نعم الله على عباده تترى وأفضاله وخيراته وجوده وكرمه يتنامى، ومن أجلّ هذه النعم بعد نعمة الإسلام والأمن والأمان نعمة المال الذي هو عصب الحياة وعنصر النماء والتنافس والقوة والعزة والرفعة. وإن مما أنعم الله به علينا في هذه البلاد المباركة أن فتح لنا كنوز الأرض ورزقنا من فيض فضله وجوده ما جعلنا من خيرة عباده حضارةً ونماءً وبذلاً وعطاءً، وهو ما نعيشه كل عام في مثل هذا الوقت عندما نترقب الميزانية العامة للدولة التي تهدف إلى دفع عملية التنمية والتطوير في كافة المجالات. حيث جاءت ميزانية هذا العام ميزانية قياسية تاريخية في كمها وكيفها، وقد أقرها مجلس الوزراء بما احتوته من أوامر ملكية سامية وبنود تبشر بالخير والنماء لهذا الوطن، إذ تعد هذه الميزانية ثمرة صالحة للمبادرات والخطوات التي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله. لقد شهدت الميزانية لهذا العام 1434ه -1435ه الموافق 2013م تصاعداً ملحوظا ونماءً واضحًا، وزيادة مضطردة وشمولا في الدعم لكل مشروعات وخدمات ومرافق وهيئات ومؤسسات الدولة، من أجل رفعة وعزة وتحقيق رفاهية الوطن والمواطن وكل مسلم صادق مخلص في كل بقعة من البقاع ومكان من الأمكنة. حيث تعد هذه الميزانية أضخم ميزانية في تاريخ المملكة العربية السعودية إذ بلغت 829 مليار ريال بفائض قدره تسعة مليارات ريال. ولا شك أن هذا أكبر دليل على متانة وقوة الاقتصاد السعودي والنهج الحكيم المتوازن للسياسة الاقتصادية للدولة وإدارة مقدرات الوطن بحكمة وحنكة، وعزم القيادة الراشدة على المضي في النهج التنموي والرقي الشامل بالوطن والمواطن. وهذا يعد فضلاً من الله تعالى ومنة على هذه الدولة وتوفيقاً منه سبحانه وتعالى لولاة أمرها ولشعبها، ودلالة واضحة وصريحة على ما يتمتع به هذا الوطن وولاته من حب للخير وبذل وعطاء ونية صادقة خالصة، حيث وظفوا هذا المال وهذه النعمة في سبيل مرضاته، فأنفقوا منه على الوطن والمواطن ولم يَحْرِموا غيرهم منه فأجادوا وأفاضوا على الغير ممن هم خارج الوطن من أبناء الدول العربية والإسلامية بل العالم أجمع، فأدوا حق هذا المال وهذا الفضل والعطاء، واستثمروه في الخير والنماء والبذل والعطاء، وجعلوا منه أداة لتحقيق الأمن والأمان والسلم والسلام، فعمروا الحرمين الشريفين، وأغاثوا الملهوف، وواسوا المكلوم، وعالجوا المرضى، وأنشأوا دور العلم، وأماكن العبادة وشيدوا المراكز ودور الرعاية، وكفلوا الأيتام، وأعانوا الغارمين وذوي الفاقة والحاجة، ودعموا الدعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبينوا محاسن هذا الدين وغاياته ومقاصده، ودعوا إلى الوحدة والتضامن والتآزر والتكافل، فتعدى النفع، وكثر الجود وامتدت الأيادي البيضاء للجميع ولهجت الألسن بالدعاء، وارتفعت أكف الضراعة إلى الله أن يحفظ هذا الوطن وولاته، ويفيض عليه الخيرات، ويزيده من نعمه ويديم عليه أمنه واستقراره. ولقد كان للتعليم بشقيه العام والعالي وكذا القوى العاملة النصيب الأكبر من ميزانية الخير حيث خصص ما يقرب عن 25% من الميزانية العامة للدولة أي ما يعادل 2.4 مليار ريال لدعمه والنهوض به وتطويره وتقوية مخرجاته وجودته والاعتناء به والتنافس بين منسوبيه بما يحقق رفعة هذه الدولة ونمائها وتقدمها والسير بها نحو مصاف الدول المتقدمة، وما هذه المشروعات التعليمية الكبرى في مختلف المناطق والمحافظات والمدن من مدارس ومعاهد وكليات وجامعات إلا أكبر دليل وخير برهان على هذا الدعم السخي من لدن الدولة لهذا القطاع المهم الذي يعنى باستثمار الإنسان والاهتمام بالعنصر البشري وتنميته وإعداده إعداداً سليمًا من كافة الجوانب لينصرف إلى البناء والإنتاج وإعمار الأرض بالصلاح والفلاح. فتخصيص هذا المبلغ بهذا الحجم الكبير يعد أكبر شاهد على اهتمام القيادة الرشيدة حيال توفير أفضل الخدمات لأبناء هذا الوطن الغالي، وتدل على ما يتمتع به خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- من حنكة سياسية رؤية ثاقبة ونهج مبارك خطه لنفسه في تصريف شؤون البلاد والعباد.. نسأل الله تعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وإخوانه وأعوانه، وأن يديم النعم والأمن والأمان على بلادنا الغالية، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يثبتنا على الحق والهدى إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. - رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد