أختم حديثي حول إعادة صياغة نظامنا الصحي بالحديث عن الفرق بين النظام الصحي الذي اقترحته الأسبوع الماضي وبين برنامج بلسم وهو البرنامج الذي كان في المراحل النهائية لإقراره قبل أن يحدث تغيير إداري في وزارة الصحة نتج عنه إعادة النظر في المشروع وإيقافه. وبموجب برنامج بلسم كان سيتم تفرغ وزارة الصحة للمراقبة والإشراف على الخدمات الصحية، وسيتم تحويل جميع المستشفيات التابعة لها إلى مستشفيات تعتمد على إيراداتها من بيع خدماتها الصحية إلى صندوق يُموَّل من قبل الدولة يتولى شراء الخدمة الصحية للمواطنين من مقدمي الخدمة الصحية في القطاعين الحكومي والخاص. والحقيقة أنني أتفق تماماً مع قرار وقف برنامج بلسم وأرى أن النظام الذي اقترحته خيار أفضل وذلك لسببين: 1-أنه رغم أن برنامج بلسم سيحد من التوسع الحالي في التأمين الصحي الخاص ويمثل تطبيقاً لنظام تأمين صحي عام شامل إلا أنه يحمل مخاطر كبيرة على نظامنا الصحي، كونه مغامرة غير مأمونة المخاطر لأنه يتطلب إحداث تغيير هيكلي كبير وجذري في دور وزارة الصحة وفي أسلوب تمويل المستشفيات الحكومية، وفي حال تعثر البرنامج لأي سبب كان سيكون لذلك عواقب وخيمة على الخدمات الصحية الحكومية التي يعتمد عليها قطاع واسع في المجتمع. 2-أن هذه الخطوة الجريئة ليست الخيار الوحيد المتاح لإعادة صياغة نظامنا الصحي، وهناك حلول أقل مخاطرة ومطبقة بنجاح في العديد من الدول المتقدمة، وقد تحدث في المقالات السابقة عن ثلاث منها وهي الأنظمة الصحية في بريطانيا وكندا وأستراليا، ما يعني أننا بحاجة إلى أن نكون أكثر حكمة في تبني الخيار الذي يحقق الهدف بأقل مخاطر ممكنة من بين البدائل العديدة المتاحة وهذا ما لم يتم مراعاته في برنامج بلسم. لكل ما سبق ونظراً لأن النظام الصحي الذي اقترحته يمثل نظام تأمين صحي عام شامل يحقق كل ما كان يؤمل من برنامج بلسم تحقيقه دون أي من مخاطره، ويتسق مع ما هو مطبق في العديد من الدول المتقدمة فإنه يملك فرصة أكبر للنجاح، وجدير بأن يدرس بعناية من قبل الجهات ذات العلاقة، فهو سيوقف التوسع الحالي في التأمين الصحي الخاص، وسيعطي المواطن الحق في الحصول على الخدمة الصحية في القطاعين العام والخاص، ويُحمل مسئولية تأمين الخدمة الصحية لغير المواطنين للجهات الموظفة لهم، وكل ذلك يتحقق دون الحاجة لإحداث تغيير مبالغ فيه في هيكلية نظامنا الصحي. [email protected] أكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam