الراصد الدقيق للساحة الشعبية قبل عقدين من الزمان يُوثِّق حال رقيّها المتنامي والوعي الرائع من خلال - النص - الذي هو ابن فكر شاعره وهو محور حديثي هنا، حيث زخرت الساحة الشعبية (في تلك الآونة) بأسماء - طليعية - رائعة في ثقافتها، وكان المؤمل أن تتصاعد وتيرة هذه الثقافة بحيث يكون كل جيل لاحق يفوق أكاديمية وثقافة من سبقه، لينعكس ذلك على الشعر الشعبي وتاريخه وتحديداً في مستوى القصيدة الشعبية من منظور نقدي بحت، ولكن مع الأسف - كل ذلك المؤمل - (كان حلما وتلاشى). وأخذت الساحة الشعبية تتدنى في مستوى القصيدة وتمادت في العد التنازلي حتى خَفَتَ أَلقُها، وأصبحت (الذاتيات، والتلميع) هما سيدا الموقف سواء في - وسائل التواصل الاجتماعي - أو (بعض) القنوات الشعبية الفضائية، بل تجاوز الأمر إلى ما هو أتفه - وأرثى حالاً - (هجائيات وعنتريات على منابر الأمسيات) ومزاعم بطولات وهمية تتبناها أسماء نكرة ومع هذا تجد من يبارك تجاوزاتها في بعض وسائل الإعلام الشعبية، إما بالصمت - ليكون لسان حالها الراضي كالفاعل - أو بالتطبيل - بالصورة أو الكلمة - تبعاً للوسيلة الإعلامية الشعبية مع الأسف..! إن من يعود (للحقبة الألماسية والذهبية لمستوى القصيدة الشعبية) وتحديداً آخر الثمانينيات وأول التسعينيات الميلادية يجد أن أكثر شعراء تلك الحقبة الراقية - في مستوى الشعر الشعبي - هم من المثقفين كالشاعر ماجد الشاوي والشاعر فهد عافت والشاعر عبد الله عبيان وكذلك من يحملون درجة أكاديمية عالية كالدكتوراه مثل الأمير الشاعر د. سعود بن عبد الله والأمير الشاعر د. سعد آل سعود والشاعر الدكتور ذعار بن محيا والشاعر الدكتور صالح الشادي والشاعر الدكتور فيصل المجفل وغيرهم من الرائعين، أما تدني مستوى الشعر الشعبي فهناك من ربطه (بمستوى ثقافة أكثر شعراء عصر الجيل الحالي) من الشعراء الذي حضر - فيه الشعراء وغاب الشعر - وهناك من ربطها بضعف مستوى بعض الفضائيات الشعبية كالأمير الدكتور سعود بن عبد الله في لقائه في مدارات شعبية العدد 14462 الموافق الخميس من جمادى الآخرة 1433ه الذي قال فيه ما نصه (فضائيات الشعر التي كنا نأمل منها الكثير لتكملة نجاحات الشعر خذلتنا وفرقتنا). - محمد بن علي الطريف