هذا الراحل العزيز لم تغره مباهج الدنيا، ولم يشغله ما فتح الله به عليه من رزق. ظل عنواناً للتواضع والبساطة وصدق التعامل، رحمه الله رحمة واسعة. إنه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الموسى، رجل الخير الذي غادر هذه الدنيا بعد عمر حافل بالعطاء والخير والبذل غفر الله له ورحمه. لم يسمع أحد من الناس عن هذا الرجل يتحدث عن نجاحاته، وعصاميته أو عمله الخيري الكبير.. بل كان مستمعاً أكثر من كونه متحدثاً بالمجالس. ))) من لا يعرفه يدرك أنه رجل بذل الكثير على المحتاجين، وأكثر الناس لم يعرف عن أعماله الخيرية إلا بعد رحيله عندما تحدث الناس عنها: شفعاء أو محتاجون. أذكر وكثيرون غيري يعرفون مواقف خير له ربما أكثر مني - أذكر أنني- قبل حوالي عشر سنوات أرسلت له خطاباً بشأن أخ محتاج مر بظروف مادية صعبة، واقترحت نهاية الخطاب مبلغاً من المال وذهب هذا الأخ صاحب الظروف إلى الشيخ، وبعد يومين إذ بهذا الأخ يتصل بي قائلاً: إن الشيخ الموسى قرأ خطابي وطلب المراجعة من الغد، وعندما راجعته واستلمت الشيك إذ هو ضعف المبلغ الذي اقترحته - رحمه الله -. أية أريحية هذه، لقد أدرك حاجة هذا الشخص وحيائي أن أطلب منه مبلغاً كبيراً جعل الله هذه الصدقة من الباقيات الصالحات يوم لقي ربه. ))) وروى لي أحد معارفه بعد مرور يومين من وفاته أن هناك أشخاصاً كثيرين بنى لهم بيوتاً أو أعطاهم أراضي بالمجان، وكان يخفي ذلك لكن يخفي صنائعه والله يظهرها. أسأل الله أن يكون من الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ البقرة 274. ))) لقد كان رحمه الله موضع ثقة الناس.. ولقد شهدت موقفاً يؤكد هذه الثقة، فقد ذهبت إليه والتقيت به - رحمه الله - في أبها حيث كان يصيف هناك، وجاءه في مجلسه أخ مواطن طالباً أن يساهم في أرض بالرياض، فقال له الشيخ: طيب لكن يحسن أن ترى الأرض وموقعها فرد عليه المواطن: أنا شفت عبدالعزيز الموسى وهذا يكفي.. - رحمه الله -. فضلاً عن أن هذا الشيخ الراحل ضرب مثلاً للصبر والكفاح والعصامية، ومن ثم حصد النجاح والسمعة العطرة.. لقد انتقل - رحمه الله - من عامل بناء بسيط إلى رجل أعمال كبير ذي خبرة واسعة في عالم العقار والاقتصاد، ومع كل هذا لم يغتر بالمال ولم يطغه الثراء، بل ظل كما هو في بساطته وزهده بالأضواء. لقد لمحت في مجلس العزاء ملمحاً مفرحاً: إذ رأيت عدداً من الناس يعزون به وهم ليسوا أقارب له فعندما نظرت إليهم رأيت أنهم فضلاء من أهل الخير فبعضهم يعمل بجمعيات خيرية، وبعضهم كفلاء أيتام، وبعضهم بل تاجهم من القائمين على مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وكان في مقدمتهم فضيلة الشيخ الورع سعد الفريان خادم القرآن ورئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض، أسأل الله أن يجعل كتاب الله الذي بذل وحرص عبدالعزيز بن عبدالله الموسى على الإنفاق من أجل نشره وحفظه شفيعاً له وقائده إلى جناتك.. جنات النعيم ))) ختاما: إن كل محبي الشيخ يتوقون أن يسير أبناؤه وبناته على نهجه، ولعلهم سائرون بحول الله فقد رأوا محبة الناس لوالدهم في حياته ودعاءهم له بعد موته، وهذا أكبر حافز لهم للاستمرار على نهج والدهم إبقاءً لذكره وكسباً للأجر له ولهم. أسأل الله أن يجعل ما قدمه الشيخ عبدالعزيز الموسى رفعاً له عند بارئه في الدرجات العلى من الجنة. [email protected] فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi