في يوم الجمعة 22-2-1434ه ودعت مدينة الدلم علماً من أعلامها الأفاضل وأحد أعيانها البارزين الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الجلال بعد معاناة مع المرض، وقد رحل إلى الدار الباقية مأسوفاً على فراقه وغيابه، وقد امتلأ مسجد الشيخ عبد العزيز بن باز بالدلم وساحاته بالمصلين الذين توافدوا عليه من جميع أنحاء الدلم والخرج والرياض من محبيه وعارفيه، وكان رحمه الله من خيرة طلاب الشيخ عبد العزيز بن باز عندما كان قاضياً في الدلم، وقد ترك الشيخ عبد الرحمن رحمه الله آثاراً طيبة وذكراً حسناً وذريته تدعو له بمرور الليالي والأيام، والشيخ له مكانة عالية ومحبة صادقة في قلوب أهل الخير وذلك لتعدد محاسنه وفضائله ومكارم أخلاقه وكنت أزوره مع والدي متعه الله بالصحة والعافية والأخ عبد الرحمن في الأعياد وبعض المناسبات، وكان منزله عامراً ويعج بالزوار والمحبين له، وكان يؤنس الحضور بأحاديثه الشيقة الممتعة ويبدو على محياه البشاشة والبشر وطلاقة الحاجبين والتقى، ومن أحاديثه الشيقة الحديث عن تاريخ مدينة الدلم وخاصة ما يتعلق بعلمائها وقضاتها أحوال القدماء وما يجري في تلك الحقبة من طرائف وعادات تستهوي المستمع إلى حفظها. وقد عمل مدرساً لمادتي القرآن الكريم والتجويد بمدرسة بن العباس بالدلم في الثمانينات وكنت أحد طلابه، في المرحلة الابتدائية وقد وهبه الله جمال في الصوت والحفظ لكتاب الله كاملاً وكنا نخشع أثناء قراءته للقرآن الكريم ونتلذذ لحلاوة وجمال صوته، وقد فسر لنا سورة يوسف وإيضاح معانيها وكنا مشدودين لقصة يوسف عليه السلام التي تعتبر أحس القصص، كما قال تعالى {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} (3) سورة يوسف. وقد حفظنا هذه القصة عن طريق عرضه الشيق الممتع لها، وكان رحمه الله في السابق إماماً لمسجد الحوشة بالدلم وخطيباً لمسجد الجامع الواقع في شمال المحمدي بالدلم، وكان مسجده يزدحم بالمصلين لسماع تلاوته للقرآن الكريم لما يجدونه من حلاوة وسلامة اللفظ لكتاب الله عز وجل وكان معروفاً بطول القيام والخشوع في الصلاة وخاصة في شهر رمضان المبارك. وبعد مهنته التدريس في مدرسة بن عباس بالدلم تولى رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالدلم وقد بذل جهده ليحقق أهداف الهيئة التي تتمثل في المحافظة على الأخلاق والقيم الإسلامية والآداب العامة والحيلولة دون وقوع المنكرات الشرعية، وكان رحمه الله يحث أعضاء الهيئة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن امتثالاً لقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. كما كان له بال طويل في معالجة القضايا الأخلاقية بالستر والنصح والإرشاد، هذه مشاعر وخواطر مختصرة مما عرفته عن المرحوم الشيخ عبد الرحمن الجلال والتي بدأت منذ كنت طالباً في المرحلة الابتدائية وحتى وفاته رحمه الله. وفي الختام أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته وأن يسكنه فسيح جناته ويلهم أبنائه وذويه وذريته ومحبيه الصبر والسلوان ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. د. زيد علي زيد الدريهم - وزارة التعليم العالي