احتضنت الرياض خلال اليومين الماضيين القمة العربية الاقتصادية التنموية الاجتماعية الثالثة، وكما في محركات البحث فإن هذه القمة تشمل كلمات أو مصطلحات تحليلية مهمة، بغض النظر عما تحمله فكرة القمة الرئيسة من أحلام و طموحات. «قمة عربية» اقتصادية وتنموية واجتماعية «الرياض» «الثالثة» «2013»، لا شك أن الكلمات السابقة تفتح المجال أمام التحليل الاقتصادي والسياسي لما يمكن أن تحمله هذه القمة من أهمية سياسية وإستراتيجية للدول العربية بغض النظر عن طموحات الدول الفردية. ولذلك فإني أرى أن هذه القمة تحمل أهمية أكبر للدول من قممهم السياسية، فالطريق الوحيد للتقارب هو في النمو الاقتصادي وليس في النجاح السياسي، خصوصاً وخريطة الدول العربية شهدت تغيرات سياسية كبيرة على مستوى القيادات وكذلك على مستوى الطموحات الشعبية في دول متعددة، وأمثلة نجاح التحالف والوحدة الاقتصادية هي حديث لا يحتاج منا اليوم إلى إعادة إثبات فمثلا أو مثال التحالف الاقتصادي في العصر الحديث هو في حجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدةالأمريكية عام 2011 قد وصل إلى 15.2 تريليون دولار، وهو ناتج محلي إجمالي ل 52 دولة توحدت في دولة واحدة سياسياً واقتصادياً، ومن ثم في الاتحاد الأوربي 17.5 تريليون دولار وهو الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 27 دولة توحدت اقتصادياً في كيان واحد، وطبعاً هذا بلا شك انعكس بشكل واضح على التركيبة الاجتماعية والتنموية وهو هدف القمة العربية الثالثة. اليوم الحديث عن قيمة الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية وهو 2.37 تريليون دولار بنهاية العام 2011، تمثل دول الخليج حوالي 1.4 تريليون أي ما نسبته 60 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي العربي، وتمثل المملكة فيه 60 بالمائة. فإذا كانت الرياض هي محور الثقل الاقتصادي العربي، فإنه من الطبيعي أن تأخذ الرياض زمام المبادرة دائماً في دعم التوجهات العربية وينبغى للدول العربية جميعاً أن تؤمن بهذا الواقع لما فيه المصلحة المشتركة للدول العربية جميعاً، ولعل دور المملكة اليوم في تركيبة الخريطة الاقتصادية العربية يشابه إلى حد كبير دور ألمانيا وفرنسا مجتمعتين في تشكيل وتفعيل الاتحاد الأوربي فهما يمثلان الثقل الأهم في النتاج المحلي الإجمالي لدول الاتحاد الأوربي، وطبعاً بنسبة تقل بكثير عن نسبة تأثير الناتج المحلي الإجمالي للمملكة على الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاديات الدول العربية. أرى أن مبادرات المملكة الاقتصادية وخصوصاً في هذه الدورة الثالثة تمثل بارقة أمل مهمة لمستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية، وسيذكر التاريخ دائماً نتائج تلك المبادرات بالإيجاب إذا ما تم تبنيها من الدول العربية جميعاً، وستكون بالسلب إذا ما فرط العرب في استثمار حرص الاقتصاد الأكبر والأقوى في المنطقة، واختاروا التشبث باهتماماتهم الفردية السياسية قصيرة الأجل على حساب التنمية الاقتصادية والاجتماعية طويلة الأجل. [email protected]