«التحرير الاقتصادي» أو «إعادة الهيكلة» بهدف تحسين الكفاءة الاقتصادية، من خلال المنافسة, وتخفيف الأعباء المالية على الدولة هي الخصخصة وهي بهذا المفهوم فلسفة اقتصادية وكما أنها فلسفة اقتصادية فهي أيضا فلسفة سياسية، كيف لا! والتخصيص يدعو إلى اختزال دور الدولة ليقتصر على مجالات أساسية مثل الدفاع والقضاء والأمن الداخلي والخدمات الاجتماعية لذا فإن التخصيص يتجاوز مفهومه الاقتصادي إلى السياسي وأيضا الاجتماعي ومما يدعم المنظور السياسي للخصخصة بروز ظاهرة العولمة وما رافقها من تحرير التجارة بهدف تقليص دور القطاع العام وتخفيض مستوى الحماية التجارية وصولاَ إلى إلغائها وخلق الظروف المواتية لقيام قطاع خاص ديناميكي وفعال تمشيا وتوافقا مع توجهات مؤسسات التمويل الدولية. ولتحقيق هذه الفلسفة بمبرر اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي بنجاح فلا بد أن تكون العملية جزءا من برنامج الإصلاح الاقتصادي وآلية وأسلوب تنفيذها تراعي المجتمع وتكون نوعية وتدرجية مع توفر الإرادة السياسية للحكومة بهذا الخصوص أيا كانت فلسفتها ومبررها وضمان التأييد الشعبي والعمالي وكذلك الإداري (البيروقراطي) لضمان نجاح تنفيذ البرنامج وتجنب المعارضة القوية بالإضافة لمراعاة قواعد وأصول الشفافية والنزاهة في التطبيق ومراعاة الإطار القانوني للدولة وتواجد المؤسسات الداعمة للعملية والجهة المخططة والمتابعة للبرامج ومراعاة سرعة وتوقيت اتخاذ القرارات على الصعيدين السياسي المحلي والخارجي توافقا مع توجهات وقوانين الدولة الداخلية والخارجية والتي تسعى لإرضاء المجتمع والحفاظ على كافة حقوقه والعناصر السابقة تحتاج إلى قدرة قيادية فائقة وقائد بارع يستطيع كسب الرأي العام وتحقيق السياسة التوازنية الدقيقة ببراعة بين العناصر السابقة ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحقيق ذلك ببراعة بتكوين لجان أقرب ما تكون ميكافيللية مبدأها (الغاية تبرر الوسيلة) فتصبح التجاوزات القانونية والمصالح المجتمعية والفلسفة السياسية من الثانويان بينما الهدف والغاية لديها هي التخصيص. ولتحقيق الهدف بنجاح لا بد من آلية تنفيذية ناجحة فبدونها فتحقيق الهدف ليس بإنجاز وإن تحقق فعلى سبيل المثال لا الحصر فتكوين لجان لخصخصة مطار ما أو جهة ما لتنفيذ التحول وعدم إخضاعها للدراسة الشاملة الكاملة الوافية من جميع النواحي سواء أكانت اقتصادية أم مجتمعية أم سياسية بنوعيها داخلية أم خارجية فهذا يعني أن آلية التنفيذ قد سقطت بسقوط أحد عناصر النجاح فالأمر في غاية التعقيد لذلك فقدرة اللجان محدودة بخلاف ما لو كانت هناك هيئة عامة تختص بالخصخصة وخططها قبل وأثناء وبعد التخصيص. [email protected]