إذا كان ثمة حرب من نوع ما، يتوجّب على وزارة الداخلية أن تشنّها هذه الأيام، فهي الحرب ضد العمالة غير النظامية، أو غير الشرعية، لأنّ هؤلاء ببساطة يقودون بلادنا إلى جحيم من المخدرات، والتزوير، والجنس، والتسليح، وعمليات السطو المنتظمة، والسبب بكل بساطة أنّ هؤلاء يرتعون في المدن والقرى والهجر، يتخذون من الخرائب المهجورة مراكز لترويج المخدرات، وبيع الجنس والخمور، ولعل أكثر الملامح استهتاراً من قبل هؤلاء هو تنقلهم ببساطة بين المدن، فإذا كان قائد القوات الخاصة لأمن الطرق يصرح بأنه يتم يومياً ضبط ما يقارب 250 وافداً غير شرعي يتنقلون بين المدن، فماذا عمن يفلت من هؤلاء؟ وماذا عن الأرقام المهولة التي بقيت لسنوات طويلة دونما تنقل؟. وأي استهتار أكثر من ذلك، أن يتنقل الوافد بكل حرية وطمأنينة دونما هوية أو إقامة نظامية؟ أليس النظام الهش والرخو في التعامل مع هؤلاء هو ما جعلهم يتمادون في العبث بنا؟. حينما يقول الوافد لبني جلدته أو للمواطن الذي يعمل لديه بطريقة غير نظامية: حينما تفتقدونني ليومين، فهذا يعني أنهم قبضوا عليّ، وأنني في اليوم الثالث سأعود إليكم!. هذا يعني أنّ هناك فوضى حقيقية، الجميع يشترك في صنعها ومباركتها، وللأسف ربما لا يدرك الجميع خطرها على البلاد، أمنياً وأخلاقياً. هؤلاء المنفلتون في البلاد دونما رقيب، يشترك في جريمتهم الجميع، بدءاً من الجهات التي لم تمنع دخولهم بطرق غير نظامية، خاصة من جهة حدودنا مع اليمن الشقيق، وانتهاءً بمن لم يقود الحملات الجادة والصارمة في ملاحقتهم، مروراً بالمواطن الذي يؤوي هؤلاء أو يقوم بتشغيلهم، أو يساعد على انفلاتهم في أنحاء البلاد. ولو سألت أحداً لماذا نحن فقط في دول المنطقة الذين ننعم بفوضى العمالة؟ ومن أين تأتي وتستقر وتبيع فينا وتشتري؟ لقال بشكل بديهي: هؤلاء إما متخلّفون من الحج والعمرة، أو متسلّلون من الحدود اليمنية. وهذا صحيح، لكنه ليس لغزاً، فمن يستطيع منا أن يبقى يوماً في بلد أوروبي حينما تنتهي تأشيرته؟ الجميع يهرول إما بإصدار تأشيرة جديدة، أو الخروج من هذه الدول، لأنهم هناك يعتبرونها جريمة كبرى يعاقب عليها القانون عقوبات صارمة، أما لدينا فنقوم بإنشاء دور ومبان للمتخلّفين، ونرسلهم إلى بلادهم على حسابنا الخاص، وربما نحملهم هدايا إلى أهلهم! بل إننا نسامحهم ونعفيهم عن أي رسوم مستحقة عليهم، ونفتح لهم الحدود بحب، ونقول لهم: تفضلوا يا جماعة إلى دولكم، ولا تنسونا، لا تقطعوا فينا، سيروا علينا!. لا أريد أن أتتبّع حسّ المؤامرة الذي يحاصرنا دائماً، لأقول إنّ هناك مستفيداً من بقاء هذه الفوضى، لأنه حتى لو كان هناك مستفيد، فمقابله بلد سيسقط بأكمله في أيدي مخالفي الأنظمة، الذين يبيعون كل شيء، من المخدرات والجنس، إلى الأسلحة وغيرها. علينا أن نطبق نظام البصمة في المطارات ومراكز التفتيش، ليعود الحاج والمعتمر إلى بلده فور الانتهاء من مناسكه، وأن نضبط حدنا الجنوبي لوقف التهريب والتسلّل منه، لأنه لم يعد منفذاً لليمنيين فحسب، بل حتى الإريتريين والصوماليين يتسلّلون من هناك، بل الجميع يعرف أنه منفذ سهل، لدرجة أنّ البنغاليين ومن دول آسيا يتخذون اليمن طريقاً عابراً، وكلنا ندرك أنّ المطلوبين أمنياً يجدون في التسلّل من اليمن وإليها طريقاً سالكة، فلم لا تكثف دوريات الحدود هناك، أو حتى يتم بناء سور عازل، يوقف هذه الفوضى؟.