ما زالت هنالك زوايا معتمة من تاريخنا الإسلامي العظيم، وشخصيات متوارية وراء حجب من الإهمال والتجاهل والنسيان، ومواقف مشرقة غمرها ظلام الجهل بها من الأجيال المتأخرة، التي نشأت في ظل مجتمعات مسلمة تناءت بها أهواؤها عن الطريق المستقيم. يتناقل الناس عبر وسائل الاتصال معلومات عن ميقات ذي الحليفة المسمى (أبيار علي) توضح أصل هذه التسمية ومن هو علي الذي ينسب إليه المكان، وهي معلومات جديدة على معظم الناس الذين يظنون أنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بينما تؤكد الدراسات التاريخية أن علياً هذا هو علي بن دينار، سلطان دار فور بالسودان، فقد قام بحفر الآبار ليشرب منها الحجاج عام 1315 للهجرة، وجدد مسجد ذي الحليفة، وعمَّر هذا المكان، فنسبه الناس إليه. كان السلطان علي بن دينار معروفا بالعقل والوقار والحكمة والإصلاح وهو الذي لما تأخرت كسوة الكعبة من جهة مصر، أقام في عاصمة دار فور الفاشر مصنعاً كبيراً لصناعة كسوة الكعبة وبقي على ذلك عشرين سنة، يبعث كل عام بكسوة جديدة. هذا مثل واحد من أمثلة كثيرة في عالمنا الإسلامي، تظل بعيدة عن الأضواء حتى يأتي من يبحث عنها ويبرزها. دار فور سلطنة إسلامية إلى عهد قريب، ومع هذا لا يعرف أكثر المسلمين عنها شيئا، حتى بعد أن قفزت إلى واجهة الأخبار في الإعلام ظلت مجهولة عند المثقفين والإعلاميين، فكيف بعامة الناس. القضية ليست خاصة بدار فور، فهنالك معالم إسلامية كثيرة غائبة عن الأذهان. وفي ذلك تغييب لوعي الإنسان المسلم وتجهيل له. لماذا يجري الصراع في دار فور ومن المستفيد منه؟ وما أهمية دار فور؟ هنالك من قال حينما سئل عنها: بلد لا يعنيني وليس بذي قيمة على خريطة العالم الإسلامي، أو على قول أحدهم قطعة أرض جرداء لا تستحق التضحيات، وهذا القائل معذور لعدم وجود تعريف شامل ببلاد الإسلام، وإن كان غير معذور لعدم اهتمامه الشخصي بمعرفة تاريخ أمته وتراثها. هو لا يعلم أن هنالك معادن ونفطا، وأن مساحة دار فور تساوي مساحة فرنسا، وعدد سكانها ستة ملايين، ونسبة المسلمين تسعة وتسعون في المائة ونسبة حفظة كتاب الله خمسون في المائة من عدد السكان وأنها أرض زراعية، وأن خطط الأعداء - أمريكا وأوروبا - لفصلها عن السودان كما فصل الجنوب موضوعة فوق منضدة التطبيق. إشارة... مزيداً من الوعي يا أمة الوحي