نعم، أنت أيها القارئ الكريم وأنتِ أيتها القارئة الكريمة، أنتما زهور! لكن لا أتكلم من ناحية شاعرية رومانسية، وإنما هكذا يراكم النحل! ليس دائماً طبعاً، بل في حالات معينة. وهذه الحالات يَحسُن أن نعلمها وأن يعلمها الذين يَكثُر النحل حولهم، فمثلاً، هل تعلم أن النحل يرى الألوان ويستجيب لها؟ لهذا لا تلبس الألوان الزاهية لئلا تأتي النحلة متحمسة ظانة أنك أكبر زهرة رأتها في حياتها! ينصح الخبراء أن يلبس الشخص الذي يحتك مع النحل ألواناً باهتة غير ملفتة للنحل، كالأبيض والبيج وما أشبه ذلك من الألوان الخفيفة وأن لا يلبس ألواناً زاهية مضيئة تشبه ألوان الزهور. وعلى نفس المبدأ هذا يَحسُن الابتعاد عن العطور، فالنحلة تستجيب للروائح وستأتي ظانة أنها شمت رائحة زهرة. والروائح العطرية النفاذة لا تستدعي النحلة فقط، بل الأسوأ من هذا أنها تجذب كائناً خبيثاً: الزنابير. كلاهما سيُحلِّق حولك وينزل عليك ليرون ما شأنك، وإذا كنت لا تعرف التعامل مع هذه الكائنات فربما تستفزها وتضطرها للسعك. حتى الوساخة وعدم الاستحمام من الأشياء التي تجذب هذه الكائنات ليس لأن الرائحة حسنة وإنما لأن قوتها تحث النحلة على استكشاف معنى الرائحة. والفرق بين الكثير من أنواع الزنابير والنحل أن النحل أطيب «قلباً» لو صح استعمال الكلمة، فهي لا تلدغ إلا لسبب، فإذا ظنت النحلة أنك مصدر خَطَر فإنها لن تلسع فوراً بل ستطلب منك الابتعاد وذلك بأن «تنطحك» عدة نطحات، فإذا شعرت بنحلة ترتطم بك برأسها عدة مرات فهي ليست ضائعة أو محتارة، بل هي ترسل لك تحذيراً معناه «انتبه وإلا لسعتك»، وأما الدبور فيلسع فوراً لأنه كائن عدواني في الغالب. ماذا تفعل لو أتتك نحلة تتفحصك؟ لو كنت عند خلية فابتعد، لكن غير هذا فالأفضل أن تظل ساكناً أو على الأقل أن تكمل ما كنت تعمل ولكن بهدوء وبلا حركات مفاجئة سريعة تخيف النحلة وتجعلها تنقض عليك بإبرتها. هذا يخص نحل العسل، ولكن هناك أنواعا أخرى مثل النحل الطنان لديها فضول كبير، فإذا رأتك فحتى لو لم تكن أنت خطراً عليها فستأتي لتتفقدك، وطريقتها أن تطير أمام أنفك من اليمين لليسار حتى إذا أشبَعَت فضولها تركتك. وطبعاً مثل أي كائن آخر فإن نحل العسل يحتاج الماء، ولهذا فإن النحل يُرى دائماً عند المسابح وأماكن المياه، لكن إذا شحَّ الماء فإن النحل سينجذب لعرقك! لا يفضل النحل ذلك ولكنه لا يريد الموت عطشاً، فإذا رغبت تَلافي ذلك فضع لها ماءً، مثل أن تدع صنبوراً في الخارج يقطُر أو أن تعبئ إناءً بالماء وتضعه في مكان بعيد عنكم، هذا سيجعلها تتركك وتتجه لتلك المصادر الأصفى. أما إذا وقع الفأس في الرأس ولسعتك النحلة فأول شيء تفعله أن لا تذعر، فاللسعة لن تقتلك إلا إذا كنت تعاني من حساسية مفرطة تجاه سم النحل، بعدها أخرج الإبرة من جلدك، فالنحلة ماتت الآن بعد أن انفصلت الإبرة وتمزقت أحشاؤها، ولكن لا تضغط على الإبرة لئلا تعصر المزيد من السم داخل جسمك. السبب الآخر المهم الذي يدعوك لإخراج الإبرة هو أنها تطلق رائحة قوية في الهواء مهمتها أن تخبر كل رفيقاتها من النحل أنك الهدف، فيأتي النحل يتبع الرائحة وينقض عليك، وهذه يمكن أن تقتل. لا تحاول أن تقفز غائصاً في مسبح وتنتظرهم ليسأموا ويتركوك، فالنحل سينتظر! أولاً تأكد أنك لم تطأ على خلية، فالنحل يصنع أعشاشه في الأرض أحياناً، فإذا لدغك النحل «فجأة» فإنك قد آذيتهم أولاً، فإذا تجمعوا عليك فالحل بسيط: اهرب! أطلق ساقيك للريح واركض واركض حتى يمل النحل من ملاحقتك ويرجع لخليته، فالنحل غالباً لا يلاحق لأكثر من 400 متر. نصائح لعلها تنفع، لهذا إذا كنت من ذوي اللياقة الضعيفة وتعيش في مناطق يكثر فيها النحل فابدأ برنامجاً رياضياً من الآن، فقد لا ينقذك من النحل إلا ساقاك!