المرأة هي نصف المجتمع، وهي التي تقوم على تربية النصف الآخر، والمجتمع مكون من أسر وبيوت، وكل امرأة راعية في بيتها، وهذه الرعاية - إن كانت إيجابية - لها أكبر الأثر، في صلاح المجتمع، وسلامة عقيدة أفراده، وبالتالي تنمية البلد واستتباب أمنه واستقراره، وتعاون أفراده على البر والتقوى، وتناهيهم عن المنكر والإثم والعدوان. وبلادنا - المملكة العربية السعودية - والتي تضم الحرمين الشريفين، والأماكن المقدسة، التي تعظيمها من تقوى القلوب، هذه البلاد التي ليس فيها - بحمد الله - أوثان تعبد، هي بلاد شرعية، يؤمر فيها بالمعروف، وينهى فيها عن المنكر، ويطبع فيها المصحف الشريف، ويوزع مجانا إلى أصقاع الدنيا، وتترجم معانيه إلى جميع لغات العالم، وفقها الله إلى قادة وحكام لا نظير لهم في العصر الحاضر، كما ذكر ذلك العالمان الراحلان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله. أقول: هذه البلاد لها حق على كل مسلم، فضلا عمن كان من أهلها، وشم هواءها، وعاش على ترابها، ودرس التوحيد الذي هو حق الله على العبيد في مدارسها وجامعاتها ومساجدها، وعبد فيها ربه بأمن واستقرار، بينما يشاهد الناس من حوله يتخطفون، فيرى فضل الله عليه عظيما، وكأنه حيزت له الدنيا بحذافيرها. وهذه النعم العظيمة تستوجب الشكر لله باللسان والجوارح، كما تستوجب أن يقوم الجميع بواجبهم في حفظ دينهم الذي هو عصمة أمرهم، ووطنهم الذي هو مأوى أفئدتهم، والتعاون مع ولاتهم الذين أوجب الله ورسوله طاعتهم في غير معصية. ونحن - معاشر النساء - علينا واجب عظيم في ذلك، وفي ترسيخ محبة الدين والوطن، وإشاعة ذلك في بيوتنا، وأسرنا، لينعكس ذلك إيجابا على مجتمعنا ووطننا، ولنحذر كل الحذر من دعاة الضلالة، الذين لا شأن لهم إلا في تصيد الأخطاء في بلادنا وتضخيمها، والتعامي عن الحسنات بل وجحدها، بينما يبالغون في مدح أهل الأهواء والأحزاب، ويبررون أخطاءهم، فإن هؤلاء هم العدو فلنحذرهم، ولا نصغي لكلامهم، حتى وإن كانوا من بني جنسنا، ويتكلمون بألسنتنا، وينتسبون لديننا. ولنبين لأولادنا وأسرنا أن هذه البلاد هي بلاد التوحيد، فالعداء لها عداء للتوحيد، وولاتها هم حماة العقيدة، ولا يطعن في حماة العقيدة إلا أهل الأهواء والبدع. فالمرأة عليها دور عظيم، ولو تأملنا كتاب الله، وسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم، لرأينا ذلك ظاهراً. فها هي خديجة رضي الله عنها، تضرب أروع الأمثلة في نصرة نبينا صلى الله عليه وسلم، وفي توفير البيئة المناسبة، وفي تطمينه، ألم تقل له في حال فزعه، وخوفه عليه الصلاة والسلام (والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر)، وكم كانت لتلك الكلمات، وغيرها من مواقف مشرفة، من دور عظيم في تسهيل مهمة نبينا عليه الصلاة والسلام، استحقت بسببه أن يبشرها جبريل ببيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب، وهكذا مواقف بقية أزواجه وبناته عليه الصلاة والسلام، ونساء الصحابة رضي الله عنهن. وها هي هاجر زوجة أبينا إبراهيم عليه السلام، تقف بإيمان وثبات، وتقول آلله أمرك أن تتركنا، فيقول: نعم، فتقول بعقيدة راسخة (إذن لا يضيعنا). ولو أراد الإنسان أن يستحضر دور النساء، وعظم مكانتهن، لاستغرق ذلك وقتا طويلا. والمقصود: أن نستشعر المسؤولية، ونرسخ العقيدة، لاسيما مسألة الإمامة والجماعة، التي كثر فيها الخوض في هذا الوقت، فهي من أصول العقيدة، إذ لا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، وهذا أمر مقرر في كتب العقائد، لكن نبتت نابتة من دعاة الضلالة وأهل الأهواء، فبدأوا يشككون الناس في هذا الأصل، وإذا أوردت عليهم النصوص الشرعية الصحيحة الثابتة في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، سلكوا إما مسلك التضعيف، أو التأويل، بل التحريف، كما هو دأب الفرق الهالكة. وهذا الصنيع والعياذ بالله من أعمال الجاهلية التي خالفهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكر ذلك الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، فإنهم يرون السمع والطاعة لولاة الأمور ذل ومهانة، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بالسمع والطاعة، وبين ذلك بيانا واضحا لا لبس فيه. وفق الله الجميع لكل خير، وحفظ لنا ديننا ووطننا وولاة أمرنا. * طالبة ماجستير في قسم العقيدة.. جامعة حائل