اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية هو أحد الأيام المضيئة في تاريخ العرب الحديث؛ فقد تحقَّق فيه توحيد المملكة رسمياً في وِحْدة اندماجية، جعلت من التشتت والضَعْف قوة، وحققت بذلك أنموذجاً رائعاً لمعنى الوحدة والتضامن؛ إنها ذكرى تستحق الوقوف عندها، وجميل أن نتذكر في هذه المناسبة صانع تلك الوحدة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - الذي أرسى دعائم هذه الوحدة، ووضع قواعدها، وجمع شمل أبنائها؛ ليبنوا معاً صرح هذا البلد، وقد توثقت وحدتها في المسيرة التي قادها من بعده أبناؤه (سعود ثم فيصل ثم خالد ثم فهد رحمهم الله)، ثم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي شهدت المملكة في عهده منجزات تنموية وسياسية واقتصادية عملاقة؛ فعلى الصعيد الداخلي ازداد عدد الجامعات والكليات والمعاهد التي شملت جميع مناطق ومدن المملكة، وكذلك إنشاء المدن الاقتصادية التي تشكِّل البنية الأساسية الحقيقية للنهوض، والاستعانة بسواعد الشباب السعودي لبناء وطنهم، وبناء مدن طبية في مناطق المملكة. كما أنه - حفظه الله -، ولما تمثله هذه البلاد من مكانة إسلامية عظيمة لوجود المقدسات، فقد انصب اهتمامه على توسعة الحرمين الشريفين بأكبر توسعة في التاريخ؛ لاستيعاب أعداد كبيرة من المسلمين في شتى أنحاء العالم. كما أن المملكة بقيادته وحنكته تعزز دورها في الشأن الإقليمي والعالمي سياسياً واقتصادياً وتجارياً؛ ما جعل لها حضوراً سياسياً متميزاً وعلاقات استراتيجية مع دول العالم، وأصبح للمملكة وجود أعمق في المحافل الدولية وفي صناعة القرار العالمي، وشكَّلت عنصر دفع قوياً للصوت العربي والإسلامي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته؛ وذلك يعود لدور المملكة المهم ومكانتها الاقتصادية والدينية؛ حيث صاغت المملكة نهضتها الحضارية، ووازنت بين تطورها التنموي والتمسك بقيمها الدينية والأخلاقية. ولا يسعني في هذا المقام إلا الدعاء لخادم الحرمين الشريفين أن يلبسه ثوب الصحة والعافية، وأن يجزيه عن أمته خير الجزاء، ولنائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -.