تميز أي مُنجز رائع مزيّة لا يملك أي منصف إلاَّ الإشارة إليها بكل تقدير، والساحة الشعبية وتحديداً في جانب أكثر الفضائيات الشعبية عانت كثيراً من النمطية إلا أن برنامج - الديوانية - وفي أول حلقة منه استقطب الكثير من المشاهدين الذين بدورهم سطروا إشاداتهم المدويّة في وسائل التواصل الاجتماعي - وهي حق مستحق - لأسباب عدة، منها: أولاً: المهنية المتناهية، ثم إن مسمى البرنامج هو جزء من مجتمعنا وتراثنا الشعبي المشرف والراصد، يلمس ذلك بدءاً بالاحترام المتبادل بين الضيف ومحاوريه، وكذلك ديكور الاستوديو الذي ينقل صورة حيّة - لشكل الديوانية السعودية الشعبية وألوانها المستمدة من ألوان البيئة المحلية بكل تفاصيل معناها. ثانياً: كانت - الديوانية - انعكاسا لمعناها المشرّف بحيث حوت - صلح - بيت الشاعرين علي بن حمري وبدر صفوق - وهو ما يحسب للقائمين عليها بعيداً عن تفاهات الإثارة المفرّغة من معناها الراقي في بعض القنوات الشعبية، التي يتعمّد بعض القائمين عليها - بحكم عدم الخبرة والتخصص والمهنية - افتعال إساءات الفرقة بدلاً عن لمّ شمل الساحة الشعبية وجعل الجميع إخوة متحابين بمثالية تحتذى. ثالثاً: المحاورون للضيف كل منهم بمنتهى استشعاره لدوره الراقي في احترام مشاعر الضيف والمشاهدين فيما يخص - الأدب ولباقة الحديث - رغم (سخونة المحاور المطروحة)، و(الإيماءات الذكية)، و(التضمين العميق الموضوعي)، و(تنوّع الطرح الشامل)، ومن ذلك عفوية وسرعة بديهة الشاعر مانع بن شلحاط بشعبيته الكبيرة، وكذلك دقة الشاعر والإعلامي تركي المريخي بحضوره التراكمي ودقته النقدية العالية، وإلمامه بتفاصيل الساحة الشعبية، وكذلك برسالته الوطنية العالية، حيث قال ما نصه في الحلقة الأولى من الديوانية.. كل المناطق والقبائل وحدها (رمز الجميع) مؤسس الوطن وموحده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه، وتكريس هذا التوجه الوطني في خضم الحوارات الشعبية أمر يحسب إعلامياً لتوجه الديوانية والقائمين عليها. أيضاً وضع الشاعر والإعلامي تركي المريخي النقاط على الحروف بحسمه لأكثر من إشكالية (كثر الجدل حولها في الساحة الشعبية) وهي جرأة تحسب لوعيه وتوثيقه وهو نهج أبو مشاري الذي عُهد عنه.