شيّع أبناء بريدة في اليوم الحادي عشر من شهر محرّم سنة أربع وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة، ثاني رئيس لبلديتهم: سليمان بن محمد الدّريبي عن عمر يناهز ثمان وسبعين سنة، حيث ألزمه المرض السرير داخل قصره صابراً ومحتسباً الأجر والثواب من الله على طول مرضه وتأزُّمه الذي عانى منه إلى أن فاضت روحه الطاهرة، تاركاً ذكراً حسناً يحمده عليه من عاصره أو سمع به من أبناء بريدة وأحفادهم، لأنه أبقى سيرة طيِّبة ومسيرة وظيفية في بلدية بريدة منذ أكثر من ست وأربعين سنة، مخلّفاً الكثير من الخدمات التي تتحدث عنها أرشفتها من الإنشاءات والمشاريع والإصلاحات، التي حرص ولاة الأمر في بلادنا على تقديم جلّ اهتمامهم لتنفيذها، فالمتابع لمسيرة الدّريبي التي تحدثت عنها صحافتنا المحلية، والأكثر حديثاً وانتشاراً واطلاعاً صحيفة الجزيرة، من خلال تقارير أعدّها مكتبها بمدينة بريدة، ففي تقرير صدورها في اليوم الثالث من الشهر السادس سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة وألف من الهجرة، حيث أجرى محرِّرها محمد الرجيعي - رحمه الله - معه لقاءً مطوّلاً في مكتبه داخل البلدية الواقع جنوب وسط بريدة، وعرض عليه العديد من الأسئلة التي تهم القرّاء، وحرص على شفافية وصراحة الإجابة لإفادة أبناء بريدة الذين يتشوّقون في زمانهم لمثل لقاءات كبار المسؤولين، والتحدث عن إنجازات مشاريع إدارته، حيث انصبّت الأسئلة على المشاريع والإنشاءات والصيانة التي تقدمها بلدية بريدة منذ تأسيسها سنة: اثنتين وثمانين وثلاثمائة وألف من الهجرة، فأفاد عن الأزمة التي واجهت البلدية أثناء سقوط الأمطار واعتماد سبعمائة ألف ريال لدراسة المجاري وتصريف السيول، واعتقاده أنه عند تنفيذ هذه المجاري وتصريف السيول سوف تنحل مشكلة المياه، كما أفاد عن الإنتاج الزراعي الذي تزدحم به ساحات بريدة، وعن دراسة موضوع إيجاد مكان فسيح لمحطة يُنزّل فيها الإنتاج الزراعي ويشحن منها إلى خارج بريدة ويُباع فيها بالجملة، وستكون مركزية في البلد وسنتوخى المكان في الموقع المناسب، حيث إنّ ميدان الجردة أصبح غاصاً ومكتظاً بالمحاصيل الزراعية، ولم يَعُد كافياً لتحمُّل المزيد من الإنتاج. لذا من الصعب تقصِّي سرد الإجابة على الأسئلة إلاّ أني أكتفي بتصريحه الذي جاء فيه: «وإن كان لي كلمة في المناسبة التي أتاحتها لي صحيفة الجزيرة أحب إسداءها لإخواني المواطنين، فهي أمنيتي بأن يدرك المواطن أبعاد ما توجيه عليه وطنيّته؛ لكي يتعاون مخلصاً مع الجهات المختصة، ويُسهل لها أيسر واجباتها على الوجه الأكمل، وسيسعى مُتفانياً لتقديم أسمى الواجبات الوطنية ...»، ومن الشعور الوطني لفقيد بريدة وثاني رئيس لبلديتها الذي اطّلعنا عليه في جريدة الجزيرة الغرّاء، أبقى فيه ذكراً حسناً في سجل حياه وبعد وفاته .. رحم الله فقيدنا وأحسن الله مثواه، وجزاء خير الجزاء لما قدّمه من خدمات وطنية لأبناء بريدة، الذين يقدِّرونها ويقدِّرون خدمات أبنائها المخلصين .. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. أحمد المنصور - بريدة - نادي القصيم الأدبي