سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحدث عن جوانب هامة وسجايا عالية في شخصية الملك المؤسس .. عبدالله بن نازل الثنيان يروي ل(الجزيرة) لقاءاته بالملك عبدالعزيز على مدى عشر سنوات كان المؤسس يحرص على تفطير الصائمين في منطقة الغرابي ويدفع عنهم زكاة الفطر
الحديث عن شخصية مثل الملك عبدالعزيز رحمه الله حديث ذو شجون، لأن جوانب هذه الشخصية لا يمكن الإحاطة بها من زاوية معينة، والشيخ عبدالله بن نازل الثنيان الشمري من الأشخاص الذين قابلوا المؤسس رحمه الله في مناسبات عدة، وتحتفظ ذاكرته بمواقف وذكريات جدير بالتاريخ أن يستعرضها في يوم الوطن، فإلى اللقاء الذي تم في منزله في محافظة رفحاء. مع والدي لزيارة المؤسس كنت أرافق والدي الشيخ نازل بن ثنيان الشمري لزيارة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في قصره بالرياض، ولم تكن محافظة رفحاء -إذ ذاك- قد نشأت، حيث اتخذناها بعد نشأتها في العام 1371ه سكناً دائماً لنا فيما بعد، ولم تعد الذاكرة تسعفني لتذكر التواريخ كما يجب ولكن أتذكر أننا زرنا الملك عبدالعزيز رحمه الله في قصر المربع بالرياض،، وكان اللقاء الأول مع المؤسس طيب الله ثراه في حدود العام 1363ه، واستمرت زياراتنا له على مدى عشر سنوات تقريباً بمعدل مرة كل عام. إلى قصر المربع كنا نصل إلى الرياض العاصمة عن طريق الترحيل من مقر إقامتنا في بادية الحدود الشمالية، حيث ننقل بأمر من الملك عبدالعزيز رحمه الله بسيارات المراكز من لوقة إلى لينة ومن لينة إلى مركز أم رضمة، ومنها إلى حفر الباطن وهكذا حتى نصل إلى العاصمة، وهناك يقوم رئيس التشريفات إبراهيم بن جميعة بسؤالنا عن أعداد القادمين معنا ويؤمن لنا الخيام التي تنصب في المساحات الخالية في الرياض، ويخصص لكل زائر خيمة تناسب مكانته الاجتماعية، وإذا جاء وقت ما بعد صلاة العصر تأتي حافلات خاصة لنقلنا إلى الملك عبدالعزيز آل سعود حيث مقر إقامته في قصر المربع المنتصب بشموخ في منطقة كانت تقع خارج مدينة الرياض القديمة من الناحية الشمالية، حيث خطط الملك عبدالعزيز منطقة المربع وأمر ببناء قصر المربع وأقام حوله عدداً من القصور انتقل إليه الملك عبدالعزيز في سنة 1358ه، وكانت الرياض محاطة بسور عظيم ولها بوابتان أحدهما الثميري، وكانت البوابتان تغلقان في وقت معين من الليل، وهناك -في قصر المربع- نلتقي بالملك عبدالعزيز، ويكون اللقاء منظماً بحيث تحل وفود مكان وفود أخرى، ويبقى فقط الأخوياء والمقربون يتسامرون ويتحدثون معه، وإذا حانت صلاة المغرب ينفض المجلس لأداء الصلاة حيث يصلي الملك عبدالعزيز معنا، ثم يقدم العشاء قبل صلاة العشاء، وإذا قضيت صلاة العشاء ينفض السامر ونعود أدراجنا إلى المخيمات عبر الحافلات المخصصة لنا. مفاطيح وسمن بري وعن وجبة العشاء التي تقدم للوفود يقول الشيخ عبدالله بن نازل الثنيان: مائدة الملك عبدالعزيز رحمه الله عامرة بالخيرات رغم قلة ذات اليد آنذاك، وكان العشاء عبارة عن الرز ولحم الخروف والسمن البري، وكان الضيوف والخويا يقدم لهم الرز مع نصف خروف أو ربع أو ثمن، وباقي العامة فقط رز وسمن، وكانت الموائد تقدم للناس يومياً. المخيمات مجهزة بالخيرات وعند العودة من قصر المربع نعود إلى المخيمات التي نصبت خصيصاً للوفود والضيوف وأهالي البادية، ونجد هذه المخيمات مجهزة بأكياس القهوة والشاي والرز والسكر، وطل خيمة بجانبها حزمة من الحطب، وكان هذا عادة من الملك على شكل مصاريف لهؤلاء الزوار، وكنا نشاهد الكثير من الناس يذهب ويبيعها في السوق ويأخذ ثمنها، أما والدي رحمه الله فيحملها لربعه وجماعته فتوزع عليهم. تفطير الصائمين في الغرابي من الأشياء التي يحرص عليها الملك عبدالعزيز رحمه الله كما يروي الشيخ عبدالله بن نازل الثنيان الصلاة وتفطير الصائم، ويسترد قائلاً: لا يقطع مجلس الملك عبدالعزيز إلا دخول وقت الصلاة، حيث يقف ويعلن الصلاة ويكررها على مسامع الحضور، الصلاة، الصلاة، ثم يصلي مع الناس ويؤمهم أحد الأئمة المعروفين آنذاك، ثم يعود لمجلسه، وكان يرحمه الله يحرص على تفطير الصائمين الذين يسكنون المخيمات ويفدون عليه في رمضان في منطقة خالية قريبة من المربع تسمى آنذاك بالغرابي، حيث يقيم لهم الموائد الرمضانية، ويدفع عنهم زكاة الفطر وكنا نسميها (الفطرة)، وكان الفطور عبارة عن تمر، ويكتبون للمخيمات رز وطحين، وسمن وما يتوفر من طعام ذلك الوقت. أنوار المربع تعلن دخول صلاة الفجر ومن الأمور التي حضرتها بنفسي -والحديث للثنيان- أن الملك عبدالعزيز قال ذات يوم في مجلسه: يا المسلمين! لا أحد منكم يؤذن لصلاة الفجر قبل دخول وقتها، فإذا رأيتم أنوار قصر المربع تطفأ، فاعلموا أن وقت صلاة الفجر قد دخل في الرياض، وفعلاً أخذ المؤذنون يترقبون أنوار المربع، فما أن تطفأ حتى يرتفع النداء لصلاة الفجر، ويضيف الشيخ عبدالله قائلاً: وكنا في المخيمات القريبة من قصر المربع نسمع النداء لصلاة الفجر بشكل غير مرتب، فمنهم من يسبق بالنداء قبل وقته ومنهم من يجتهد فيتأخر، وتم التنبيه عليهم مرات ومرات دون أن يستوعبوا ذلك، وأتذكر موقفاً طريفاً حيث بدأ رجالات الملك عبدالعزيز بعد تنبيهه على المؤذنين بالتقيد بوقت صلاة الفجر بالمرور بين المخيمات حرصاً على عدم رفع الآذان إلا في وقته حتى لا يختلف المسلمون، وكان معنا أحد الرجال يريد الآذان، ووالدي رحمه الله يدعوه للتريث قائلاً له: أنوار المربع لا تزال مضاءة، ولكن دون جدوى، وفي هذه الأثناء رفع أحدهم الأذان قبل وقته في مخيم مجاور، وحينما وصل إلى الربع الأول من الآذان -تقريباً- فجأة انخنق صوته، واختفى الأذان، وعلمنا من مخيمات الجوار أن أحد رجالات الملك عبدالعزيز قام بمسك المؤذن والضغط على حنجرته (غاله) حتى يوقفه عن الأذان قبل وقته، فضحك والدي رحمه الله، وقال لصاحبه: (هاه تبي تذن هالحين)؟ فقال: (تو الوقت ما دخل)!! صدقات للبادية ومن الأمور التي يعرفها الجميع عن المؤسس كثرة أعطياته وصدقاته، يقول الثنيان: الملك عبدالعزيز رحمه الله له رحلات برية في أوقات معلومة من السنة، وكان الناس تعرف أوقات خروجه إلى البر، فيسبقونه إلى هناك ويتعرضون له على الطريق، فكان يقف أمام الناس ويعطيهم المال، ويوزع الصدقات على الناس. ومن صفاته يرحمه الله حب النصح للعامة وتبصيرهم بالدين، حيث يغشى مخيمات الناس والضيوف خطباء وعلماء يبصرون العامة بأمور دينهم ويؤمونهم بالصلاة، وكان هذا الأمر معروف في عهده، وكان الناس يستفتونهم في أمور دينهم. الخراج والعوائد مستمرة وكانت الأعطيات التي يأمر بها الملك عبدالعزيز مستمرة، ويقول مضيفاً: كان الملك عبدالعزيز يطلب منا كتابة أسماء جماعتنا عند ابن جميعة لصرف خراج (عوائد سنوية) وهي خاصة للخويا، وكنا نكتب ما نشاء ويأتينا عليها ما صرفه الملك عبدالعزيز كاملاً دون نقصان، لثقته المطلقة بخوياه، ولعلمه بحاجة الناس وقلة ذات اليد في ذلك الوقت، وفي عهد الملك سعود رحمه الله، زرت الملك فأمر لي بما كان يأمره لنا والده رحمه الله، وقال عدة مرات: هذا ما فيه فضل ولا منة، هذا حق لكم، فما أمر به الملك عبدالعزيز فهو مستمر لكم، واستمرت العوائد على هذه الطريقة، حتى وقت متأخر، حيث تم إحصاء الأسماء، وأصبحت تصرف العوائد دون الحاجة لزيارة الرياض والسلام على الملوك تيسيراً على الناس. ديوان الملك العام وعن مجلسه العام، يضيف الشيخ الثنيان قائلاً: الناس يتقدمون إلى الملك عبدالعزيز رحمه الله ويطلبون قضاء حوائجهم، ويكون ذلك مشافهة، ويفضلون مخاطبته باسم ولده الأكبر تركي، وكان يعجبه ذلك، فتجدهم ينادونه يابو تركي أو طال عمرك، ولم يكن يرد سائلاً أبداً كثر أو قل مطلوبه، وكان يوصي ابن جميعة فيقول: اعطوا فلاناً كذا وهذا كذا، وكانت مطالبات الأهالي والبوادي في ذلك الوقت تتركز على المطالب الشخصية من مال وغيره، ولم تكن مطالبهم عامة أو مطالب لقراهم وهجرهم التي لم ير النور منها في ذلك الوقت إلا القليل، وذلك لأن الناس آنذاك يعرفون موارد المياه الخاصة بهم، ولا شيء آخر يطمحون إليه إلا المال لشراء حاجياتهم وأعلاف مواشيهم. عشر سنوات في ضيافة الملك عبدالعزيز وعن عدد المرات التي التقى فيها المؤسس طيب الله ثراه يضيف: حوالي عشر سنوات، كنت أزوره مع والدي رحمه الله وكان والدي من خويا المؤسس رحمه الله، وكنا نلتقي به في مجلسه مرتين في اليوم في الصباح وبعد العصر، وكنت وقتها شاباً يافعاً ربما لم أتجاوز العشرين ربيعاً، وكان يرحمه الله يسأل عن أحوالنا وعن أهلنا، ويهتم بالجميع وينظم مكان جلوسهم عن طريق رئيس التشريفات، ويكون أقربهم منه منزلة الضيوف المهمين ورؤساء القبائل.. ولقاء جلالته يرحمه الله عادة لنا، كلما وصلنا الرياض العاصمة، وإذا اقتضت الضرورة أحياناً فالملك عبدالعزيز يطلبنا شخصياً عن طريق المراكز الموجودة في أماكن سكنانا، وقد تكررت هذه الدعوات ربما أكثر من عشر مرات، وإذا قدمنا عليه عرفنا أنه دعانا ليخبرنا بسياسته وبنظام الدولة التي كانت تنهض في بداياتها بقوة، وكان يوصل رسائله إلى المواطنين عن طريق رؤساء العشائر والأعيان لتبصير المواطنين بحقوقهم وواجباتهم. وكان يرحمه الله يدعو المواطنين إلى عرض حاجياتهم عليه، وكثيراً ما يردد أننا لن نقصر معهم وسنلبي طلباتهم جميعها، ولن نرد أحداً يأتينا، فأبوابنا مفتوحة للجميع. ويؤكد كثيراً على أهمية احترام الأنظمة. رؤساء العشائر في ضيافته وعن أبرز الأسماء التي كان يلتقيها في ديوان المؤسس رحمه الله يقول الشيخ عبدالله بن نازل الثنيان: مجلس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- يضم جميع فئات المجتمع، وكثيراً ما نرى الأعيان ورؤساء القبائل وغيرهم، ومن أبرز الشخصيات التي كنا نراه في مجلسه من أهالي منطقتنا -على سبيل المثال- الشيخ مشل التمياط -رحمه الله-، والشيخ مشل بن طوالة والشيخ محمد بن طوالة -رحمهما الله- وكل الشيوخ والأعيان الذين ربما لا تسعفني الذاكرة بسرد أسمائهم جميعاً. وكان مجلسه يرحمه الله يمتد حتى تنقضي حاجات الناس، وكان رئيس التشريفات ابن جميعة ينظم الوفود، ويخبرهم أنه بعد ما تقدم القهوة يتقدم من له حاجة فيذكرها للملك عبدالعزيز رحمه الله، ثم يغادر ويأتي أناس آخرون وهكذا.. وعن أولاد المؤسس رحمه الله يضيف: الملك سعود -رحمه الله- يحضر مجلس والده بانتظام، وكذلك الملك فيصل -رحمه الله-، ولكن الملك فيصل أكثر مهامه كانت في الحجاز، لذلك كنا لا نراه إلا مرات معدودة، وكان للملك سعود -رحمه الله- مجلس آخر غير مجلس والده وكان يأمرنا الملك عبدالعزيز بالذهاب إلى مجلس الملك سعود قائلاً: سلموا على الملك سعود. وكان المؤسس رحمه الله نشيطاً ويمشي على رجليه في تلك الأثناء، ولكن في السنوات الأخيرة كان يغشى مجلسه على كرسيه المتحرك، وإذا دنا من مكانه وقف على رجليه وحيا الحاضرين قائلاً: السلام عليكم ويشير بيده عالياً وبشكل دائري تشي بأن التحية للجميع، ثم يقول: مساكم الله بالخير. فيقوم من يريد السلام عليه فيسلم، أو يتحدث من له حاجة. الكهرباء والسيارات والبرقية وعن مظاهر التطور في العاصمة وقتذاك يقول الشيخ الثنيان: كانت الكهرباء متوفرة، وكان قصر المربع يبعد عن الرياض مسافة تقدر ب (10 كيلاً) تقريباً، وكان وحيداً في مكانه، وتضاء أنواره ليلاً، وكان يوجد هاتف وبرقية، وكانت العاصمة تتقدم ببطء نحو المدنية الحديثة، أما المراكز والبوادي فلا يعرفون إلا البرقيات والسيارات. مشاكل على موارد المياه يقول الشيخ الثنيان: كان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يبت شخصياً في المشكلات التي تنشأ بين أفرد القبيلة الواحدة على موارد المياه، وأتذكر أنه حدثت مشكلة على مورد ماء قرب رفحاء، وكان الناس آنذاك بادية يرتحلون ويقيمون على الماء، فحدث خلاف بين بعض رؤساء القبائل على مورد ماء في رفحاء، نتج عن هذا الخلاف تفرق ومشاكل بين إحدى أكبر القبائل التي تستوطن في بادية رفحاء في تلك الأيام، وتطور الخلاف وتدخلت القوات الأمنية التي تتبع للأمير محمد السديري (أمير عرعر) وقتذاك، ولكن عاد الخلاف مجدداً، ثم تدخل الملك عبدالعزيز شخصياً، وأبدى رأيه وأصدر أوامره لحل الخلاف، وكتب كتاباً بذلك كعادته في مثل هذه القضايا، ولكن أحد شيوخ هذه القبيلة راجع جلالته في هذا الأمر الذي أصدره وكان له رأي آخر، ولكن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لم يلب له ما أراد، وتكررت محاولة هذا الشيخ مرات عدة في مجلس المؤسس حيث خاطبه أمام الجموع قائلاً: يا عبدالعزيز، يا أبو تركي، يا إمام المسلمين، وعرض عليه مطلبه مؤكداً أنه هو المتسبب في خلاف قبيلته التي لا ذنب لها، فما كان من الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلا أن خاطب هذا الشيخ بأحب صفات قبيلته مادحاً إياه وقال: والله ما أشك فيكم إلا إذا شككت في ابني سعود! ولكن كثيراً من كلامكم لا أفهمه، فاكتبوا ما تريدون وما تتفقون عليه عند ابن جميعة، ولا يكون خاطركم إلا طيب، وقال لهذا الشيخ: تسمع يا فلان؟ قال: سمعت طال عمرك. وفعلاً خرجت الوفود وكتبت ما أرادت بعد لت وعجن حتى توصلوا إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف ودخلوا على الملك عبدالعزيز وقال: هذا ما تريدون؟ قالوا: نعم. قال: على بركة الله، ولم يعارضهم على ما أرادوا. أبناء المؤسس على نهجه كنت أشاهد الأمير محمد بن عبدالعزيز رحمه الله، وكنت أشاهد أيضاً -وقتذاك- الأمير عبدالله بن عبدالعزيز (خادم الحرمين الشريفين حالياً) في مجلس والده، وكان يستقبل المواطنين في قصره ويقضي حاجاتهم على سيرة والدهم رحمه الله، وكذلك سار الملك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله، حيث استمرت العوائد السنوية التي تصرف للعامة والخاصة، واستمرت سياسة الباب المفتوح لاستقبال عشرات المواطنين يومياً وقضاء حاجاتهم، وكان الملك عبدالله -آنذاك- شاباً يافعاً، اختط شاربه للتو، وكان طول قامته ملفتاً، وكان يشاهد الوفود التي تفد إلى والده، وينهل من هذا المجلس العظيم، وأتاح له هذا معرفة تامة بالقبائل والناس وطرق التعامل معهم. اللقاء الأخير قبل وفاته وعن آخر لقاء يتذكره قبل وفاة المؤسس رحمه الله يقول الشيخ الثنيان: التقيناه على المعتاد تلك السنة، وكنت بصحبة والدي، وبعد عودتنا إلى ديارنا، حيث كنا (مربعين) في منطقة الظفيري والجال (في بادية الحدود الشمالية)، حيث قدمت علينا السيارة الرسمية لمركز المعانية وكان يقودها ابن عمار رئيس المركز، فترجل عن السيارة يغذ السير وكان والدي رحمه الله في صدر مجلسه، فقال على الفور: يا أبو مشل، الملك عبدالعزيز انتقل إلى رحمة الله! وكانت دهشتنا كبيرة بحجم المفاجأة، وترحمنا عليه، وكان والدي رحمه الله ينوي السفر إلى الرياض لتعزية الملك سعود رحمه الله وأبناء المؤسس، ولكن أكد ابن عمار أن الملك سعود رحمه الله (يبي يقصر عنوتكم)، حيث وجه بعدم التكليف على الناس والاكتفاء بالبرقيات بدلاً من شد الرحال إلى العاصمة في ظروف صعبة لا تخفى على فطنته يرحمه الله، وفعلاً كتبنا برقية عزاء إلى الملك سعود وإلى أخوانه والشعب السعودي، وكان ابن عمار يتجول على أهالي البادية ويخبرهم بالنبأ الجلل الذي صادف العام 1373ه.