لاشك أن الزمان نسيج من السنوات والشهور والأيام والدقائق والثواني التي تمر بنا ونحن واقفون أو نمر بها وهي واقفة لا تتبدل، فالمتغير هو شعورنا بها أو بما تجيء به، برغم علمنا أنه في علم الله قد حسم كل شيء وانتهى الأمر، فالشعور الذي ينتابنا تجاه ما يحدث أننا نستعجل ما نحب ونُفاجأ بما نكره من حوادث الزمان. وقد صدق الشاعر حين قال: الليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيبة والكثير منا يكيل للزمان الكثير من العتب واللوم ومحاولة الانعتاق من هزيمة الاعتراف بالفشل وقد شخص ذلك الإمام الشافعي بقوله: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ ولو نطق الزمان لنا هجانا وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا وقد نجد منا من ينظر إلى الأيام بمنظار أسود يوحي أن لا فائدة ترجى أو تُنتظر فالزمان قال قولته ومتعب التركي في حالة ما نظر إلى الدنيا بهذا المنظار حين قال: كل حاجه طعمها مر في هذا الزمان هم هالدنيا وحنا نعيش لهمّها المكان اللي عرفناه ما عاد المكان والقلوب أحداث الأيام زادت غمّها وقد نظن بأن الزمان هو الذي يختار منا من يستحق الفرح ومن هو محروم منه كما في قول مرشد البذال: يوم الزمان بطربته موجهلي كني مدور حاجتن وأذكروله واليوم طاري الحب خله يولي قلبي على المطراش ريح ذلوله من يوم بان الشيب في عارضن لي والكبر بانت في عظامي افعوله اليوم جزت من الجهاله لعلي مثل الذي في توبته باركوله أيامي اللي من قديم أضحكن لي أقفت كما نشرن بعيدٍ محوله ومن الجميل أن ننصف الزمان من أنفسنا ونعترف أن لا دخل له بتبدل أحوالنا وانتقالها من جانب إلى جانب فالأمير خالد الفيصل وصل إلى هذه الحقيقة حين قال: لمت الزمان ولايم الوقت غلطان حوادث الأيام من فعل أهلها كل يغني مع زمانه على شان هذا يميلها وهذا عدلها يا عايش باللو والليت خسران دنياك ما تسوى حسايف زللها يروح عمرك بين لو كان ما كان والعمر ساعه ما تساوي عذلها وقد نظن أن الزمان يطيب إذا تحقق ما نتمنى وظفرنا بما نحلم به والعكس صحيح كما في قول حمد المغيولي: الا واهني ياللي من الحب ما يهتم يطيب الزمان أو يختلف شين ما همه معافى زمانه لا يهوجس ولا يندم يقضي ليال شباط والقيظ عند امه وأنا اللي عيوني تزعج الدمع دمعه دم واخفي جروح الروح والروح منسمة سبب جاهل لا هوب يصخف ولا يرحم لو اني من أقصى الناس ولا ولد عمه