تأتي التغييرات الوزارية في السعودية لتؤكد الرغبة الحقيقية للقيادة في رسم مستقبل أكثر وضوحاً وتحديداً في تلك الوزارات ذات الثقل الاجتماعي والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحياة الناس وهمومهم، وهي في الوقت نفسه تعكس رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نحو تغليب الأدوار الفاعلة والأكثر نشاطاً في مناحي الحياة وكل ما له علاقة بالمواطن السعودي تحقيقاً لآماله وتطلعاته في الفترة المقبلة. وقد أجمع عدد من المراقبين على أن التغييرات الوزارية تأتي في وقت يعتبر التغيير فيه حالة مطلوبة لدى الجميع نظراً لحجم التحديات والمتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تشهدها المجتمعات ومسألة شغل الجهات المؤثرة بالكفاءات من شأنه ان يحقق التوازن المطلوب ويسهم بشكل مباشر في الارتقاء بالخدمات وكل مناحي الحياة. عضو مجلس الشورى الأسبق الدكتور محمد آل زلفة أكد ل»الحياة» أن التوقيت الذي أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين هذه القرارات يعبر بشكل واضح عن رغبته في الاستفادة القصوى من عامل الوقت وتحقيق الانجازات لاسيما أن الاعلان تزامن مع بداية عام هجري جديد، وقد أعلن قبل أيام عن أن المجتمع ينتظر تفاصيل اضخم فائض للموازنة على حد قوله. واضاف آل زلفة: «لقد كان متوقعاً أن يأتي هذا التغيير ولكن بشكل تدريجي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذا يعطي دلالة على أن القائد يبحث دائماً عن مفاتيح التغيير والتطوير وإيجاد الاسماء القادرة على إدارة دفة الامور في اي موقع يتم تعيينها فيه. وتابع: «هناك وزراء مكثوا لسنوات عدة مثل الدكتور محمد الفايز في وزارة الخدمة المدنية، وكذلك وزير الحج السابق الدكتور فؤاد فارسي وقدموا ما لديهم، لكن المرحلة تتطلب ايجاد التغيير وهذا لا يعني عدم نجاحهم بل محاولة للتطوير والبحث عن حلول من شأنها أن تحقق المصلحة العامة وتفي بمتطلبات العصر. من جهته، عبّر عضو مجلس الشورى السابق والمحلل الاقتصادي الدكتور عبدالله دحلان عن حالة وأهمية القرارات التي اصدرها خادم الحرمين الشريفين، وأنها خطوة في طريق الاصلاح والتغيير، وأنها تعبر بالدرجة الاولى عن رغبة الجميع نحو إدخال اسماء جديدة وأعطائها الادوار ذات الصلة المباشرة بالمواطن حتى تكون دعامة لتطلعات الشعب. وأشاد دحلان بالشخصيات التي وقع عليها الاختيار وبسنوات الخبرة التي قضوها في خدمة مواقعهم السابقة والتي مهدت لهم الطريق نحو استلام الحقائب الوزارية نظراً لنجاحاتهم على حد وصفه، لكنه في الوقت ذاته رأى أن عنصر المفاجأة كان حاضراً في القرارات والسبب ما كان يتردد حول بعض الأسماء، مشيداً باختيار بعض الاسماء إما من داخل طبيعة عمل الوزارة أو ذات علاقة مثل اختيار الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة القادم من ذات المكان، وطالب الدحلان أن يدعم هذا القرار قريباً بفصل التجارة عن الصناعة أو تعيين نائبين لشؤون التجارة وآخر للصناعة.