يبدو أن حركة الإصلاح التي تشهدها المملكة خلال عهد الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هي حركة إصلاحية مستمرة، لا تتوقف عند مراحل زمنية، ولا عند أسماء أشخاص، ولا عند ملفات معينة ذات علاقة مباشرة بالإصلاح العام في المملكة. وشهدت الأعوام السابقة إصلاحات تاريخية لم يشهد لها تاريخ المملكة مثيلاً، ولم يكن أكثر المتفائلين يتوقع حدوثها بتلك الوتيرة وبتلك الجرأة. وجميع تلك الإصلاحات كان - وما زال - هدفها الرئيسي الارتقاء بهذا الوطن ومواطنيه. وشملت الإصلاحات مناحي عدة على مستوى التشريعات والأنظمة المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بحياة المواطنين. كذلك فإن تلك المرحلة شهدت تحولاً نوعياً في إحلال القيادات الحكومية، وشهدنا شبه تلاشٍ لظاهرة المسؤول والكرسي وعلاقة الزواج الأبدي؛ حيث شهدت المرحلة دخول أسماء شابة في عدد من القطاعات الحيوية، وأثبتت تلك الأسماء سداد رؤية القيادة في الزج بتلك الدماء الشابة في منصة القيادة الحكومية، والأمثلة على ذلك كثيرة. وخلال الأسبوع الماضي تحديداً شهدنا تحولاً جديداً من ناحية دخول قيادات جديدة في بعض مفاصل الحركة الاقتصادية في المملكة، وتحديداً المجلس الاقتصادي الأعلى وهيئة السوق المالية؛ لتكمل مسيرة دخول الدماء الجديدة في القيادات الحكومية الاقتصادية التي شهدت تغيراً جذرياً من ناحية الأسماء خلال السنوات الثلاث الماضية. وبغض النظر عن تقييمنا للمراحل السابقة لتلك المنشآت، وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا حول الأسماء الجديدة، فإن دخول فكر جديد في القيادة الحكومية إيجابي على مشهد الصورة الكاملة. أعتقد شخصياً أننا دخلنا مرحلة جديدة من الفكر الإداري الحكومي. ولعل الرسالة الأهم من تلك التغييرات أن المنصب ليس حكراً على أحد، وأن ثقافة تملك الكراسي الحكومية قد ولّت، وأنه على الأسماء الجديدة أن تعمل على تحقيق الرؤية الاقتصادية التي تتمناها القيادة ويتطلع لها المواطن، وليس أمام تلك الأسماء إلا خيار واحد، هو العمل بجد على ذلك الهدف؛ لأن المنصب أصبح يعتمد على تحقيق التطلعات الوطنية بجميع أطيافها. ومن وجهة نظري أنه إذا وصلت تلك الأسماء إلى قناعة أن كل منشأة حكومية هم رأس هرمها، وأنها ليس ملكية خاصة أو مستقلة، بل إنها مؤسسة ضمن منظومة متكاملة تؤثر وتتأثر بتحركات المؤسسات الأخرى، فإننا حينها سنكون في دولة المؤسسات التي تحقق الرؤية الوطنية الشاملة، والعارفونبالتفاصيل - خصوصاً - يعلمون أن هذا الوطن يملك جميع مفاتيح النجاح الاقتصادي، وما نحتاج إليه هو رؤية موحدة وتناغم في أداء الأدوار بين القطاعات الحكومية. كلي أمل أن يكون هذا التغيير مفتاح المستقبل المشرق بإذن الله. [email protected]