لونية وخطوط تتجمع في تكوين أو تتناغم مع الأرضية مشكلة ملامس متنوعة حسية، كما تتضمن مجموعة أسماها (ستالايت) فكرتها مستنبطة من أقراص استقبال القنوات التلفزيونية والتي يكاد لا يخلو منزل منها، الفكرة امتداد لأعماله التي عرضت في نفس الصالة، ولكنه حدد موضوعا موحدا لهذه المجموعة، وأضاف عنصرا فكريا جدليا ثقايا واضحا أعطى لهذه الأعمال العمق الفكري، إضافة إلى العمق في البعد الجديد من خلال الطبقات الفعلية في سطح العمل إضافة إلى الطبقات اللونية في أسلوبه المعتاد، هذه الطبقية عالجها بخامات متنوعة من البيئة والحياة اليومية، بينما كانت العناصر المرسومة في العمل مستقاة من الفكر الثقافي المتنوع والممتد لآلاف السنين، كالعناصر الزخرفية الشعبية أو الإسلامية، هذا التجمع في العمل الواحد بين العناصر والطبقات والألوان نجح زمان من خلالها وتحت فكرة إبداعية وموضوع واضح، وبأسلوبه الفني الجميل، نجح في أن ينتقل بجرأة من محطة إلى أخرى في مسيرته الفنية، أحسن زمان في رصد العولمة ونقل فكرها عبر عنصر مستوحى من حياتنا اليومية، وعكس من خلال دوائره أو أقراصه عقلية المواطن السعودي بأسلوب جميل وانعكاس بصري يجعلنا نستمتع، ونفكر وقد نعي في ذات الوقت. [email protected] twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية