قد يؤدي إصدار مصرف أبوظبي الإسلامي صكوكا بقيمة مليار دولار الشهر الماضي إلى بداية اتجاه جديد ربما لم يخطر ببال مؤسسي صناعة التمويل الإسلامي في شكلها الحديث. فقد تصبح الصكوك أداة مهمة في يد البنوك للوفاء بقواعدكفاية رأس المال الأكثر تشددا. وقد يدفع هذا الاتجاه إلى تنشيط إضافي لإصدارات الصكوك المنتعشة أصلا. وقد يخفف ذلك الضغوط على البنوك التي قد تجد صعوبة في جمع رؤوس أموال من إصدار أسهم بعدما نال عدم الاستقرار المالي العالمي من أسواق المال. جمع أبوظبي الإسلامي طلبات اكتتاب مذهلة تجاوزت قيمته 15 مليار دولار لإصدار «دائم» لصكوك بقيمة مليار دولار بنهاية الشهر الماضي. والإصدار» الدائم» ليس له تاريخ استحقاق، ويحق للبنك الاختيار بين سداد قيمة الصك في موعد ما بعد 2018 إن أراد. وكانت هذه أول صكوك هجينة تطرح في اكتتاب عام من جانب بنك للوفاء بمتطلبات رأس المال الأساسي الواردة في اتفاقية بازل 3 العالمية للبنوك والتي ستدخل حيز التطبيق في الأعوام المقبلة رغم أن البنك نفسه طرح صكوكا خاصة بقيمة ملياري دولار لدعم رأس المال الأساسي عام 2009. ويقول اليكس روسوس المستشار بشركة نورتون روز في دبي إن سمات مثل الوضع الثانوي لحملة الصكوك وحرية البنك في وقف توزيعات الأرباح الدورية على المستثمرين تعني أن الصكوك باتت أقرب للأسهم منها إلى أدوات الدين وهذا أمر مفضل حسب معايير بازل الجديدة. وقال روسوس «من المرجح أن نرى مزيدا من هذه الإصدارات في هذه السوق في المستقبل القريب.» وحسب دراسة لشركة زاوية التابعة لتومسون رويترز فإنه قبل صدور صكوك أبوظبي الإسلامي شهدت إصدارات الصكوك ارتفاعا حادا. فتم إصدار صكوك بقيمة 109 مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2012 بارتفاع 69 في المئة عن العام السابق. وكان لافتا اجتذاب صكوك مصرف أبوظبي الاسلامي المستثمرين الأجانب الذين لهم دراية بالهيكل لا المستثمرين الخليجيين. وقال مستثمر اقليمي طلب عدم نشر اسمه «سيتوقف الكثير على نظرة المستثمرين للهيكل. وهذا بالتأكيد لا علاقة له بالآجال القياسية السائدة والأسعار المرتبطة بها.» وكما كان الحال في اصدارات البنوك من الأسواق الناشئة لجمع رأسمال في الآونة الأخيرة وخاصة الاصدارات الابدية مثل اصدارات وفي.تي.بي وجازبروم بنك فقد كانت مشاركة البنوك الخاصة الآسيوية عنصرا رئيسيا في نجاح اصدار أبوظبي الإسلامي. كما أن صكوك أبوظبي الإسلامي الهجينة ساعدت في فتح الباب أمام قاعدة جديدة من المستثمرين فتم تخصيص نسبة 60 في المئة من إصدار أبوظبي الإسلامي لبنوك خاصة تتعامل مع العملاء الأفراد الأثرياء على عكس معظم إصدارات السندات الإقليمية التي تستحوذ عليها بنوك أخرى. لذا فإن نجاح أبوظبي الإسلامي خلال العام أو العامين المقبلين يعزز موجة إصدارات صكوك هجينة من جانب بنوك راغبة في جمع رؤوس أموال. واستطاع أبوظبي الإسلامي الحاصل على تصنيف (A+) من وكالة فيتش و(A2) من موديز تسعير صكوك بسعر منخفض جدا مقارنة بسندات تقليدية هجينة لبنوك غربية صدرت العام الماضي عند 6.375 في المئة. وقال علي اصغر تمباوالا مدير شهادات الدخل الثابت في صندوق ماستر كابيتال ان اسم بنك ابوظبي الاسلامي مريح للمستثمرين الذين يثقون به، وكان الاقبال كبيرا على الشراء ولذلك تراجع سعر الفائدة الى مستويات لم يتوقعها احد. واضاف تمباوالا انه يعتقد ان غالبية المشترين كانوا من البنوك الخاصة التي توفر لعملائها ضمانات لهذه الصكوك وسوف يكونون اكثر من سعداء للحصول على عائدات اعلى من هذه الصكوك مقارنة بأي اسم آخر في السوق. وأصدر بنك رابوبنك الهولندي الحاصل على تصنيف أعلى درجتين من فيتش وثلاث درجات من موديز سندات دائمة تقليدية لدعم رأسماله الأساسي بسعر 8.4 في المئة في نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي. وفي وقت سابق من هذا العام جمع بانكو دو برازيل 1.75 مليار دولار من سندات دائمة لدعم رأسماله الأساسي بعائد 9.25 في المئة. و أدت صكوك أبوظبي الإسلامي أداء قويا بالسوق الثانوية في إشارة جديدة إلى ارتفاع الطلب عليها. فتم تداولها عند 105.6 في الأسبوع الماضي. ووافق مساهمو البنك على اجراءات تعزيز رأس المال في اجتماع الشهر الماضي. وبلغت نسبة رأسمال البنك من المستوى الاول 13.45 بالمئة في نهاية يونيو حزيران 2012 وقال في نتائجه للربع الثاني إنه يتطلع لرفعها إلى اكثر من 15 بالمئة في المدى القريب. لكن لا يتضح ما إذا كانت البنوك خارج البيئة الداعمة في أبوظبي تستطيع تسعير صكوك هجينة عند هذا المستوى المنخفض. وبسبب حداثة عهدها قد تواجه الصكوك الهجينة مخاطر تنظيمية تقع على المقترضين تتمثل في خطر عدم قبول السلطات بها كرأسمال عالي الجودة. وقالت متحدثة باسم بنك التسويات الدولية الذي يأتي منه أمناء لجنة بازل وعددهم 17 عضوا «في المسائل المتصلة بالأهلية سيكون الأمر متروكا لجهات الرقابة الوطنية لتحديد ما إذا كان إصدارا معينا مطابقا للمواصفات.» وطبقا لطارق الله خان أستاذ التمويل الإسلامي في مؤسسة قطر فإن أدوات دعم رأس المال الأساسي بينما تحمل مخاطر السوق فقط قد يبدو إصدار صكوك لجمع رأسمال ثانوي ضمن معايير بازل 3 أكثر صعوبة لعلماء الشريعة ووكالات التصنيف لأنه يجمع مخاطر السوق ومخاطر الائتمان. وقال «مسألة مخاطر السوق ومخاطر الاتئمان معقدة... غالبا ما تؤدي إلى زيادة مخاطر هيكلة الصكوك.» ويرى سايمون ارتشر الأستاذ الزائر في يونيفرسيتي.اوف.ريدنج والمستشار بمجموعة العمل المعنية بكفاية رأس المال بمجلس الخدمات المالية الإسلامية أنه حسب قواعد بازل 3 قد يصعب قبول صكوك دعم رأس المال الثانوي بسبب مخاوف من الوضع الثانوي للدين. وأضاف «هناك بعض المناطق الرمادية.» ويقول محللون: إنه رغم العقبات يبدو استخدام الصكوك الهجينة في جمع رأس المال للبنوك يتمتع بدعم ايديولوجي قوي في صناعة التمويل الإسلامي وعليه فإن المؤسسات ستجد طرقا لإصدار الأدوات الهجينة لدعم رأس المال الأساسي والثانوي. يقول مدزلان حسين الشريك ورئيس قطاع الخدمات المالية الإسلامية في مكتب زيد ابراهيم وشركاه للقانون بماليزيا إن مميزات الإصدار الهجين الشبيهة بالأسهم تجعله جذابا من زاوية التمويل الإسلامي. وأضاف «علماء الشريعة خصوصا دعوا إلى مزيد من المنتجات التي تشبه الأسهم والقائمة على حصص الملكية في مجال سوق التمويل الإسلامي وترك المنتجات التي تشبه الديون أو تقوم عليها.» ويقول إحسان علي, رئيس الإصدارات الإسلامية في بنك ستاندرد تشارترد صادق, إن السوق قد تفضل صيغة المضاربة على غرار أبوظبي الإسلامي والتي تقوم على شراكة لإدارة الاستثمار لأنها بسيطة نسبيا وسهلة على المستثمرين فهمها. ويضيف «هناك صيغ ممكنة أخرى لكن المضاربة سهلة ومباشرة فهي أقرب للأسهم وتعمل بصورة أفضل كأداة هجينة».