ينعقد في رحاب مكةالمكرمة يومي غد الثلاثاء وبعد غد الأربعاء 26 - 9 و27 - 9 مؤتمر التضامن الإسلامي بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ويتطلع المسلمون إلى ما سيناقشه سبعة وخمسون زعيما إسلاميا من مشكلاتِ وتحدياتِ عالمهم الإسلامي المزمنة. يتم هذا التجمع الإسلامي الكبير في أقدس مكان على هذه الأرض، ولا شك أن في اختيار المكان والزمان حكمةً لا تخفى لاستشعار المعاني العظيمة والمسؤوليات الجسيمة التي لا بد أن ينهض بها القادة المسلمون لإنقاذ عالمهم من غول التهميش الحضاري وتخليق الأزمات الطاحنة السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تستهلك طاقات عالمنا الإسلامي وتضعفه وتشتته وتهمشه؛ بل تخرجه من دائرة الوجود الإنساني المؤثر في حركة التاريخ والمنجز البشري التقني والحضاري مع الأسف. وضعنا العربي والإسلامي محزن لا يسر إلا الأعداء، وهو في حقيقة الأمر يجعلنا في موضع شماتة العالم وسخريته على الشاشات الدولية وصفحات الصحف العالمية؛ إذ لا فقر ولا حروب ولا قتل ولا تدمير ولا إرهاب ولا بؤر مشتعلة متوقدة كالجمر ولا بؤس ولا شتات ولا تخلف إلا في بقعة أو بقاع من عالمنا الإسلامي على امتداد خارطته الكبيرة الواسعة من أقصى الشرق في آسيا إلى أقصى الشرق في إفريقيا ومن أقصى جنوب جزيرة العرب إلى أقصى شمال حدود تركيا! هل نرى في هذا العالم كله دما قانيا ناقعا يهراق بكل رخص ومجانية وبدون شعور بالأسى أو الألم إلا في هذا العالم العربي أو الإسلامي؟! هل رأيتم عبر أية فضائية منظراً لأنهار من الدماء أو بنايات من طوابق عدة تهدم على رؤوس من فيها؟ بل هل رأيتم ذبحا بالسكاكين لأطفال أبرياء لا يتجاوز أكبرهم ست سنين إلا في هذا العالم المتخلف؟ هل رأيتم دبابات ومجنزرات وطائرات سوخوي وميج وغازات سامة وصواريخ آربي جي المدمرة لا تلقى على أعداء ولا تضرب بها ثكنات عدو؛ بل يسحق بها شعب وتباد بها طائفة ويطحن بها أبرياء مدنيون إلا في دولة من دول هذا العالم العربي الإسلامي هي سوريا المحتلة من عصابة طائفية تقاد وتدار من قبل إيران؟! هل رأيتم فقراً أو تخلفاً وعجزاً علمياً ومجاعات وبطالة وصراعات طائفية أثنية عرقية إلا في هذا العالم؟! بل هل يمكن أن يصدق أحد أن تحرق قرى وتدمر ويجمع ساكنوها ليوضعوا في محارق ثم تشعل فيهم النيران بالمواد سريعة الاشتعال ويشوون على مرأى من العالم كله دون محاولة للتخفي أو التستر على جرائم يندى لها جبين الإنسانية إلا في تجمع إسلامي هو إقليم أراكان ببورما، بل يتم هذا الإجرام بتصريح رسمي من قبل رئيس بورما «تين سين» الذي أمر بالتطهير العرقي علانية دون خوف أو وجل من هبة المسلمين أو نصرتهم؛ لأنه يعلم تمام العلم أن دول العالم الإسلامي في مجملها تعيش حالة من الانقسام والخلاف والضعف والحروب والمشكلات الداخلية العويصة ما يمنعها من التفكير أو الشجب في أضعف الأحوال لما يقترفه من جرائم مروعة في حق 15% من سكان بورما البالغ عددهم خمسين مليونا! هل سمعنا أو قرأنا عن تحرك بطريقة رسمية وبجهد سياسي يمارس ضغطا أو مطالبة أو شكوى أو محاولة للتدخل حتى الإنساني من دولة إسلامية؟! أبداً! حالة موات للضمير وللإحساس بالمسؤولية إلا من مبادرات فردية مشكورة أو جمعيات خيرية لا تمثل سلطات رسمية لأية دولة عربية أو إسلامية! أمام هذا المؤتمر العظيم قضايا جلى مرهقة ومزمنة ومؤلمة لا بد من مكاشفة صريحة لوضع حلول لها، ولا بد من يقظة جديدة وإلا فإننا لا نستطيع التكهن بمن سيكون موجوداً غداً من دول هذا العالم العربي والإسلامي دون أن تطاله نار التدمير والشقاق والتقسيم وربما الاندثار! [email protected]