مدينة مرات.. مدينة صغيرة وحالمة تقع غرب العاصمة الرياض على بعد 150 كيلاً وتحتضن جبل كميت المشهور الذي ذاع صيته مع المثل الذي ارتبط باسم المدينة التي يلازمها، فيقول "أضمن لي كميت.. أضمن لك مرات". هذه المدينة تفتخر في أن يقيم بها جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه – خلال رحلته من الرياض الى الحجاز ذهاباً واياباً، فيستقر فيها لمدة تتراوح بين ثلاثة أيام الى ستة يستكمل فيها بقية رجاله ويستقبل خلالها الأهالي والوفود التي تقدم للسلام عليه من المناطق المجاورة من الوشم وسدير والمحمل وغيرها ويتفقد فيها أحوال الرعية. توثيق تاريخي وقد كتب عدد من الرحالة والمؤلفين عن استقرار الملك عبدالعزيز في مرات حيث ذكر المؤلف والباحث في تاريخ مرات الأستاذ عبدالله بن عبدالعزيز الضويحي في كتابه عن مرات بأن أمين الريحاني قال في كتابه نجد وملحقاتها مانصه: (وهاهو ذا قد أناخ في مرات بلد امرئ القيس فجاءته الوفود من الوشم وسدير مسلّمة عليه، وهاهو جالس في فسطاطه يسمع أحد الشعراء يتلو قصيدة في مديح الامام وانتصار جيوش التوحيد)، وفي كتاب رجال وذكريات يقول مؤلفه الدكتور عبدالرحمن السبيت: (ذكر أن الملك عبدالعزيز –رحمه الله– كان يجلس في مرات يوماً وليلة ويجتمع مع الأمير وأهالي البلدة)، ويقول يوسف ياسين في كتابه الرحلة الملكية:(وقد وفد على السلطان وهو في مرات وفد من الروضة وفيهم محماس بن عجيري وعليان بن ضمنة وسلطان بن سلطان وقد قدموا من مسيرة عشرة أيام للسلام على السلطان عبدالعزيز)، ومما سبق يتضح أن الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – قد تعددت وقت اقامته في مرات حينما كان يلقب بالامام وابان توحيد المملكة حيث كان يلقب بسلطان نجد والحجاز وملحقاتها الى أن نودي ملكاً للمملكة في اليوم الأول من الميزان من عام 1351 ه. شاهد عيان ولمعرفة المزيد عن موقع اقامة جلالة الملك عبدالعزيز في مرات فقد كان لقاؤنا مع أحد الذين تشرفوا بالسلام على جلالته والالتقاء به أكثر من مره وهو الشيخ عبدالعزيز بن علي الدايل أحد أعيان مرات الذي صحبنا في جولة على مكان اقامة الملك عبدالعزيز في مرات والذي لايزال موجوداً حتى اليوم والذي يقع مقابل مركز شرطة مرات الحالي الذي بني في مكان قصر الملك عبدالعزيز الذي أمر ببنائه عام 1354ه، وقد زار جلالته القصر بعد بنائه وتفقده واستمر في الإقامة في نفس المكان أمام القصر خلال مروره بمرات، وفي حديث الذكريات التي يحملها الشيخ الدايل عن اقامة الملك عبدالعزيز في مرات يقول بأن أول لقاء كان لي مع المؤسس عندما كان عمري ست سنين، حينما أتيت مع والدي للسلام على جلالته عندما حل في مرات مع أهل البلد وأعيانهم الذين يتوافدون للسلام عليه كلما حل، وقد كان الجميع يعلم بقدوم الملك قبل أيام قد تصل الى العشرة، ويستبشر الناس بذلك، حيث يتوافد الخدم الذين ينصبون الخيام ويجهزون مقر جلالته ويهيئونه بكل ما يحتاجه لراحته خلال الإقامة، فكان هناك مجلس لاقامة الملك للرجال يستقبل فيه الوفود ويحيط به خيام أخرى للاخوياء وللعاملين والحاشية والخدم، وفي أسفل جبل كميت يكون هناك مقر للنساء يبعد عن هذا الموقع عشرات الأمتار، ومع يوم قدومه يخرج الأهالي ويصفون في طريقه للسلام عليه والترحيب بمقدم جلالته وكان يغدق على الجميع ويوزع عليهم الكسوة والنقود. يوم المطر وتعطل السيارات! ويروي الشيخ الدايل المزيد من الذكريات فيقول بأنه في أحد الزيارات لجلالته الى مرات هطل مطر غزير فحل الملك عبدالعزيز ضيفاً على أمير مرات آنذاك ابراهيم بن عبدالرحمن بن دايل فيما حل ولي العهد آنذاك الملك سعود ضيفاً على الشيخ عبدالعزيز بن زيد، وبقية أمراء البادية والوفود ذهبوا الى منزل الشيخ حسين بن عبدالواحد، ومن المواقف التي حصلت في احدى الزيارات هو تعطل سيارتين من السيارات التي في موكب الملك عبدالعزيز ولم يكن يتجاوز عدد الأمير سلمان خلال زيارته لمرات السيارات أربع، فأما إحداها فقد تم اصلاحها من قبل المهندس الأنصاري الذي يرافق الموكب، حيث عمل غطاء الديلكو من قطعة خشب نجرها لهذا الغرض، أما السيارة الثانية فلم يستطع اصلاحها فأمر الملك باعادتها الى الرياض فكلف أمير مرات بن دايل ثلاثة من الأهالي وهم عبدالرحمن بن ضويحي وعبدالعزيز بن عمر ومحمد بن دغيشم – رحمهم الله – باعادة السيارة الى الرياض، فقاموا بجرها بالجمال من مرات الى الرياض عن طريق الميركة فالحيش فسبع الملاف فالخمر فالحيسية فالعيينة والجبيلة وظهروا بها عن طريق المغرزات الى الرياض، كما تعطلت سيارة أخرى في إحدى رحلات المؤسس فعهد بها الى الوجيه عبدالرحمن بن ضويحي الذي كان يؤمن لجلالته عدداً من المؤن أثناء مروره بمرات فقام بادخالها الى منزله داخل حوش وبقيت سنين طويلة فأصابها العطب وتآكلت جراء الأمطار وتقلبات الجو وقد قاموا باخراجها من الحوش عندما أرادوا التوسع في البناء، وبعد أن كثرت السيارات وخصصت لها الورش لإصلاحها تعطلت فيما بعد احدى السيارات أثناء مرور موكب الملك بمرات في ذهابه الى الحجاز فأوقفت بجانب منزل أمير مرات أياماً عديدة حتى تم بعد العودة من الحجاز سحبها بونش خاص أحضر من الرياض لهذا الغرض، وقد صادف أيضاً أن علقت إحدى السيارات في رمال شعيب مانح القريب من مرات فأمر الملك عبدالعزيز برصفه بالحصى لتسهيل مرور السيارات عليه. استقبال الأمير سلمان ويضيف ابن دايل أنه عندما ينزل الملك عبدالعزيز بمرات فان الماء يجلب من بئر المدرجية المشهورة بعذوبة مائها آنذاك، وهي لا تزال موجودة بالقرب من منزل الأمير سلمان في مرات عام 1392ه الشيخ عبدالرحمن بن علي الدعيج، وكان الملك يأمر من يحضرون الماء بعدم مضايقة الأهالي عند جلب الماء منها، بل يعطى الفرصة لكل من يريد التزود بالماء وهذا من عدله -طيب الله ثراه- فكان يردد ويقول الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلأ أي العشب، وقد كانت مرات في ذلك العهد نقطة ربط مهمة بين جميع مدن المملكة فكانت محطة رئيسية يقف بها كل من مرها للتزود بالوقود والطعام وللراحة أثناء السفر وكان البنزين الذي تستهلكه السيارات يأتي في "تنك" ولم تكن هناك محطات للوقود وكل تنكتين تأتي في صندوق، ثم جاءت البراميل التي تتسع لثلاث تنكات ثم تطور الأمر فتم وضع حجرة للبنزين في كل بلدة تمر بها سيارات الدولة للتزود بالوقود، وبعد أن كثرت السيارات صار هناك متخصصون لبيع البنزين من المواطنين وتطور الأمر حتى افتتحت المحاط الحديثة، وأذكر بأن من أول السيارات وروداً للمملكة هي سيارات أبو رفسة واللانسية ثم جاء فورد أبو سير وأبو سيرين ثم سيارات أبو سند والأيف ثم توالى قدوم بقية الأنواع المعروفة اليوم. وأشار إلى أن موقع إقامة الملك عبدالعزيز في مرات لايزال موجوداً على حالته حتى اليوم، حيث يعتبر موقعاً محبباً لدى جميع الأهالي في مرات لانه يحمل ذكرى عطرة وغالية ستبقى على الدوام ومن شدة محبتهم لهذا الموقع فقد تم فيه استقبال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض خلال زيارته التاريخية لمرات في عام 1392ه، حيث نصبت الخيام وأقيم حفل كبير حضره الجميع، ويطمح الأهالي أن يتم الاهتمام بهذا الموقع الذي يعد من الآثار المهمة وذلك من قبل الهيئة العليا للسياحة، وذلك بتسوير الموقع وتطويره وبناء مركز حضاري بمسمى مركز الملك عبدالعزيز الحضاري.. الدايل يستعرض ذكرياته عن إقامة الملك عبدالعزيز بمرات الدايل يشير إلى موقع إقامة الملك عبدالعزيز بمرات الديرة القديمة وغدير كميت