مع قرب البدء بالموازنة العامة للدولة للعام المالي 2013 م تفرض العديد من التساؤلات نفسها حول تحقيق الأهداف المرجوة منها بحسب خطة التنمية التاسعة التي بقي منها عامان فالموازنات تغطي احتياجات خطط التنمية بالحد الأدنى. ومن أبرز التساؤلات هل نفذت كل المشاريع التنموية المعتمدة وإذا لم تنفذ فما هي الأسباب والنتائج وهل حققت كل ميزانية أهداف أوجه الإنفاق بتوسيع وزيادة الخدمات وتطوير البنى التحتية بالمستوى المطلوب هل انعكس الإنفاق على المواطن بالتوظيف وتحسين مستوى المعيشة خصوصا أن خطة التنمية الحالية تستهدف خفض معدلات البطالة إلى خمسة بالمئة إن الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها بالتأكيد لدى وزارة الاقتصاد والتخطيط المعنية بوضع الخطط الخمسية التنموية ومراقبة إنجازاتها فمن الملاحظ ومن خلال العودة لبيانات وزارة المالية للميزانيات السابقة يلاحظ أن نسبة ما يتم توقيعه من المشاريع المعتمدة تصل بالمتوسط إلى قرابة ستين بالمئة من الحجم المقدر بالميزانيات عند وضع تقديراتها ومن الطبيعي أن لا يتم اعتماد كل المشاريع المقررة كاملة لكن ارتفاع النسبة لأربعين بالمئة من حجم المقرر منها يضع خطة التنمية في مأزق كبير ويطرح التساؤل عن الخلل هل كان بتقدير حجم المشاريع للخطة وأنه بالأصل لم يتم تقديرها بالشكل الصحيح أم أن الطاقة الاستيعابية للاقتصاد المحلي لا تستوعب هذا الحجم الكبير إذ قدر حجم الإنفاق بهذه الخطة على المشاريع بحدود 1440 مليار ريال أم أن التقديرات سليمة وكذلك إمكانيات الاقتصاد قادرة على تلبية متطلباتها ولكن بيروقراطية الأنظمة والقوانين هي ما يحول دون تنفيذ هذه النسبة الكبيرة منها كما أن تعثر المشاريع الذي يعد سمة بارزة حاليا إذ أعلنت هيئة مكافحة الفساد أنها رصدت تعثر ثلاثة آلاف مشروع وهذا الرقم لايعني أنه يتضمن كل المشاريع بل إن بعض الدراسات قدرت حجم المشاريع المتعثرة خلال العشر سنوات الأخيرة بحدود ترليون ريال وهذا الرقم قد يعني رصدا لكل مشروع مر بمرحلة التعثر وقد يكون بعضها أنجز لكنه تأخر عن موعده لكن الحقيقة تبقى أن حجم المشاريع المتعثرة كبير وقد أعلنت بعض الوزارات الخدمية عن مشاريع متعثرة أو متأخرة لديها كالصحة والنقل وهنا لابد لوزارة التخطيط أن تتحرك باتجاه رصد ومعرفة أسباب هذه الاختلالات بتنفيذ الخطة التنموية الحالية ووضع الحلول لها بوقت قصير وذلك من خلال التواصل مع كل وزارة لمعرفة ما واجه مشاريعها من إشكاليات حالت دون تنفيذها بالمدة المطلوبة وكذلك التواصل مع القطاع الخاص من خلال مجلس الغرف لمعرفة الأسباب المعرقلة لعملهم وأوجه القصور التي يعانيها القطاع الخاص بنشاط المقاولات لدعمه وتمكينه من أداء دوره التنموي كما أن الانتقال لكل هدف مرصود بالخطة التنموية والوقوف على ما تحقق منه كالبطالة والإسكان وغيرها سيقود إلى وضع الحلول وتسريعها للوصول إلى تحقيق أفضل نسبة ممكنة لما هو مطلوب تحقيقه من هذه الأهداف إن عدم تحقيق الخطط التنموية لأهدافها هو زيادة بالأعباء على الخطة التي تليها وزيادة ضغط على الخدمات القائمة مما يؤدي لانخفاض بمستوى الخدمات وكذلك زيادة بالأعباء الاقتصادية فعدم تحقيق خفض بمعدلات البطالة نتيجة تأخر وتعطل تنفيذ المشاريع التي يفترض أن تفتح فرص عمل للمواطنين هو زيادة بالخسائر الاقتصادية لعطالتهم وعبء على برنامج إعانة العاطلين حافز كما أن تأخير افتتاح مستشفى أو مركز صحي خصوصا بالمدن الصغيرة أو المراكز النائية يعني قصورا بالخدمة الصحية وضرر محتمل لمريض قد يكون بعيدا عن مكان مناسب لعلاجه وضغطا بنفس الوقت على أقرب منشأة صحية قريبة منه وهذا الأمر ينطبق على التعليم وغيره من الخدمات الأساسية التي تسعى الدولة لإيصالها بنفس المستوى لكافة مناطق المملكة بكل مدنها ومراكزها الحضرية كبيرها وصغيرها إن دور جهاز التخطيط لا يقف عند وضع التقديرات لكل خطة تنموية بل يتعداه إلى إمكانية تنفيذها وتوفير ومعرفة كل الأسباب التي تسمح بتحقيق جل الخطط الحالية والمستقبلية من خلال الوقوف على إمكانيات الاقتصاد وقدرته على تلبية الطلب المحلي المتزايد وكذلك معرفة كل المعوقات ووضع الحلول لها فالميزانيات هي جزء من خطة كاملة توزع على مراحل زمنية محددة وكل مايعيق تنفيذ بنودها يعني بالضرورة آثاراً سلبية على الاقتصاد ستضاعف من التكلفة المادية مستقبلا وانخفاضاً بالناتج الوطني عن المطلوب فالمجتمع السعودي ينمو سكانياً بوتيرة عالية ولابد أن يكون النمو بالناتج الوطني مستوعباً لهذه الزيادة السكانية سواء بالخدمات أو بفتح فرص العمل وجذب الاستثمارات وزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد وتنويع القاعدة الإنتاجية لخفض الاستيراد والسيطرة على التضخم وتحقيق التنمية المستدامة