كثيرا ما تمر الأزمنة الفاضلة وكل واحد من العقلاء يجعلها فرصة يقتنصها أو يقتنص منها ما يكون سببا لفوزه. ومن الناس من يجعلها كغيرها من الأيام، ثم تمضي الأيام وبدون حصيلة تذكر! فيا ترى ما سبب ذلك؟ أهو أننا لا نفكر ولا نحرص على الأرباح والأجور؟! أم أنها الحياة وطبيعتها وبطشها وطيشها؟ كما قال القائل عنها: نصبت لنا الدنيا زخارف حسنها مكرا بنا وخديعة ما فترت وهي التي لم تحل قط لذائق إلا تغير طعمها وتمررت أم أن التفريط والتسويف عشعش في العقول وما علمنا أن أصحاب الضياع والخسائر ما أوقعهم في الضياع إلا «سوف»! أم أنها النظرة التفاؤلية الكاذبة التي نركب سفينتها ولا نعلم أنها تغرق ولا نحاول النجاة، كما أمرنا الله بالتوكل عليه والأخذ بالأسباب، بل نتواكل ونقع في المزالق ونبحث عن النجاة كما قال الأول: ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تمش على اليبس! وكما قال الآخر: ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء! أم أنها النظرة إلى الساعة التي نعيشها فقط ولا نفكر في غيرها؟! أم أنه عيب ونقص في ذواتنا كما يزعم البعض وهو يعيب زمانه وما علم أن العيب فيه، كما قال الإمام الشافعي عن مثل هؤلاء: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا وقد نهجو الزمان بغير جرم ولو نطق الزمان بنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا فرحم الله الإمام الشافعي وما أعظم وصفه لحال الأمة! أم.... أم.....؟ إلى آخر التوقعات والاحتمالات التي من الممكن أن تكون في مثل هذه الأحوال سواء أذكرناها أم لم نذكرها، سواء أرضينا أم أبينا، والزمن كفيل بمن سعى واستغله، والأيام حبلى وسيأتي اليوم الذي يندم فيه من يندم ويفرح في من يفرح «وتلك الأيام نداولها بين الناس» فلماذا لا نحرص على اقتناص الفرص كحال الناجحين في الحياة، ونشمر ولا نضيع الفرص ظانين أنها ذهبت عنا ولم نعلم أنها ذهبت لغيرنا، ولم يفرط فيها بل استغلها واقتنصها واقتنصها..! داعية وباحث إسلامي