أشرت في الزاوية السابقة إلى أهمية الانتشار في محيط الفنان أو المبدع في أي من الفنون على اختلاف سبل التعبير فيها وتقنياتها ووسائطها مسرحا أو موسيقى أو طرب وصولا إلى الفن التشكيلي ببناء قاعدته الجماهيرية محليا قبل الانتقال إلى العالمية، وذلك عودا إلى النتائج الإيجابية التي حققها الفنانون والمبدعون على مختلف العصور، وكما المحت ان لنا في تاريخ الفن الكثير أقربها أو ما يمكن الاستشهاد به في عصر التواصل والانتشار الإعلامي ما نتابعه خلال اكثر من أربعين عاما بعد ان (أصابنا سحر الفنون التشكيلية وأصبحنا مسكونين به) فدفعتنا الحاجة إلى الانغماس في أبعاده التاريخية ومعرفة مكامن وأسرار المبدعين فيه من عصر النهضة حتى القرن الواحد والعشرين. ويأتي استشهادنا بأهمية الانطلاق من المحلية بأسماء معاصرة في إبداعها ومعاصرة في كونها تعيش بيننا (من الأحياء) مع ما يمكن الإشارة إليه من أسماء رحلوا في وقت قريب ابقوا بصمتهم المعاصرة عطاء وإبداع في منتجهم التشكيلي على اختلاف تنوعه، يأتي ذلك لئلا يظن البعض أننا نعنيهم أو نلامس مشاعرهم المرهفة التي لم تعد تتحمل النقد مقابل ما يقابلون به من اشادات وإعجاب وتصفيق غالبيتها ممن لا تتعدى ثقافتهم أو معرفتهم (راس الأنف) لمجرد ان أولئك (الحساسون) مخالفون لما يعرف معرفين بأنفسهم بشكل يثير ردود الفعل مهما اختلفت وان كان أكثرها سيئا، ومن المؤسف ان يغلب على المبدعين الحقيقيين بفنونهم المعاصرة (الحديثة) جانب الصمت والاكتفاء بتقديم ما جادت به أناملهم أو (أفكارهم) من أعمال لوت أعناق النقاد ولفتت الأنظار في محافل عدة محلية وعالمية، بينما نرى تلامذتهم أو من وجد سبيلا للشهرة (الوهم) يتناسونهم بل يدعون الريادة والأسبقية وانهم يقودون الساحة ويمنحون الأجيال الشابة الجديدة (صكوكا) مختومة بخاتمهم وان ما أتي بعدهم لن يحقق اكثر من التبعية والتقليد. لقد حظيت الساحة المحلية بأسماء وإبداعات كسب أصحابها حب جمهور الفن وأخذوه معهم بخطوات هادئة مطمئنة يتشاركون فيها النجاح، لم نسمع من أحدهم كلمة تقلل من شأن غيرهم أو اتهام جمهورهم (جزء من مجتمعهم المحلي) بالتخلف أو بإعاقة الفنون والإبداعات كما صرح بها بعض من أصبحت أصواتهم عالية بفضل أبواق غربية (يتقيئون) العبارات و(يبصقون) بالكلمات الجارحة على من لا يوافقهم الرأي في صحف غربية نتيجة جهلهم بأن لا حضن لهم ولا وسادة لعقولهم غير محيطهم الأصل. هؤلاء وجدوا مصفقين ومطبلين ومزمرين ما أذهب الكثير من عقولهم فصدقوا ما يقال دون علمهم ان ما قاله هؤلاء المداحون والمدافعون، ليس حبا فيهم بل تشفيا في من يرى أنهم واقعون في أخطاء باسم الفن لن يجدوا لها في المستقبل أي عذر أو قدرة على التراجع. قبل الختام اذكر هنا بعض الأسماء الرائدة الرائعة الممتلكة للحكمة بخبرات جعلت منهم رموزا يعتد بها ويعتز بها الفن التشكيلي السعودي، أسسوا الحداثة دون تفريط وتحركوا بخطوات بدءا من أرضهم (جمهورا) وتراثهم (أصالة) وصولا إلى العالم فوثقت تلك الخطوات في موسوعات عالمية، الراحلون الفنان الرضوي والسليم والباقون كثر منهم كمال المعلم وعبد الرحمن السليمان ومحمد الصقعبي وبكر شيخون إلى آخر عقد المبدعين الحقيقيين أعطوا فصدقوا في عطائهم وأصبحت أعمالهم ثابتة الجذور باسقة تسر الناظر إليها مهما تعاقبت عليها السنون. [email protected]