عندما يذكر الإعلام تذكر التربية والعكس صحيح عندما تذكر التربية يذكر الاعلام، والأمر طبيعي فكلاهما يسعى إلى نقل المعرفة إلى طالبيها وإن اختلفت الأساليب والطرق, والسؤال الذي طرح في ندوة مكتب التربية العربي لدول الخليج عام 1402 هو عنوان المؤتمر (ماذا يريد التربويون من الإعلاميين؟) هذا السؤال أو هذا العنوان رغم انه أشبع بحثاً ودراسة الا انه مازال قائما والإجابة عليه لازالت مطلبا ملحا, والسبب أن مثل هذا السؤال لا يحكمه مكان معين أو زمان محدد, والجزئية التي غنمتها العملية التعليمية من توصيات ندوة (ماذا يريد التربويون من الإعلاميين؟) اهتمام الإدارات التربوية بمفهوم الإعلام التربوي وإن كان هذا المفهوم يتفاوت تعريفه الا أن الهدف منه قد يكون واحدا, والإعلام التربوي كما اعرفه هو التفاعل بين الإمكانات الإعلامية والعمليات التعليمية لإحداث أنماط تعليمية تواكب التغيرات المعرفية بأسلوب منهجي، وتعزيز دور مدرس المستقبل, ومنطلقات هذا التعريف للإعلام التربوي هو أن الإعلام في عصرنا الحاضر أصبح من المؤثرات القوية والفاعلة في تكوين شخصية الطفل، ويبرز تأثير الإعلام من خلال ما يتلقاه الطفل من معلومات مدعمة بالصورة والمؤثرات الصوتية التي تشد انتباهه وتوقظ جميع حواسه فيكون أكثر تقبلا واستيعابا لما ينقل إليه فإذا ما استغل هذا الموقف في تنمية مدارك الطفل الذهنية وربطه بالواقع وفق المبادىء الإسلامية، نما وترعرع على تلك المبادىء والقيم. وفي خضم التناقضات بين ما يقدم للطفل في المدرسة النظامية من مواد مبنية على أسس علمية وتربوية وما يقدم له من برامج إعلامية لا تتقيد بتلك الأسس، يعيش الطفل هذه التناقضات بكل أبعادها, وفي ظل غياب إرشاد الوالدين في المنزل يبني الطفل مفاهيمه العلمية ويبلور إدراكه الذهني على أسس غير علمية. وفي ظل السيطرة الإعلامية كذلك على أذهان الطلاب ونشاطهم تظل النظرة التربوية تجاه هذه السيطرة حائرة لا تقدر على تحديد جوانب استغلالها وتوجيهها التوجيه السليم فيظل الإعلام يشغل الساحة دون تدخل التربية. وفي ظل موجة التغيير والتغير والاحلال والإبدال والمطلب الملح لنظام تعليمي يصقل المهارات وينمي المدارك والمعارف ويواكب العصر، تبرز أهمية الإعلام كنظام يخدم الجوانب التعليمية في إيصال المعلومات وتفسير الحقائق وشرح المفاهيم التربوية وتعديل السلوك والاتجاهات, لذا ظهرت نظريات متعددة بشأن العلاقة بين الإعلام والتعليم، منها كما أشارت الدراسات نظرية معتدلة تدعو إلى تنمية التعاون والتنسيق والتكامل بين جهود المدرسة وجهود أجهزة الإعلام، من أجل تحقيق تربية أفضل، ومن أجل تعويض مايقصر عنه كل منهما في تحقيق الأهداف التربوية وضمان تربية شاملة مستديمة لكل فرد. إن المؤمل من الإعلام أن يكون رافدا تعليميا يثري الجانب المعرفي متمشيا مع احتياجات المجتمع منسجما مع المنظومة الاجتماعية التي يعد التعليم احد عناصرها الهامة, لذا يمكن تشكيل دور تكاملي بين التربية والإعلام وفق أهداف واضحة واستراتيجيات مدروسة بحيث يستشعر الإعلاميون دورهم التربوي ويتفهم التربويون دور الإعلام وإمكاناته التقنية، حيث اثبتت الأدبيات بهذا الشأن أن لكل وسيلة إعلامية دورا فعالا في دعم العملية التعليمية وإثرائها بالخبرات العلمية التي تكمل الكتاب المدرسي الا ان الافادة من الامكانات الإعلامية تتطلب النظر في عناصر التربية التي يمثل فيها المعلم العنصر الأساسي، لذا يجب إعداده الإعداد الذي يمكنه من توظيف تلك الإمكانات أثناء تعليمه لطلابه وبذلك يضيف خبرة واقعية للمفاهيم المراد إيصالها للمتعلم قد يعجز الكتاب عن إيصالها بالصورة التي توصلها وسيلة إعلامية كالتلفزيون مثلا، وفي الأفق التربوي العديد من سبل التنسيق والتكامل بين التعليم والإعلام. * وكيل معاهد العالمية للحاسب والتقنية SHAER@ ANET. Net. SA