الكويت - موفد الجزيرة - سعد العجيبان: افتتح أمير الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمس أعمال القمة الأولى لحوار التعاون الآسيوي. وقد رأس وفد المملكة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية ممثلاً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في القمة التي يشارك فيها قادة ورؤساء وملوك ورؤساء حكومات وممثلو 32 دولة آسيوية وعدد من مسؤولي المنظمات الإقليمية والدولية. وتبحث القمة سبل التعاون الآسيوي في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية والإنسانية، وغيرها من مجالات، إلى جانب سبل مواجهة الكوارث الطبيعية ودعم الدول التي تتعرض لتلك الكوارث. كلمة أمير الكويت وقد ألقى سمو أمير الكويت الكلمة الافتتاحية لمؤتمر القمة، فيما يأتي نصها: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. أصحاب المعالي والسعادة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يسرني بداية أن أرحب بكم في دولة الكويت شاكراً لكم تلبيتكم الكريمة لدعوتنا لمؤتمر القمة الأول لحوار التعاون الآسيوي؛ الأمر الذي يؤكد حرصكم على هذا الحوار وأهميته، وضرورة أن نعمل جميعاً على تفعيله وتطويره والارتقاء به إلى ما نتطلع ونطمح إليه، متمنياً لكم طيب الإقامة، ولاجتماعاتنا التوفيق والسداد. كما يسرني أن أرحب بجمهورية أفغانستان الإسلامية الصديقة عضواً في هذا المنتدى؛ ما يعكس الاهتمام المتزايد بتجمعنا وأهدافه في تحقيق التنمية والاستقرار لشعوب القارة. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. تنعقد أعمال قمتنا هذه بعد مرور أكثر من عقد على إنشاء المنتدى، وفي ظل ظروف ومتغيرات سياسية وأزمات اقتصادية خانقة على مستوى العالم أجمع، ما زلنا نعاني من نتائجها، وباتت تشكِّل تحديات خطيرة لجهودنا ومحاولاتنا المستمرة للارتقاء بقارتنا، والوصول بها إلى مستوى تحقيق طموح وتطلعات أبنائها؛ ما يتطلب منا جميعاً تكثيف جهودنا واستثمار لقاءاتنا للتحاور بعمق وموضوعية حول تلك التحديات وتحليل أسبابها والعمل على احتواء نتائجها وتلافي تكرارها بما يحفظ لدولنا استقرارها وتحقيقها معدلات نمو طموحة وفاعلة. إننا نقدِّر ما قامت به دول المنتدى من المحافظة على عقد لقاءات سنوية على المستوى الوزاري لبحث السبل الكفيلة التي من شأنها تحقيق مستويات عالية من التعاون والتنسيق بين دولنا في تأكيد واضح على حيوية هذا المنتدى، واليوم نجدنا مطالبين بأن نطور آلية تعاوننا آخذين في الاعتبار ما تلمسناه في تلك الاجتماعات الوزارية من رؤى وعزم مشترك يتناسب وعلاقاتنا الراسخة، ويمكننا من الدفع بعملنا المشترك إلى آفاق أرحب. وندعو في هذا الصدد إلى وضع التصورات والأفكار لهذا التطور بما يتناسب وحجم مسؤولياتنا تمهيداً لاعتمادها والعمل بها. وتسعد دولة الكويت في هذا الصدد بأن تستضيف أية آلية يمكن أن يتفق عليها خبراء دولنا في اجتماعهم القادم. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. إن تحقيق التعاون الاقتصادي الذي ننشده يحتاج منا إلى خلق الأجواء الملائمة للاستثمار، وسَن التشريعات اللازمة لتشجيعه، وتحفيز التجارة البينية بين دولنا، والاهتمام بالبنية التحتية المشتركة لدولنا، ولاسيما المواصلات والاتصالات، التي من شأنها زيادة حركة تبادل السلع والخدمات. إن استثمار إمكانيات دولنا على الوجه الأمثل، والتعاون لخلق تكامل اقتصادي بيننا سيمكننا من إقامة اقتصاديات قوية راسخة قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز العقبات، وسيحقق لنا نقلة نوعية في رفع مستوى معيشة أبناء القارة. ولا بد من الإشارة إلى التحدي الكبير الذي نواجهه من نمو سكاني متسارع حيث وصل بقارتنا إلى أرقام تناهز الستين في المائة من مجموع سكان العالم؛ ما يشكّل عبئاً على جهودنا وخططنا التنموية لتحقيق التطور والتقدم لقارتنا؛ وبالتالي يحتم علينا العمل دون إبطاء لوضع الخطط اللازمة للاستغلال الأمثل لمواردنا البشرية والطبيعية في قارتنا الآسيوية. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. يعاني عالمنا المعاصر بشكل عام وقارتنا بشكل خاص من مشاكل عديدة، كالفقر وتخلف الرعاية الصحية والأمية والحروب والمشاكل البيئية، وهي معوقات أدت إلى عرقلة التنمية في قارتنا، وأخّرت تحقيق ما نصبو إليه لأوطاننا وشعوبنا. لقد ساهمت الأزمة الاقتصادية، التي ما زلنا نعاني من آثارها، والتي لم تستثنِ أياً من دولنا، في زيادة أعداد العاطلين عن العمل، وازدادت معها معدلات الفقر في شعوب قارتنا؛ الأمر الذي يضاعف من مسؤولياتنا، ويدعونا إلى التحرك دون تأخير لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دولنا؛ لما سيوفره من فرص عمل واستقرار وظيفي، ونحن إزاء تداعيات هذه الأزمة مطالبون بالمشاركة في رسم خريطة جديدة للنظام المالي بشكل عام، تحقق تطوراً وحداثة وفق أرقى المعايير العالمية وأفضل الممارسات المصرفية والمالية. إننا مدعوون أيضاً للعمل الجماعي لمكافحة الأمراض والأوبئة، ومساعدة الدول المحتاجة في توفير الأمصال والأدوية لتهيئة إنسان آسيوي معافى قادر على المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة اجتماعياً واقتصادياً لأوطاننا، وإلى التعاون في وضع استراتيجيات شاملة تحقق الارتقاء بمستوى التعليم والربط بين حاجة مجتمعاتنا من الأيدي العاملة ومخرجات التعليم، وإلى بذل الجهود كافة لإصلاح بيئتنا واستخدام التكنولوجيا الحديثة لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية المتلاحقة تحقيقاً لإصلاح وأمن بيئتنا. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. إدراكاً منا لأهمية التعاون في مجال التنمية والأهداف التي يسعى حوار التعاون الآسيوي لتحقيقها، ومن بينها محاربة الفقر وتحسين مستوى المعيشة لشعوب آسيا، فإنني أغتنم فرصة هذا الاجتماع اليوم، وأتقدم بمبادرة تجسد التعاون الآسيوي، وذلك من خلال الدعوة إلى حشد موارد مالية بمقدار ملياري دولار أمريكي في برنامج يكون هدفه تمويل مشاريع إنمائية في الدول الآسيوية غير العربية، تسهم في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وقد يكون من المناسب تكليف إحدى مؤسسات التنمية في آسيا كالبنك الآسيوي للتنمية بالقيام بإدارة الموارد المالية المقترحة والإشراف على استخدامها في تنفيذ المشاريع لصالح الدول الأقل نمواً المستفيدة حصراً من موارد الصندوق الآسيوي للتنمية، وهي الدول الأكثر حاجة إليها. وفي هذا السياق يسرني إعلان مساهمة دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار أمريكي في ذلك البرنامج، آملين بأن نتمكن من توفير المبلغ المقترح من خلال مساهمات من دول أعضاء في حوار التعاون الآسيوي، كما أن دولة الكويت حرصاً منها على مزيد من التعاون مع الدول الآسيوية تبدي استعدادها للانضمام إلى مجموعة البنك الآسيوي للتنمية. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. لقد عانت قارتنا من حروب مدمرة، أنهكت اقتصادياتنا، وراح ضحيتها العديد من أبنائنا، وأدت إلى عرقلة التنمية في دولنا، وكنا فيها جميعاً الخاسر الأكبر؛ حيث لم تحقق تلك الحروب إلا الهلاك والدمار والتخلف. إننا ندعو من هذا المنبر إلى تغليب لغة العقل والحوار والنأي بأوطاننا عن الخراب والدمار، وذلك عن طريق احترام مواثيقنا واتفاقياتنا ومعاهداتنا، وحل خلافاتنا بالطرق السلمية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية؛ لنقدم للعالم نموذجاً راقياً في التعامل مع الأزمات، والقدرة على تجاوزها، بما يحفظ سلامة أوطاننا ورقي مجتمعاتنا وازدهار اقتصادياتنا. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. إن ما يميز قارتنا الآسيوية تنوُّع الثقافات والحضارات والديانات فيها، وهو دليل على عراقة هذه القارة وتكاملها. وقد جبلت شعوب قارتنا الآسيوية على التعايش فيما بينها على اختلاف أعراقهم ودياناتهم، مؤكدين على مبدأ التعارف لا التناكر، والتعايش لا التقاتل، والتكاتف لا التطاحن.. وهي مبادئ لا بد من التأكيد عليها، والحث على تطبيقها؛ فلا تستقيم حياة إذا ما حاول أحدنا إنكار الآخر أو إلغاءه، كما أن الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، باعتبارها الركيزة الأساسية لحياة حرة وكريمة، بما تضمنته من حقوق وحريات، سيوفر الاستقرار لأوطاننا والطمأنينة لشعوبنا. وفي الختام أكرر الشكر لكم سائلاً المولى تعالى أن يوفق جهودنا لما فيه خير قارتنا ومصلحة أوطاننا ورفاهية شعوبنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في المقابل أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبد الله نائب وزير الخارجية رئيس وفد المملكة إلى مؤتمر القمة الأول لحوار التعاون الآسيوي المنعقد في الكويت اهتمام المملكة بالبيئة وأملها بتبني سياسات دولية من شأنها الحفاظ على البيئة من جهة والإسهام في نمو الاقتصاد العالمي من جهة ثانية وفق مبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لتغير المناخي، كما تتطلع لبذل الجهود المضاعفة لزيادة تعاون والتنسيق في هذا المجال ، من خلال التركيز على تبادل الدراسات والخبرات والزيارات وتدريب الكوادر البشرية في مجالات تقنيات التحكم في التلوث وأساليب التفتيش البيئي وتحديث المقاييس والإجراءات البيئية وحماية الموارد الطبيعية والبحرية، كما انه من الأهمية بمكان السعي نحو تعزيز التعاون في مجال مكافحة التصحر والرصد والتحكم في جودة المياه والهواء . واستشهد سموه خلال كلمة ألقاها في الجلسة المسائية لمؤتمر القمة أمس الثلاثاء بإعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال القمة الثالثة لدول أوبك عن مبادرة تهدف لحماية البيئة العالمية من خلال الأبحاث والدراسات الخاصة بتخفيض انبعاثات الوقود الاحفورية وتبرعه بمبلغ 300 مليون دولار لهذا الغرض والدعم الدولي الذي حظيت به ومساهمة دول الكويت والإمارات العربية وقطر بمبلغ 450 مليون دولار أخرى لنفس البرنامج ودول أخرى أبدت اهتمامها بالمشاركة . وبين سموه أن المملكة قامت ببناء مؤسستين علميتين وهي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية والثانية مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية من أجل أغراض الحفاظ على البيئة. وحرص سموه على ضرورة الحوار لإيجاد أرضية مشتركة لتبادل آراء حول التحديات وإرساء لبنات التفاهم ومد جسور التعاون وتأسيس علاقات مبنية على الثقة والاحترام المتبادل بين مختلف الأمم والشعوب في ظل ما نعيشه من انتشار الصورة النمطية وغير الحقيقية لدى الشعوب عن الأديان والحضارات الأخرى وما يجمعنا من قيم ومبادئ مشتركة تعتبر ركيزة قوية يجب ان ننطلق منها لتعزيز التواصل الثقافي والحوار والتعاون بين المؤسسات الدينية والثقافية والتربوية والإعلامية المختلفة على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف بين دول آسيا . موضحاً سموه أهمية تكثيف الجهود والتوسع في إقامة الفعاليات الثقافية بكل صورها من مهرجانات ودورات وندوات ومعارض وأسابيع ثقافية وفنية وتبادل اللقاءات والزيارات بين المسؤولين والمهتمين بالشؤون الثقافية والفنية والترويج للمنتج الثقافي بين دول الحوار. وأشار سمو نائب وزير الخارجية إلى أن المملكة واستناداً لثوابتها الراسخة تتطلع دوماً إلى تعزيز ثقافة السلام والبناء والاستقرار العالمي استشرافاً لمستقبل أفضل يضمن التعايش السلمي بين البشر كافة، فقد بادر الملك عبد الله إلى الدعوة إلى الحوار بين أتباع الديانات والثقافات بهدف نشر قيم التسامح والاعتدال وبناء علاقات تعاون وسلام تسهم في مواجهة تحديات الانغلاق وضيق الأفق ، مبيناً أن هذه مساعي تلك المبادرة توجت بتأسيس مركز الملك عبد الله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في مدينة فيينا ، إضافة إلى مبادرته - حفظه الله - الإعلان عن تأسيس مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية خلال مؤتمر قمة التضامن الإسلامي خلال أغسطس الماضي ويكون مقره الرياض. ومضى سموه في القول إن الأزمة المالية والارتفاع في أسعار الغذاء والجهود الدولية القائمة لمعالجة آثارها وتداعياتها تعد من ابرز الموضوعات المطروحة على الساحة الدولية حالياً وأن المجتمع الدولي أولى اهتمامه الكبير بهذه القضية ، حيث صدرت العديد من القرارات التي سعت إلى استعادة الثقة في الاقتصاد الدولي وتوفير أسباب نموه، مضيفاً أن المملكة من خلال موقعها كدولة عضو في مجموعة العشرين وحرص منها على استقرار الاقتصاد العالمي ونمائه أكدت دوماً رفضها على فرض السياسات الحمائية وفرض العراقيل على حركة التجارة العالمية كحلول لتجاوز الأزمة المالية العالمية ، كما سعت إلى تأكيد ضرورة معالجة تلك الأزمة على الدول النامية والأقل نمواً التي تزداد معاناتها يوماً بعد يوم ، وناشدت في الوقت ذاته المجتمع الدولي عدم إغفال مسؤوليته في هذا المقام من خلال توفير الدعم اللازم. وأشار سموه إلى ان قضايا الأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية أصبحت مصدر قلق لكثير من الدول والشعوب ، وأن المملكة وإسهاماً منها لمواجهة أزمة الغذاء العالمية والتخفيف من آثارها فقد تبرعت بمبلغ 500 مليون دولار لدعم جهود وبرامج الغذائية العالمية لمساعد الدول المحتاجة على مواجهة ارتفاع السلع الغذائية الأساسية استفادت منه 62 دولة . وأوضح سمو نائب وزير الخارجية أن الجوانب المتصلة بالموازنة بين التنمية الاقتصادية وامن الطاقة والاستدامة البيئية تعد في الوقت الراهن من أهم التحديات التي تواجه الاقتصاديات العالمية، وفي هذا الصدد علينا ان لا نغفل الجانب الاقتصادي المتنامي الذي تعيشه دول آسيا مما يؤكد الحاجة إلى التعاون المشترك لبلورة سياسة متكاملة للطاقة الذكية التي تسعى لتوفيق بين استهلاك الطاقة واستدامتها، وأضاف سموه أن السياسة البترولية للمملكة أكدت دوماً على أهمية استقرار سوق البترول العالمية لضمان نماء الاقتصاد العالمي بشكل عام ومصلحة المستهلكين والمنتجين على حد سواء وحرصا من المملكة على استمرار المنتجين والمستهلكين للطاقة استضافة مقر منتدى الطاقة العالمي في مدينة الرياض. لافتاً إلى ان المملكة ترى ان أمن الطاقة لا يقتصر على أمن الإمدادات بل على أمن الطلب وتلافي التذبذب والمضاربات في الأسعار وعدم استهداف البترول بضرائب تمييزية.