حسم الثوار السوريون أمرهم وانتخبوا رئيساً لحكومة مؤقتة سيعهد إليها إدارة المناطق المحررة التي يزداد اتساعها بعد الانتصارات الأخيرة للجيش السوري الحر. انتخابات الحكومة السورية المؤقتة جرت في أجواء لم يعتدها السوريون طوال حكم آل الأسد، فقد تباينت الاجتهادات، بل ظهرت اختلافات قوية أدت إلى انسحاب بعض المقترعين، وهذا نوع من القوة وليس الضعف، ورغم انسحاب أسماء لها وزنها إلا أن التعددية والديمقراطية وعدم الاستكانة لفرض القوى الأكثر تمثيلاً تعد ثقافة جديدة على السوريين. لقد تمت عملية الانتخاب واختير السيد غسان هيتو، وهو «رجل توافق» ويحظى باحترام الإسلاميين في المعارض كونه مسلماً متديناً، ويقبله الليبراليون بالنظر لمساره المهني الناجح في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث كان مديراً تنفيذياً لمدة أحد عشر عاماً في «أينوفار» في ولاية تكساس المختصة بتكنولوجيا الاتصالات. ورئيس الحكومة المنتخب سيكون عليه تقديم تشكيلة حكومته التي ستقتصر على وزيرين للدفاع والخارجية ووزراء لوزارات الخدمات، وسيكون عملهم في المناطق السورية المحررة. إن اختيار رئيس للحكومة السورية المؤقتة وسرعة تشكيلها يحقق مطالب إقليمية ودولية للتوافق مع استحقاقات قادمة، حيث يتوقع أن تتخذ القمة العربية القادمة التي ستعقد في العاصمة القطرية الدوحة قراراً بمنح مقعد سوريا إلى الائتلاف الوطني السوري الذي اشترطت الجامعة العربية في اجتماع وزراء خارجيتها الأخير الذي عقد في القاهرة أن تكون للائتلاف حكومة، أو هيئة، أو سلطة، حتى يمكن أن تشغل مقعد سوريا في القمة العربية وفي اجتماعات جامعة الدول العربية، ولهذا فإن السيد غسان هيتو سيسرع بتشكيل حكومته التي لن تكون كبيرة العدد، حيث ستقتصر على وزير يدير العمليات العسكرية وينسق مع الثوار وصول الأسلحة وتعاون الكتائب العسكرية، كما سيتم اختيار وزير لإدارة الاتصالات والتفاوض مع القوى والكتل الدولية والدول الإقليمية والدولية، وهذان الوزيران؛ وزير الشؤون العسكرية «الدفاع»، ووزير الخارجية سيخضعان للمساومة والتنافس بين القوى السياسية المؤلفة للائتلاف الوطني السوري، أما وزراء الخدمات فسيكونون من داخل الأراضي السورية حتى يقوموا بما هو مأمول منهم من تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين الإدارة المحلية في ظل حكومة وطنية بعيدة عن حكم آل الأسد.خطوة تشكيل الحكومة الوطنية السورية المؤقتة خطوة متقدمة جداً، وستحظى بالدعم والمساندة من أصدقاء سوريا الحقيقيين لتمكين الثوار من تقديم صورة إيجابية لما يمكن أن يتحقق من تغيير في حياة المواطن السوري في المناطق المحررة وتمكينه من العيش بحرية وكرامة مع توفير وسائل الدعم والدفاع عن النفس بتزويدهم بسلاح يمكنهم من صد الاعتداءات المستمرة من قبل عسكر بشار الأسد. [email protected]