تعقد رابطة الجامعات الإسلامية، بالتعاون مع مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر والجمعية المصرية السعودية للتآخي والتواصل، مؤتمراً علمياً يوم 15 من شهر أكتوبر الحالي بعنوان «في حبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم» . التقت (الجزيرة) بالأستاذ الدكتور جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية رئيس المؤتمر، للوقوف على ما سيتم مناقشته في الملتقى لمواجهة التحديات الراهنة بعد الإساءات المتكرّرة للإسلام والرسول عليه الصلاة والسلام .. فإلى نصّ الحوار: * دكتور جعفر حدثنا عن المؤتمر وما سيقدم من خلاله لنصرة رسول الله؟ - إنّ فكرة المؤتمر نبذت عن هذا الفيلم المسيء لرسولنا الكريم الذي انتشر في أمريكا، وفي الواقع هي بذالات وسفاهات أقل ما يوصف به في حق نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن كمجتمع للجامعات بمسمّى رابطة الجامعات الإسلامية التي تحتوي على أكثر من 150 جامعة إسلامية منتشرة في جميع أنحاء العالم، كان لابد لنا أن نقدم ولو أقل واجب نحو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أن نذوذ عنه ولو بالكلمات، فقمنا بتنظيم المؤتمر الذي سيُعقد في منتصف هذا الشهر بإذن الله، ودعونا له العلماء والدعاة والإعلاميين، ونأمل من خلاله أن تلقى الكلمات وتقدم البحوث المعينة لنصرة محمد صلى الله عليه وسلم، وإظهار أنّ كلّ ما قُدِّم من إساءة لا يمت للحقيقة بصلة، وبالتأكيد المؤتمر سوف يقوم على ربط الحجة بالحجة والبرهان كما هي عادة العلماء، بمعنى أننا سوف نقوم على تفنيد كل هذه الإساءات في زاوية من الزوايا، كما سنحدد المسئولية عن مثل هذه الأعمال وعمّن ينتج مثل هذا الفيلم والذي يعرضه، والذي لا يجب أن يُترك هكذا بل يجب أن يؤخذ بما قدم ويحاسب عليه.. * وكيف ترد على من يقولون إنها حرية رأي وتعبير شخصي حر؟ - مسألة قضية حرية الرأي والتعبير التي دائماً يدفعون بها في مواجهتنا، سنتحدث عنها في المؤتمر وعن حدود حرية التعبير، وهي ليست مطلقة وهناك مثل سائد يقول «أنت حر ما لم تضر»، ولدينا في القانون - وأنا رجل قانوني - الأصل أنّ هذه الحرية ليست مطلقة، فحرية التعبير حتى في الإعلام العالمي والعائد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عليها قيود، وأول قيد هو أنّ حريتك تقف عندما تبدأ حرية الآخرين، أي ألاّ تنال من حريات الآخرين، فإذا كنت تنال من شخصية نبي يؤمن به أكثر من مليار ونصف المليار في العالم فهذه إساءة لا يمكن أن تغتفر، وبالتالي الذي نشر والذي صنع الفيلم مسئول عن هذه الإساءات فما هو جزاء هذه المسئولية.. هذا أحد الجوانب التي سوف نبحثها، فهل نقاضيهم أمام المحكمة الأمريكية أم أمام محاكمنا الإسلامية، وكل هذا سيحدد على ضوء قواعد سلطات المحاكم، ونحن نعلم أنّ هذا الفيلم قد أنتج في أمريكا مع العلم أنه نُشر في الإنترنت، لذا سوف نحدد المسئولية والعقوبات التي ستقع على من بثّ هذا الأمر المسيء للإسلام والمسلمين، والمسألة هنا هي في نصرة رسول الله بل في محبة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، ولهذا سيُعقد المؤتمر وبالتالي سيقدم فكراً خاصاً لمواقف الرسول صلى الله عليه وسلم لنتذكر فيه أهمية إحياء سنّة الرسول وكيفية نصرته وآثاره العالمية على كل الأجناس والبشر أجمعين. * ماذا عن المشاركين في المؤتمر وما الجديد الذي سيقدمونه لنصرة نبيِّنا الكريم؟ - استقدمنا علماء من جامعات مختلفة وأعضاء في الرابطة وفكرنا في طرق عديدة ومختلفة لنصرته، كما أنّ هذه الفعاليات ستستمر إلى نهاية العام وهي ليست محصورة بعقد المؤتمر، كما سنجمع الكتابات الغربية التي تحدث عنه صلى الله عليه وسلم سواء بشكل إيجابي أو سلبي، ولدينا حركات استشراقية جديدة نحاول أن نجمع أفكارها وأفكار كتّابها ممن كتب فيه عليه السلام، وقد وردتنا كتب عن المستشرقة الأمريكية «كارمن ارمستورونج» والتي لديها كتاب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تمجّده وتقدّسه بل وتعطيه حقه الذي يستحقه منا جميعاً، كما أنّ هناك مدرسة أمريكية بالكامل سنعرضها ونظهر ما قدمته المكتبة العالمية عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من قِبل الأساتذة في جامعاتنا، وبالطبع لن ننسي كتاباتنا العربية، خاصة الكتابات المصرية التي تحدثت عن الرسول محمد حديثاً إيجابياً، ولدينا الكاتب الدكتور نظمي يوقا المتوفى حديثاً وهو صاحب مكتبة الرسالة والرسول والتي منها كتاب رائع اسمه وامحمداه وهو من كتاب القرن الماضي، كما سنجمع كل تراثه العلمي التي تخص هذا الجانب، مع العلم أنه قبطي وليس مسلماً، وهناك كتابات أخرى عديدة في دول عربية أخرى تولّت مهمة الدفاع عن النبي محمد، سوف نقوم على جمعها، كذلك رابطة العالم الإسلامي لديها برنامج كامل نشرته في نصرة الرسول وأيضاً في المغرب لديهم عرض يقدم كل عام لمستشرقين ومدرسة استشراقية يجب أن نستفيد من ذلك، وبالتأكيد خلال هذا العام سنقوم على نشر كل ما يمكن تقديمه لنصرة سيدنا محمد عبر جميع وسائل الإعلام في جميع الدول الممكنة.. * ما هي الطرق المثلى لمواجهة الإساءة لنبيِّنا الكريم كأفراد؟ - الدعوة إلى الإسلام، لأنّ نشر الفيلم قد يكون سبباً في دخول غير المسلمين إلى الإسلام، كما أننا نرفض كل أعمال العنف التي قام بها بعض من المسلمين الغاضبين، الذين لا يحسنون مواجهة مثل هذه المواقف، وأنا أعتبرها أزمة وهي أزمة على مستوى العالم الإسلامي، ويجب أن تدار بأسلوب إدارة الأزمات العالمية الكبرى، وأتصوّر من ناحية الجامعات أن نقوم بإظهار واقع وحقيقة الرسول والرد على الإساءات بطريقة علمية والنقد العلمي الموثق لكل ما نُشر من أفلام وكتابات وغيرها في هذه المسألة.. * وكيف تصف دور الإعلام في هذا النطاق؟ - طبعاً الإعلام دوره مهم ولولا أنّ الفيلم تم تناوله بطرق إعلامية كبيرة وموسعة ربما لما كانت هذه الضوضاء الكبيرة حوله، والإعلام هو الموجّه والمعبّر عن رأي الجماهير والمكوّن الأول للرأي العام في أي دولة، لذلك اهتمامنا كبير بالتواجد الإعلامي، حيث سيأتي هذا الاهتمام من خلال عملية النشر لما نقدمه في هذا السياق، كما سيشاركنا العديد من الإعلاميين سواء من مصر أو المملكة أو من الدول المختلفة التي تحتوي الجامعات الإسلامية، فضلاً عن أننا سندعو في المؤتمر جميع القنوات والوسائل الإعلامية التي سنصل إليها في الدول المشاركة، وبالطبع النشر الإعلامي الموثق هو ما نحتاجه لنصرة الإسلام والمسلمين، ناهيك عن مشاركة لبعض الإعلاميين الكبار معنا في المؤتمر، ولتكوين الرسالة الإعلامية التي يجب أن تكون قوية والتي توجّه إلى الإعلام العربي والإسلامي، كما سننشر كل ما يمكن عبر كتب ومجلدات والتي ربما تكون قصيرة وموجزة لتقرأ، كما سنقوم باستخدام الإنترنت والوسائل السمعية في عمل رسائل ونشرات تبث عبر الشبكة الإعلامية وعبر البريد الإلكتروني، ولدينا مجموعة من الإعلاميين المتخصصين عن نشر كل ما سنقدمه لنصرة الرسول والرد على هذا الفيلم المسيء، لدعم عملية التوثيق الإعلامي من خلال العمل الذي نقوم به، كما أننا لا نعمل في الخفاء بل نعمل تحت نظرة الإعلام، فلن ينشر شيء إلاّ عبره ومن خلاله، إذن الإعلام والصحفيون معنا دائماً، وإلاّ سيكون عملنا في غرف مغلقة ونحن بحاجة لإيضاح الصورة الحقيقية للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم لمن لا يعرفونه ولمن رأى هذا الفيلم المشين والمسيء، ويهمنا تواجد الإعلام السعودي بقوة وبصورة خاصة في مؤتمراتنا وأثناء فعالياتنا وأنشطتنا المقامة على هامشها.. * ألا ترى معي أنه من الواجب إدخال سيرة المصطفى عليه السلام في التعليم؟ - نعم سنسعى لنعد برامج صالحة للمناهج التعليمة نركز فيها على هذه الزاوية ونظهر المحبة والاهتمام بالرسول عليه الصلاة والسلام من خلال العملية التعليمية. * ذكرتم أنه سيتم استخدام القانون في الدفاع عن نبيِّنا الحبيب .. كيف سيكون ذلك؟ - بالطبع سنستخدم القانون فهذه الإساءة مقصودة والقوانين تعاقب عليها ولدينا فريق كامل مجهّز من القانونيين والاستشاريين لمعرفة الطريقة الصحيحة للمقاضاة والرد القانوني السليم، وعمل دعاوى وقضايا في الدول المختلفة لمطالبة المسيئين لرسولنا الكريم ومقاضاتهم، ومنعهم من تكرار نشر مثل هذه الإساءات وتقديم التعويضات والاعتذارات، كما سنقاضي الأفراد والمؤسسات المسئولة عن ذلك في أية دولة كانت. * ماذا عن تعاون الجامعات السعودية مع رابطة الجامعات الإسلامية من خلال المؤتمر؟ - نعم لدينا خمس جامعات سعودية هم جامعة أم القرى، جامعة الإمام محمد بن سعود، جامعة الملك سعود، جامعة المدينةالمنورة وجامعة طيبة، والجامعات السعودية هي جامعات أعضاء في رابطة الجامعات الإسلامية، وجامعة الإمام محمد بن سعود هي أولى الجامعات المؤسسة للرابطة، وقد قامت على دعمها وساهمت في قيامها ونهضتها في بداياتها عندما كان مقرها في المغرب في جامعة القرويين، كما أنّ رئيس الرابطة هو الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي حيث تشارك المملكة من خلال الوفود المشاركة في قضايا نصرة النبي عبر المؤتمر، كما سيعقد مؤتمر آخر في الأردن في شهر نوفمبر القادم عن الصحابة والحديث والذي سيساهم فيه أيضا نخبة من العلماء والمفكرين وكذلك الدعاة الإسلاميون ورؤساء الجامعات الإسلامية ورئيس رابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله التركي ووفود الدول العربية والإسلامية، حيث سنقوم بحصر ورصد جميع الكتابات عن نبيِّنا محمد ونشرها وإذاعتها والرد على أيّ شبهة قد تثار حولها.. * كيف ترى مبادرات خادم الحرمين الشريفين والتي تهدف إلى وحدة الصف الإسلامي؟ - دائماً خادم الحرمين الشريفين يستشف ويضع يديه على جروح العالم الإسلامي، فمبادراته بنّاءة وتخدم الإسلام والمسلمين، والمبادرة التي دعا فيها خادم الحرمين الشريفين مجلس التعاون الخليجي إلى التحوُّل من التعاون إلى الاتحاد أنا شخصياً سعيد بهذه الدعوة، حيث كان لي أبحاث في هذه الزاوية في كيف نقيم اتحاداً يجمع الدول الإسلامية وليس بمعنى اتحاد في كامل الشكل السياسي، إنما نوع من التعاون الذي يؤدي إلى وحدة الدول في المستقبل في التعاون الاقتصادي والاجتماعي والتجاري وإلى آخره، وهذه مبادرة طيبة ولكنها لم تلق الاهتمام الذي كان يجب أن تلقاه من الوسائل الإعلامية، لأنّ دعوة كهذه تهم الدول الإسلامية خاصة السعودية كونها محوراً أساسياً في الدول سواء اقتصادية أو سياسية، وقد اجتهدنا في عمل مؤتمر الوحدة الذي سنوضح من خلاله كيف تكون الوحدة الوطنية والإسلامية، وكيف تكون الدول صفاً واحداً ودولة واحدة لا يهز كيانها شيء لتحقق أهداف الأمة العربية والإسلامية، وستنظمه رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع منتدى الوحدة الإسلامية بلندن وجامعة الأزهر الشريف، وسيكون أحد محاور المؤتمر الهامة مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي تدعو إلى الاتحاد والتي استشففنا منها هذه المبادرة التي ستطلق من خلال مؤتمر الوحدة.