بقيق - الدمام - ظافر الدوسري - سلمان الشثري: شيع أهالي محافظة بقيق بالمنطقة الشرقية شهداء الحريق الذي راح ضحيه 24 شخصًا بينهم خمسة رجال وذلك في كارثة حفل زواج ببلدة عين دار الجديدة مساء أمس الأول. وكان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية قد وجه بتشكيل لجنة عاجلة من جميع الجهات ذات العلاقة للتحقيق في الحادث، وتابع سموه الحادث منذ وقوعه ووجه جميع الجهات المختصة بمتابعة الحادث وأوضاع المصابين ونقلهم لجميع مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج وتقدم كل ما يمكن تقديمه لإنقاذ أرواحهم. وما يزال سموه يتابع تطورات الوضع وحالات المصابين.. وقدم سموه تعازيه لأسر ضحايا الحريق وسأل الله أن يتغمَّد المتوفين بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جنَّاته ويلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان وأن يمَّن على المصابين بالشفاء العاجل إن شاء الله. وكان 24 شخصًا أغلبهم من السيدات قد توفوا فيما أصيب نحو 30 آخرين، وذلك أثناء حضورهم لحفل زفاف في أحد المنازل ببلدة عين دار الجديدة بمحافظة بقيق، ويعود سبب الحريق إلى سقوط أحد الخطوط الكهربائية المعلقة في بلدة عين دار في محافظة بقيق بالمنطقة الشرقية، حيث أكَّد المتحدث باسم الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية العقيد محمد العجيمي أن حالات الوفاة التي وقعت كانت نتيجة الصعق الكهربائي بعد سقوط أحد الخطوط الهوائية الكهربائية وملامسته لباب المنزل المصنوع من الحديد، الذي أدى إلى وفاتهم أثناء محاولتهم الهروب من المنزل. وقد أشارت مصادر مطلعة إلى أن السبب الرئيس للحادث هو إطلاق أعيرة نارية في حفل الزَّوَاج كنوع من الاحتفال، مما أدى لإصابة أحد الخطوط الهوائية بعيار ناري، ثمَّ سقوطه على الباب الحديدي في مدخل الباحة التي يُقام فيها العرس، حيث حاول الموجودون الخروج، وبمُجرَّد وصولهم للباب الحديدي تعرضوا لحالة الصعق الكهربائي. وفي صور حديثة تناقلها مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت محاولات الإنقاذ التي قام بها أقارب ضحايا حادثة حفل زفاف بلدة عين دار، حيث ظهرت سَيَّارَة اصطدمت بجدار الموقع الذي تَمَّ فيه حفل الزواج، وصور أخرى بينت مخارج النجاة التي أحدثها المنقذون بعد هدم جزء من الجدار. خلال تشييع المتوفين هذا وقد تواجدت «الجزيرة» مع جموع المصلين في بقيق والتقت بعدد من المسؤولين وذوي المتوفين، ومن بينهم مدير مستشفى ابقيق العام الأستاذ عبد العزيز العواد الذي كان مشغولاً بالاتِّصالات عبر الجوال والهاتف الثابت، ورفض التحدث معنا، مشيرًا إلى أن كافة المعلومات عن الكارثة لدى المتحدث الإعلامي بالدفاع المدني ووزارة الصحة وأنه لا يستطيع التصريح، إلا أنه أشار إلى أن جميع المصابين بالمستشفى قد غادروا ولم يتبق منهم أحد بعد أن أعطوا العناية والاهتمام والعلاجات اللازمة، وأشار في حديثه إلى أنه ما زال مواصلاً العمل منذ حدوث الكارثة في تلك الليلة وحتى ظهر أمس الأربعاء وأنه مجهد ولا يمكن الرد على أي اتِّصال بعد ذلك. وفي جامع معاوية بن أبي سفيان وسط محافظة ابقيق كانت هناك عملية تغسيل الموتى الوحيدة والصلاة عليهم، في حين فضل ذوو أحد الضحايا غسل امرأة وطفلها فجرًا وتَمَّ دفنها مباشرة، أما الباقون فقد تَمَّ غسلهم وتكفينهم والصلاة عليهم ظهر أمس الأربعاء، واكتظ الجامع من عامة النَّاس من نفس العائلة وأقاربهم والمعارف والجيران. وبدأت تتوالى الجنائز إلى المغسلة من مختلف المستشفيات التي أحضرت في سيَّارات الإسعاف الحكوميَّة والأهليَّة والخيريَّة وفي سيَّارات خاصة من الحجم المتوسط والصغير، وقال عدد من الحضور في حديثهم ل»الجزيرة»: إن المغسلين قد أصابهم الأرق بسبب العدد الكبير من الضحايا وصعوبة عملية غسل بعض الحالات بسبب التفحم الكامل للجثث، فيما امتنع بعض ذوي المتوفين من المشاركة بسبب صعوبة الموقف والمناظر المؤلمة. هذا وقد شهدت المغسلة تجمهرًا كبيرًا من الحضور من أجل كسب الأجر في حمل الجِنازة وبسبب الأعداد الكبيرة من الجنائز، كما شهدت الصلاة حضور عدد كبير من المصلين اكتظ بهم الجامع اضّطر بعضهم للصلاة خارج الجامع، وتأخر إقامة الصلاة بسبب عدم اكتمال حضور الجنائز وتأخرها بالمغسلة. رئيس مركز عين دار الجديدة والتقينا برئيس مركز هجرة عيد دار الجديدة الأستاذ ابن بيعص الهاجري الذي دعا الله أن يتقبل المتوفين شهداء عنده وان يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وقدم شكره وتقديره لولاة الأمر على وقفتهم في هذه المحنة التي خففت من آلام وأحزان ذوي المتوفين، وعلى رأسهم سمو أمير المنطقة الشرقية. إلى ذلك، أقيم العزاء في مركز دار عين الدارالجديدة حيث حضر العديد من المعزين الذين قدَّموا التعازي والدُّعاء لهم، كما شهدت بعض البيوت إقامة عزاء للرجال والنساء. مع ذوي المتوفين من جهة أخرى دعا الله شجاع دسار الهاجري من ذوي المتوفين أن يتغمَّد المتوفين برحمته وأن يشفي المصابين، واصفًا بأن الحادث أليم للغاية وفاجعة لم يسبق لها الحدوث في تاريخ هذه الهجرة ونتمنى أن تكون آخرها، وقال: إن مراسم الحفل كانت تسير على أكمل وجه لولا ما حدث، حيث قام عدد من الأقارب بإطلاق النار من رشاش أثناء زفة العريس ابتهاجًا بهذه اللَّحْظَة ولكن حدث التماس كهربائي ومن ثمَّ وقَّع الحريق، وقال: إن أحد أفراد أسر الهجرة قد فقد طفلته الصَّغيرة التي تبلغ أربع سنوات من عمرها، ولم يتم العثور عليها حية أو ميتة ولا يزال الدفاع المدني يبحث عنها. وبيَّن الهاجري أن مما زاد الطين بلة وتأزيم الوضع ونحن نناشد به منذ فترة هو أنه لا يوجد طوارئ بمستوصف هذه الهجرة حيث يعمل المستوصف 8 ساعات فقط ومن ثمَّ يغلق، وعند حدوث أي ظرف طارئ يُضْطر أهالي الهجرة إلى السَّفَر إلى محافظة ابقيق، كما أن عدم وجود مركز للدفاع المدني من أكبر المعضلات التي تواجه الهجرة حيث يتم الاستدعاء من المحافظات القريبة في حال وقوع خطر، وهذا ما حدث بالفعل مع هذه الحادثة، فيجب أن نأخذ دروسًا مستفادة من هذه الحادثة ويلزم توفير مركز للدفاع المدني ولا يجب أن ننتظر لوقوع مصيبة كهذه. من جهته قال أحد ذوي المتوفين ل «الجزيرة» -رفض ذكر اسمه-: إن ما حدث قضاء وقدر ولكن هناك أسبابًا أخرى ساهمت في وقوع المزيد من الوفيات، وهي تأخر الدفاع المدني والإسعاف وكذلك الخطأ الكبير الذي وقع فيه رجال الدفاع المدني برش المياه على الباب الحديدي الذي أصبح ملامسًا للكهرباء فكل شخص حاول الهروب من هذا الباب قد احترق وأصبح الباب كالمصيدة، وأضاف أن على رجال الشرطة دورًا في منع إطلاق النار في المناسبات وذلك بحضور دوريات في مثل هذه الزواجات التي ينتشر خبرها بين القبائل، ولكن غياب الشرطة ساعد ضعاف النُّفوس لإطلاق النار، حيث إن كثيرًا من الأسر غير موافقين وغير راضين على إطلاق النار في الزواجات. عضو المجلس البلدي أما عضو المجلس البلدي حشر الهاجري فقد تحدث لنا عن مشروع إنشاء صالة افراح وهي مطروحة في الخطة القادمة وستنفذ بإذن الله قريبًا حيث ننتظر في الجلسة القادمة عرضها على المقاولين لتنفيذها، ووصف الهاجري الصالة بأنها كبيرة ومن البنيان المسلح وذات مخارج طوارئ عدة، ونفى أن يكون لشركة الكهرباء دور فيما حدث، مشيرًا إلى أن إطلاق الرصاص هو السبب الرئيس لما حدث، وأشار إلى أنه وبالرغم من وجود 35 هجرة بالمحافظة إلا أنه للأسف لا يوجد مستشفى تنويم ولا طوارئ، ودعا في ختام تصريحه الله جلَّت قدرته أن يتغمَّد الضحايا برحمته وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر وحسن العزاء. من جانب آخر قال شهود عيان: إن أهالي الهجرة فزعوا لنقل المصابين إلى المستشفيات التي اكتظت بذوي الضحايا، كما أن معظم الضحايا من النساء والأطفال الذين لم يتمكنوا من المغادرة والهروب حيث تحولوا إلى كتلة من الفحم، بل إنه عثر على امرأة متفحمة وهي تحتضن طفلها بشكل مأساوي. *** مشاهدات من الحادثة * كانت الحاضرات في صراخ وفزع وهرع وذهول، بعد أن بدأت شرارة النيران في المبنى * النساء هرعن للخروج وسط بكاء وبحث عن أفراد أسرهن. * العرس تحوَّل إلى مأتم.. وكل شيء تحوَّل إلى ما هو أشبه بالرماد. * حاول عدد من المنقذين هدم سور مكان الحفل في محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.