أن ينحرف موظف أو حتى ضابط من أصحاب الرتب المتوسطة أو إنسان بسيط تغرية أجهزة المخابرات وتجنده عميلاً لدولة أجنبية، فهذا أصبح من الأخبار التي اعتاد المرء سماعها وتكرار حدوثها خاصة في بعض البلدان التي ِّدمر أخلاقيات أبنائها الاختراق والتدخلات الأجنبية -وللأسف الشديد- يدخل في هذا التصنيف عدد من الدول العربية التي ابتليت بالتدخل الإسرائيلي والإيراني في شؤونها الداخلية، وزرعت شبكات التجسس والعمالة لتضيف عبئاً على الأمن القومي، ليضاف إلى اختراقات وتجاوزات المخابرات الدولية الغربية والشرقية منها على حد سواء. لبنان من الدول التي تأذت كثيراً من التدخلات الأجنبية التي استباحت هذا القطر العربي الذي سقط عدد من أبنائه صيداً سهلاً في كمائن المخابرات، وأصبحوا عملاء لا يخجلون من الإفصاح عن تلك العمالة، ومنهم مسؤولون كبار وضباط كبار وسياسيون توزعوا لخدمة الكيان الإسرائيلي ونظام إيران والنظام السوري. السنة الماضية كشفت الأجهزة الأمنية عدداً كبيراً من الجواسيس الذين سقطوا في حبائل المخابرات الإسرائيلية التي استطاعت أن تجند واحداً من أكبر رجال الجنرال ميشيل عون رئيس التيار الحر الذي ملأ الفضاء اللبناني صخباً، مدعياً هو وتياره الوطنية، ليكتشف أن أحد أهم مساعديه العميد فايز كرم جاسوس إسرائيلي، ومع هذا ورغم الحكم عليه لم يبق سوى أشهر ليُطلق سراحه. وقبل أيام اقتحمت الأجهزة الأمنية منزلين للوزير والنائب اللبناني السابق ميشيل سماحة، الذي يقدَّم نفسه على أنه مستشار للرئيس السوري بشار الأسد. هذا الوزير والنائب السابق والمستشار الحالي لبشار الأسد أثبت جدارته كعميل لرئيس إرهابي، حيث عثرت أجهزة الأمن في منزله في الجبل وفي بيروت على صواعق تفجير ومتفجرات، وكان جهاز المعلومات في المخابرات اللبنانية قد دس أحد عملائه لمراقبة المستشار الإرهابي، فتمكن هذا الموظف في جهاز المعلومات من تسجيل شريط فيديو مصور يظهر فيه ميشيل سماحة وهو يسلم متفجرات إلى أحد الأشخاص مع مبلغ كبير لتنفيذ تفجيرات في عدد من المناطق اللبنانية، وبعد مواجهة سماحة بتلك المعلومات ومشاهدته الفيلم الذي يظهره بالجرم المشهود اعترف بأنه مكلفٌ من النظام السوري بالقيام بتفجيرات في عكار في الشمال اللبناني واستهداف موائد إفطار خلال الأيام المتبقية من شهر رمضان المبارك، ومواقع رمزية عند الطوائف السنية والمسيحية والعلوية، لإحداث فتنة على مستوى المنطقة، ونقل المعارك إلى لبنان تخفيفاً عن النظام السوري الذي يسعى إلى تصدير مشكلاته إلى خارج سورية، ويسعى لتحقيق ذلك والعملاء جاهزون لتنفيذ أهدافه ومنهم رؤساء الأحزاب والكتل السياسية والوزراء. وكم من الغرائب صنعها النظام السوري في لبنان ومنها صنع الوزراء العملاء. [email protected]