من المسلّم به أن اليهود في أمريكا يسيطرون بشكل كامل على الإعلام، مسموعه ومقروئه ومكتوبه، كما يسيطرون على الصناعة السينمائية في هوليود، وهذا ما يفسر التواجد الكثيف لهم في هذه المجالات من مذيعين ومقدمي برامج وفنانين وممثلين ومنتجين ومخرجين، والغريب أنهم يعترفون بذلك، ونظراً للترابط الكبير والمنظّم للأقلية اليهودية في أمريكا فإنهم يخدمون بعضهم بعضا، ولذا فإنه ليس غريباً أن تعطى الفرصة لأحدهم وهو بربع موهبة على حساب أحد آخر كامل الموهبة، وقد سُئل أحد الأثرياء اليهود من منتجي هوليود عن هذه الظاهرة، فقال إننا نخدم الإنسان اليهودي إذا كان موهوباً، أو كان لديه الاستعداد لأن يكون موهوباً، ولكننا لن نستقطب أحداً منا إذا لم يكن لديه الحد الأدنى من الموهبة أو الاستعداد، لأننا بهذا سنظلمه ونظلم أنفسنا! تذكّرت كل هذا وأنا أتابع حماس المجتمع الدولي لتسويق السيد مناف طلاس لأن يكون سياسياً يملأ بعض الفراغ بعد رحيل الأسد، إذ من الواضح أنه كان الخيار الأمثل لكل الأطراف الدولية المتصارعة على التراب السوري، فهو من عائلة سنية، ولكنها كانت مقرّبة للنظام العلوي، فوالده، كما فاروق الشرع وغيرهم، كانوا واجهات استخدمها الداهية الأسد الأب، للتمويه والتغطية على سيطرة الطائفة العلوية على مقاليد الأمور، وهذا يعني أنه سيكون مقبولاً لمؤيّدي نظام الأسد ومعارضيه على السواء. هذا، ولكن يظل السؤال الجوهري عمّا اذا كان يملك الحد الأدنى من الموهبة في الممارسة السياسية، أو على الأقل لديه الاستعداد ليتعلّم فنون الخوض في بحر السياسة المتلاطم؟ ثم هل سيكون مقبولاً لدى أصحاب الشأن، ونعني هنا الشعب السوري، الذي ضحى بالكثير من أجل التخلص من النظام الأسدي البائس؟ كان واضحاً لكل من شاهد السيد طلاس على الشاشة أنه شاب غارق في الرفاهية حتى أذنيه، فقد بدا بقميصه المفتوح، وخصلات شعره المتدلية على جبينه كممثل سينمائي أو مطرب، أكثر منه رجل سياسة، وحتى لو تجاوزنا تلك المواصفات الشكلية - رغم أهميتها- وركّزنا على جوهر ما يقول لاتضح لنا أنه غير مؤهل ليتولى زمام أمور بلد ممزّق تتجاذبه المصائب من كل جهة، فقد بدا أخونا طلاس وهو يتحدث كممثل مبتدئ يستمع لما يقول له الملقن، ولم يكن مقنعاً لأي أحد، وهنا تنطبق عليه مقولة ذلك الثري الهوليودي عندما قال إن استقطاب من لا يملك الحد الأدنى من الموهبة أو الاستعداد ظلم له وللآخرين، ولذا فإننا نتمنى على المجتمع الدولي إن كان يرغب حقاً في إنهاء الأزمة السورية أن يبحث عن بديل آخر ليسوّقه على السوريين، ولا بأس هنا من الاستعانة بصديق! فاصلة: «إن أفضل مكان للإنسان الذي يقف على الحياد في القضايا الهامة والمصيرية هو الجحيم».. دانتي أوليفيري. [email protected] تويتر @alfarraj2