من البلدان القليلة، تظل إيران سجناً مغلقاً، يعيش داخل أسواره مواطنون من قوميات وأعراق ومذاهب متعددة أشدَّ أصناف القمع والتمييز والعنصرية؛ إذ يواجه أهل السنة تمييزاً فاضحاً لا يمكن أن يتحمّله بشر، فحتى المساجد والجمعيات التي تدير أماكن العبادة ورعاية المحتاجين من أهل السنة يشرف عليها ملالي من النظام جميعهم من شيوخ الشيعة، رغم أنَّ أهل السنة يملكون العديد من المؤهلين من الشيوخ والأئمة وجميعهم من حملة الشهادات الشرعية، إلا أنَّ النظام لا يسمح لغير الشيعة بإدارة شؤونهم. وقد صرَّح الشيخ مولوي عبدالحميد إمام أهل السنة في إيران أكثر من مرة بأهمية تلبية مطالب أهل السنة، عبر إطلاق سراح المعتقلين والناشطين من أهل السنة، ومنح الحريات لأبناء الجماعة. إلا أن مجاميع الباسيج وقوات الحرس الثوري والأجهزة الأمنية، وبدلاً من الاستجابة لمطالب أهل السنة، أمعنت تلك الأجهزة في التضييق عليهم مما أثار غضبهم في محافظات زاهدان وشيستان وبلوجستان، وجميعها يقطنها أهل السنة. وقد نقلت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية عن سقوط قتلى وجرحى جراء أعمال عنف واضطرابات بسبب استفزاز الأجهزة الأمنية والحكومية، وقد ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية عن انفجار قنبلة صوتية قرب مسجد سروان. الشيخ غلام رضا دهقان صرَّح للصحفيين أن الانفجار جاء رداً على استفزاز ملالي النظام والصخب الذي أحدثوه في أحيائهم لمناسبة يوم الغدير، حيث وجهوا سباباً وشتائم للصحابة مما دفع الشباب من أهل السنة إلى الرد على هذه الإساءات، وتجمهروا واشتبكوا مع العسكريين والأمنيين، وفجروا القنبلة الصوتية لإظهار رفضهم استغلال الملالي المناسبات لتوجيه الإساءة للصحابة وعلماء أهل السنة. والحالة الأمنية المتدهورة في المحافظات السنية ليس في مقاطعة بلوشستان فقط، بل امتدت إلى مقاطعة كردستان ومقاطعة الأحواز العربية والتي تتم في أعقاب مظاهرات واحتجاجات في طهران والمدن التي يشكل الفرس أكثرية فيها. وقد حاول خامنئي يائساً تبرير تلك التظاهرات ومواجهتها والتي انطلقت في طهران وفي خرسان العربية والتي ردد فيها المتظاهرون شعارات «الموت لخامنئي»، «الموت للدكتاتور»، وقال: (جاء عدد من الأشخاص بمسمى تجار إلى الشوارع لإثارة الشغب.. لساعتين أو ثلاث، جاء عدد إلى شوارع طهران وأضرموا النار بعدد من حاويات القمامة، وأولئك في ذلك الطرف من العالم عبِّروا عن سعادتهم، مبتهجين بأنه، نعم تسود اضطرابات، تسود فوضى.. أوضاعنا أسوأ أم أوضاعكم «أمريكا والدول الأوروبية».. الجمهورية الإسلامية بهذه المشكلات لن تسقط). وقال بدجل وبلاهة وحماقة إن الشعب الأمريكي «مسكين مغلوب على أمره فيه طبقات ضعيفة». وضمن اعترافه بالأزمات وصراع الذئاب داخل النظام أكد لأتباعه أنه «في المواجهة مع الأعداء» ومن أجل العبور من هذه «المنعطفات» ينبغي أن لا يغالبنا اليأس ونفقد الصبر والمقاومة، وأن تداهمنا حالة التشرذم والتمزق وننسى التخطيط والبرمجة، وأن نصبح بلا تخطيط وبحالة ارتباك وضياع». وفي صراعها المتزايد على السلطة تكشف العصابات داخل النظام كل يوم أجزاء أخرى من عمليات النهب التي يمارسها كل طرف منهم، ووفق أحد أعضاء برلمان الرجعيين فإنه (يتم تهريب سلع وبضائع سنوياً إلى داخل البلاد بما مقداره حوالي 30 مليار دولار، الأمر الذي يتسبب في القضاء على فرص العمل والإنتاج في المصانع المحلية) (وكالة أنباء فارس - 14 أكتوبر). والآن وإثر سياسات الملالي التدميرية للوطن التي أدت إلى إغلاق المصانع الرئيسة والقضاء على القطاع الزراعي في البلاد، يعيش عشرات الملايين من العمال والمزارعين والكادحين في المدن والقرى والأرياف تحت خط الفقر محكومين بالموت البطيء. وهذه الاضطرابات تبشر بقرب اندلاع ربيع إيراني يخلص الشعوب الإيرانية من حكم الطغمة الحاكمة المتمثلة بالدكتاتور خامنئي وصحبه من حملة العمائم. [email protected]