بالرغم من التوجُّه الحكومي اللافت للاهتمام بالشباب وإشراكهم في صنع القرار، من خلال المجالس الشبابية التي بدأت وزارة الداخلية، ممثلة في إمارات المناطق، تطبيقها مطلع العام الماضي، يبقى الاستثمار في قطاع الشباب محدوداً جداً؛ ولا يعكس أهمية استراتيجية الاحتواء الجديدة التي تحتاج إلى أموال وأفكار جديدة، يمكن أن تحقق هدف التنمية الشبابية. الرئاسة العامة لرعاية الشباب تمثل المظلة الكبرى للشباب في المملكة؛ ومتى أردنا استهداف شريحة الشباب فلا مفر من دعم الرئاسة بالأموال اللازمة لتمكينها من تحقيق أهدافها الوطنية. فبرامجها تهدف إلى احتواء الشباب وحمايتهم، وتنمية مهاراتهم، وتفجير طاقاتهم، بما يُحَسِّن من قدراتهم ومساهماتهم في بناء الوطن والانخراط في خدمة المجتمع واستقراره وحمايته من الداخل. أعتقد أن «الرئاسة» هي الأكثر قدرة وكفاءة في التعامل مع قطاع الشباب؛ خاصة أنها المسؤولة عن الأنشطة الرياضية والثقافية التي تمثل جسر التواصل لعقول الشباب وقلوبهم. بمراجعة فاحصة لمواقع التواصل الاجتماعي نجد أن تركيز الشباب الأكبر بات منصباً على تطوير البيئة الرياضية، والبحث الجدي عن تحقيق الريادة في المسابقات الرياضية والمنشآت أسوة بدول المنطقة التي باتت أنموذجاً بالنسبة لهم. منذ صدور الميزانية وأنا أحاول رصد توجهات الشباب، وبخاصة الفئة العمرية من 18 حتى 26 سنة، وفوجئت باهتمام غير مسبوق من قبلهم بمخصصات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وما تنفقه الحكومة عليهم، ومطالبتهم الدائمة باستكمال البُنى التحتية الرياضية، وإيجاد بيئة مشجعة لاحتواء الشباب وحمايتهم وإعدادهم الإعداد الأمثل للمشاركة في المسابقات الإقليمية والدولية. شباب اليوم ليسوا كشباب الأمس؛ وإشراكهم الحقيقي لن يكون في التمثيل الصوري في صنع القرار، بل بتوفير احتياجاتهم الأساسية، وعلى رأسها الملاعب الرياضية، ومراكز الشباب، والنوادي الأدبية والعلمية، والمراكز الثقافية والترفيهية بأنواعها، والبرامج المتخصصة.. وهي أمور تحتاج إلى أموال ضخمة لإنجازها. أحسب أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب أعطيت مسؤولية تنمية أهم القطاعات الوطنية، دون أن تُدعم بالميزانيات المالية المتوافقة مع حجم القطاع. ما خُصّص للإنفاق على الرياضة والشباب من ميزانية العام 2013، برغم زيادته بنسبة 10 في المائة عن العام الماضي، لا يمثل سوى 0.15 في المائة من حجم الموازنة العامة للدولة، في الوقت الذي يمثل فيه الشباب ما نسبته 60 في المائة من مجمل السكان! فهل تعكس نسبة الإنفاق المتدنية حجم اهتمام الحكومة بقطاع الرياضة والشباب؟! تُرى ما الذي يمكن تحقيقه من خلال تلك الاعتمادات المالية الضعيفة التي لا ترقى لأهمية القطاع، ولا تتناسب مع حجم الموازنة، ولا تعكس توجه الحكومة نحو رعاية الشباب واحتوائهم، وتحقيق أمنياتهم؛ خاصة أننا نتحدث عن 29 اتحاداً رياضياً، واللجنة الأولمبية السعودية، و153 نادياً، إضافة إلى تكاليف المشاركات الخارجية والمنافسات الدولية والقارية والإقليمية؟ وماذا عن المنشآت الرياضية، والأكاديميات، وتحسين البيئة، والاهتمام بالجانب الثقافي، وخطط التطوير الاستراتيجي، التي تحتاج إلى عشرات المليارات لتحقيق أهدافها الطموحة؟ احتواء الشباب، ورعايتهم، وتوفير احتياجاتهم الأساسية في القطاع الرياضي يساعد على حمايتهم، وتنميتهم، وخفض معدلات الانحراف والجريمة في المجتمع، ويحقق الهدف الأسمى الذي تقاتل الحكومة من أجل تحقيقه، وهو توفير «الأمن الفكري»، والنأي بالشباب عن التيارات الضالة والمتطرفة التي تسببت في ضياع الكثير منهم بسبب غياب سياسة الاحتواء من خلال الرياضة والتربية الفكرية والثقافية. من المفترض أن تسارع الحكومة في تنفيذ قرارات دعم الرياضة، وإنشاء المدن الرياضية، والملاعب المتخصصة في جميع المناطق، وبناء المنشآت ومقار الأندية، ومراكز الأحياء، وأن تُسارع في سد عجز الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتوفير احتياجاتها المالية المُعينة على أداء رسالتها في المجتمع. قطاع الرياضة والشباب في حاجة ماسة لدعم خادم الحرمين الشريفين؛ فهو القادر - بعد الله - على إعادة توهجه، ومعالجة مشكلاته، وبناء مُنشآته، وتحويل عجزه المالي إلى فائض يُحاكي من خلاله حجم الموازنة والإنفاق التوسعي المتواصل الذي بلغ ذروته العام الحالي بإنفاق قياسي قُدِّرَ ب 820 مليار ريال. [email protected]