بدأ أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة ورؤساء وفود الدول العربية في الكويت أمس أعمال مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية (قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة) التي تستمر لمدة يومين . ويرأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وفد المملكة العربية السعودية في القمة . وقد بدأت أعمال القمة بتلاوة آيات من القرآن الكريم . بعد ذلك أعلن سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت افتتاح أعمال القمة . وقدم سموه في كلمته الافتتاحية لأعمال مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة - شكره لأصحاب الجلالة والسمو قادة الدول العربية على تلبيتهم الدعوة للمشاركة في هذه القمة معربا عن أمله في أن يخرج هذا اللقاء التاريخي بنتائج تحقق الآمال ويمنح المصداقية لمتانة الأفعال . وأعرب عن تطلع الجميع في هذه القمة بأن تكون فاتحة خير لنهج جديد ومنظم للعمل العربي المشترك وأن تصب فيها الجهود المخلصة لمراجعة التحديات والقضايا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي تواجه الدول العربية . وأكد سمو أمير دولة الكويت العزم على تحقيق ما تصبو إليه القمة من مشاريع وبرامج تنموية وإستراتيجية قاعدتها الارتقاء في مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل المنتجة لشعوب المنطقة والنهوض بالأداء الاقتصادي للدول العربية لتلحق بالركب العالمي . وسأل سمو الشيخ صباح الأحمد الله أن يرحم شهداء غزة محييا نضال وصمود الشعب الفلسطيني وهو يدافع ببسالة عن كرامته الإنسانية متمسكا بحقه الطبيعي بإقامة دولته المستقلة. وعد الأسلحة والقذائف المحرمة دوليا التي استخدمتها إسرائيل في حربها على غزة والمواقع التي استهدفتها وعدم الاقتراف بتضخم القتلى والجرحى والمشردين والتدمير الكامل لكل مرافق الحياة في القطاع براهين لا تتفق ولا تتناسب مع مزاعم إسرائيل التي ساقتها لشن عدوانها . وعد هذا العدوان جريمة من جرائم الحرب وضد الإنسانية والتي تحرمها القوانين الإنسانية ويمثل انتهاكا صارخا لأبسط حقوق الإنسان ويستوجب الوقوف الفوري والدولي لهذا العدوان ومحاسبة المسئولين عنه . وقال سمو أمير دولة الكويت (إننا لا نستطيع ونحن نجتمع هذا اليوم وصدى ذلك العدوان الإسرائيلي يخيم علينا وأنات الشعب الفلسطيني وأطفاله في غزة وشائج القتل والدمار تخرق ضمائرنا دون أن نتدارس معا هذه المأساة بكل مسؤولية وأمانة) . ورأى سموه أن على القادة في هذا الاجتماع الاتفاق على خطوات عملية لتثبيت وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه وقفا دائما ورفع المعاناة الفلسطينية والاستجابة لأهدافه المشروعة في إقامة دولة مستقلة . وأكد مواصلة الجهود التي بذلتها الدول العربية في إطار الجامعة العربية بالتعاون مع المجتمع الدولي حتى يتم تطبيق قرار مجلس الأمن الأخير الداعي إلى وقف القتال تمهيدا لانسحاب إسرائيل الكامل وغير المشروط عن غزة وأشاد بجهود فخامة الرئيس المصري محمد حسني مبارك في وقف إطلاق النار في غزة لحقن دماء أهلها ودعوته في قمة شرم الشيخ الدولية التي أكدت على وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة واستكمال انسحاب إسرائيل عن القطاع وفتح المعابر من أجل تقديم المساعدات الإنسانية ، مثمنا جهود القادة لوقف تلك المأساة في غزة . وأشار إلى أن مماطلة إسرائيل في تنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير وكعادتها في تجاهل قرارات الشرعية الدولية والالتزامات الثنائية تبرهن للعالم حقيقة النوايا الإسرائيلية بالاعتماد على حق القوة وتجاهل قوة الحق , مؤكدا أن الحوار والمفاوضات واحترام الالتزامات المبرمة هي النهج الأمثل لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار . وطالب بمواصلة الوقوف مع الأشقاء في غزة وتقديم العون والإغاثة لهم والعمل على إعادة إعمار القطاع في إطار جهد دولي مشترك ومن خلال مؤتمر دولي للدول المانحة . وأعلن أمير دولة الكويت عن تبرع الكويت بمبلغ 34 مليون دولار تلبية لنداء وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونرا) للتبرع الفوري لتغطية تشغيل كافة احتياجاتها إيمانا من دولته بأهمية هذه الوكالة , داعيا في الوقت ذاته جميع القيادات الفلسطينية إلى الوحدة والتكاتف والتعاون لمواجهة هذا العدوان . وأكد أن المبادرة العربية للسلام التي اعتمدت وتكرر التأكيد عليها في عدة مؤتمرات للقمم العربية تمثل الأساس في الموقف العربي الواضح والصريح . اقتصاديا .. عد سموه تدني مستويات المعيشة في الدول العربية والتراجع الكبير لدخل الفرد وارتفاع معدلات البطالة وخاصة بين الشباب وما واكبه من تخلف في نوعية الخدمات التعليمية اللازمة للتنمية الحديثة سبابا لهجرة العقول العربية ذات الخبرة والكفاءة إلى الدول الأجنبية . وأشار إلى أنه على الرغم مما حبى الله الدول العربية من خيرات وطاقات تخلفت قدراتها في المساهمة في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية فتراجعت قيمة الصادرات التجارية للسلع والخدمات بينما ارتفعت في المقابل فواتير الواردات لتنهش من مدخرات الوطن وتضعف قدرات الاقتصاد العربي على النمو والتطور . وقال (لقد تراكمت هذه المعطيات السلبية حتى أصبح العديد من الدول العربية الأكثر تهميشا وتراجعا على مستوى العالم بكافة معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تقاس بها مكانة الدول ودرجات تقدمها) . وأبان أن هذه الظروف أسهمت في تكريس اليأس لدى شعوب المنطقة بالقدرة على مواجهة هذه التحديات وعلى التطور واللحاق بالركب العالمي في التقدم فتولد على إثره بيئة خاصة للتطرف والغلو والكراهية واندفع الكثير من الشباب إلى أعمال غير مشروعة للتعبير عن هذا الضيق مما أثر سلبا على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي . وأشار سمو أمير دولة الكويت إلى أن الظروف السياسية الراهنة ألقت بظلالها على تفويت الفرص المواتية على رفع معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي وتوفير سبل العمل الاجتماعي المنتج لشعوب المنطقة مرجعا ذلك إلى التركيز على نقاط الاختلاف في الرؤى والأهداف تجاه المشاكل السياسية التي استنزفت معظم طاقات العمل العربي المشترك خلال العقود الأخيرة . وعبر عن أمله أن تتوصل هذه القمة لنهج جديد في التعامل العربي وتطوير آلية عمل مبتكرة في العمل التنموي المشترك لتعود بالنفع المباشر على الإنسان العربي وتوفر له فرص العمل المنتج والحياة الكريمة وتعزز مكانة الأقليم العربي بوصفها شريك فعال في التنمية إلى جانب مساهمتها في إطلاق ما داخل الإنسان العربي من طاقات الإبداع والنبوغ والفكر الكامل .. وبين أن القمة تعقد في وقت الأزمة الاقتصادية التي بدأت تهز مبادئ وفلسفة وأسس التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الحديث وامتد أثرها على المؤسسات الاقتصادية حول العالم وتراجعت معدلات النمو الاقتصادي الدولية بشكل كبير الأمر الذي سيترتب عليها من أثر على بقية دول العالم . وقال (إن الأوضاع الاقتصادية الراهنة يضع على عاتقنا عبئا جديدا بتدارس تداعيات هذه الأزمة بجهد حثيث لتجنيب الدول العربية أي انكماش اقتصادي) . وأطلق سموه باسم هذه القمة مبادرة عربية تنموية تستهدف تعزيز الموارد المالية اللازمة لتوفير ودعم المشاريع المهمة في العالم العربي برأسمال قدره ملياري دولار ويدار عن طريق الصندوق العربي للإنماء الاقتصادية والاجتماعي معلنا عن تبرع دولة الكويت ب( 500) مليون دولار في هذا الإطار .