موت صهر الرئيس السوري بشار الأسد وموضع ثقته آصف شوكت وعدد من كبار رجال الرئيس السوري يشير إلى بداية انهيار نظام الأسد الذي قتل حتى الآن أكثر من 16 ألف سوري. وهذه هي اللحظة المناسبة لكي يتحرك الغرب تحركا حاسما لإنهاء هذه الأزمة. قبل هذا الانفجار كان المجتمع الدولي غارقا في جدل لا معنى له حول تمديد مهمة عمل بعثة المراقبين الدوليين في سورية. الحقيقة أن الجهود التي يقودها الأمين العام السابق للأمم المتحدة لتحقيق السلام في سورية تفتقد إلى القوة أو السلطة اللازمة لإجبار بشار الأسد على وقف قتل المدنيين أو التنحي من أجل تشكيل حكومة انتقالية موسعة. في الوقت نفسه فإن روسيا والصين أعلنتا بوضوح معارضتهما للجهود الغربية الرامية إلى تعزيز تفويض بعثة المراقبين من خلال فرض عقوبات على سورية إذا لم يلتزم الأسد بوقف إطلاق النار. وبدون سلطة أو قوة فإن مهمة عنان بلا معنى. يقول الصحفي السوري المقيم في المنفى رياض شوربجي الذي يجري مقابلات يومية مع سوريين في الداخل عبر نظام الاتصال سكايب «أنا على تواصل دائم مع قادة الثورة على الأرض.. المقاتلون تجاوزوا دبلوماسية عنان، وهم يؤمنون بأن القرارات لن تتخذ في نيويورك (مقر الأممالمتحدة) وإنما على الأرض أو في دمشق». كان شوربجي نجماً شاباً صاعداً يمتلك مجلة ودار نشر في سورية قبل انطلاق الثورة وأجرى العديد من المقابلات الصحفية مع نجوم المجتمع السوري بما في ذلك مقابلة مع أسماء زوجة الرئيس بشار الأسد مرتين. وعندما بدأت الثورة كتب عن أعمال القمع الوحشية لنظام الحكم ضد المدنيين وتم القبض عليه وضربه وبالكاد نجح في الهرب إلى الأردن المجاورة (وقد تم القبض على 3 رجال ممن ساعدوه في الهرب وتم إعدامهم). وتقدم قصته الشخصية تفسيرا لتحول الانتفاضة السورية السلمية إلى تمرد مسلح بسبب القمع الحكومي. يقول شوربجي إن الثوار في سورية اليوم يشعرون بانهم يستطيعون تحقيق أهدافهم من خلال المعارك «وهم ينظرون إلى مهمة كوفي عنان باعتباره ستارة دخان تتيح للحكومات الغربية المترددة تأجيل اتخاذ أي قرار حول تقديم الدعم العسكري للثوار». هناك العديد من الأسباب المفهومة لتردد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تقديم المساعدة للثوار المسلحين. فالأمريكيون الذين مازالوا عالقين في أفغانستان وبالكاد خرجوا من العراق لا يريدون الدخول في صراع جديد في الشرق الأوسط. كما أن المعارضة السورية مشتتة وغير منظمة ولا أحد يعرف من سيقفز إلى السلطة بعد سقوط الأسد. المسؤولون الأمريكيون مترددون في تقديم السلاح للمعارضة السورية لأنهم غير متأكدين من هوية من سيحصل على السلاح في النهاية. وبسبب الموقف الروسي فإن المسار الدبلوماسي لمعالجة الأزمة السورية وصل إلى طريق مسدود. وكلما استمر تردد أمريكا في مساعدة الثوار، زادت احتمالات تحول الصراع إلى حرب طائفية دامية تسفر في النهاية عن وصول حكومة مناوئة لأمريكا إلى السلطة في دمشق. والسبيل الوحيد لتفادي هذا الكابوس هو إقناع بشار الأسد ومعه سورية بأنه لا أمل في هزيمة الثوار وأن عليه التنحي والذهاب إلى موسكو للجوء فيها. وحتى الآن فإن الثوار يحصلون على تمويل غير كاف لشراء الأسلحة. لدى الولاياتالمتحدة عدد صغير من مسؤولي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي أيه) موجودون في تركيا ويمكنهم المساعدة في تحديد من يحصل على الأموال داخل سورية. ويقول النشطاء السوريون إن الوجود الأمريكي في المشهد السوري محدود للغاية بحيث لا يمكنه أن يصنع فارقا. وقد جاء انفجار دمشق الذي أودى بوزير الدفاع ونائبه وعدد آخر من كبار المسؤولين الأمنيين السوريين لكي يعطي الغرب فرصة هائلة لتغيير موقفه من الصراع الدائر هناك. التحول في السياسة الأمريكية يمكن أن يشجع مزيدا من المسؤولين السوريين على الانشقاق. وقد سألت الصحفي شوربجي عما تحتاج إليه المعارضة في سورية الآن. فقال «لا أحد يريد الجنود الأمريكيين على الأرض» لكن الثوار يريدون تحركات أمريكية ملموسة وليس مجرد تصريحات لكي يقتنع الأسد ومعه موسكو بأن واشنطن تريد من الطاغية الأسد أن يتنحى.» كما تريد المعارضة أن يقيم حلف شمال الأطلسي (ناتو) منطقة حظر جوي داخل سورية على الحدود مع تركيا حتى لا تتمكن الطائرات والدبابات السورية من مطاردة الثوار في هذه المناطق. وهناك خيارات أخرى إذا رفض حلف الناتو التدخل جوا في سورية، أهم هذه الخيارات ضمان حصول الثوار على ما يحتاجون إليه من سلاح خاصة الأسلحة المضادة للدبابات والمضادة للطائرات. وإذا وفرت الولاياتالمتحدة التمويل وكثفت اتصالاتها مع الثوار فإنها ستضمن توزيع هذه الأسلحة بصورة أكثر عدالة بين مختلف فصائل المعارضة. وبالنسبة لهؤلاء الذين يخشون من وقوع هذه الأسلحة في الأيدي الخطأ فإن الثوار السوريين يؤكدون أن الدبابات السورية والمروحيات قديمة ولا تحتاج إلى أسلحة حديثة ومعقدة للتعامل معها. يقول شوربجي إن « الرفض الأمريكي للقيام بدور ريادي» يقنع الأسد بأن واشنطن لا تريده أن يتنحى فعلا. وإذا لوحت واشنطن بمحاكمة الأسد أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب سيكون لذلك تأثير كبير. وكلما طالت الحرب زادت النتائج كارثية بما في ذلك لجوء الأسد في حالة يأسه إلى استخدام ترسانته من الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. هذه لحظة واشنطن لكي تقصر أمد هذا الصراع من خلال تقديم دعم أقوى للثوار. وإذا كانت واشنطن تريد كلمة لها في النظام الجديد بعد سقوط الأسد فعليها التجاوب بسرعة مع الحقائق الجديدة على الأرض. (*) (فلاديلفيا إنكوايرر) الأمريكية